توقعت صحف أمريكية أن يتمكن الإسلاميون من تمرير مشروع الدستور خلال الاستفتاء الذى يبدأ اليوم السبت، لكن ليس بأغلبية ساحقة مثل الاستفتاء السابق، مشيرة إلى أن المعارضة هذه المرة تعلمت من أخطاء الماضى ووحدت صفوفها، إلا أن فطرة الشعب المصرى المتدين بطبعه، تجعل تمرير الاستفتاء أمر مفروغ منه، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن الوصول لمرحلة الاستفتاء علامة على نضج المصريين وتعلمهم فنون السياسة. فمن جهتها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال": إن الإسلاميين سوف ينجحون فى تمرير مشروع الدستور الجديد رغم المعارضة المستمرة، لكن هذه المرة لن يكون بأغلبية ساحقة مثل أول استفتاء بعد ثورة يناير 2011، وهذا يرجع إلى قوة المعارضة هذه المرة وتوحدها، إلى جانب أن جزءا كبيرا من الشعب سوف يقاطع الاستفتاء لا لشىء إلا لعدم اهتمامهم بما يجرى حولهم، وهو ما يطلق عليه "حزب الكنبة". وأضافت: إن الإسلاميين -الذين فازوا فى كل الانتخابات منذ الثورة- سوف ينجحون فى تمرير الدستور، وحتى زعماء المعارضة يعترفون بذلك، إلا أن الكثير من المحللين يرون أن تمرير مشروع الدستور لن يحصل على الأغلبية مثلما كان يحدث فى السابق، فبجانب المعارضة التى تمكنت خلال الأسابيع الأخيرة من حشد مؤيديها بالآلاف ضد إجراء الاستفتاء والإعلان الدستورى المكمل، حثتهم حاليا على المشاركة ب"لا" بعدما كانت تدعوه للمقاطعة، هناك ملايين من المصريين الذين ليس لديهم انتماءات سياسية أو توجهات ويشكلون نحو ثلث السكان، وهم الذين يشيرون لأنفسهم على أنهم "حزب الكنبة"، ويعتزمون مقاطعة الانتخابات. وقال سيد محمد (40 عاما) أحد أعضاء هذا الحزب: "هناك من سيقول نعم، ومن سيقول لا، وهناك مجموعة ثالثة وهم الناس الذين يريدون أن يعيشوا فقط ولن يشاركوا فى التصويت". وأوضحت الصحيفة أن التصويت ب"نعم" مع إقبال واسع سوف يضفى الشرعية على حكام مصر الإسلاميين، لكن تمرير الدستور بأغلبية بسيطة يعنى تقليص قدرة النظام الحاكم على تنفيذ بنود الدستور وتطبيق الشريعة، والسماح للمعارضة بالإضرار بالدستور الجديد، فالكثير من الخبراء يرون أن تمرير الدستور بأغلبية كبيرة سيعطى الساسة الإسلاميين سلطة واسعة لفرض الآداب العامة والشريعة الإسلامية، أما العكس فسيضعهم فى موقف صعب. وقال "محمد مينزا" -أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية فى القاهرة-: إن "تمرير مشروع الدستور بنسبة بسيطة سوف يجعل موقف الإسلاميين أكثر صعوبة". وأشارت الصحيفة إلى الدور الذى يقوم به الإسلاميون فى نشر مشروع الدستور وتوزيعه بين المواطنين للتعريف بمواده المختلفة للرد على ادعاءات المعارضة التى تقول إن الدستور يستند إلى تفسيرات غير واضحة فى الشريعة الإسلامية، وتعادى حرية التعبير، وحقوق المرأة، والأقليات، لافتة إلى أن الجيش سوف يراقب الانتخابات بالإضافة إلى المنظمات والهيئات المستقلة لضمان نزاهة الاستفتاء، معتبرة أن موقف جبهة "الإنقاذ الوطنى" بالمشاركة فى الاستفتاء يضفى مزيدا من الشرعية على الدستور الجديد. أما صحيفة "واشنطن بوست" فأشادت بذهاب المصريين للاستفتاء على الدستور، وقالت: إن هذا علامة على نضوج المصريين وتعلمهم فنون السياسة، مشيرة إلى أن الحلول الوسط التى تجعل جميع الأطراف سعداء هى الحل الأمثل لخروج مصر من عنق الزجاجة. وأضافت الصحيفة: إن "مشاركة المعارضة فى الاستفتاء على الدستور وعدم مقاطعتها له، يشير إلى أن المصريين رغم اختلاف مشاربهم السياسية أصبحوا الآن يلعبون سياسة"، داعية واشنطن إلى أن تلعب دور التوجيه دون التدخل. وأوضحت الصحيفة أن الإسلاميين والليبراليين العلمانيين فى حاجة إلى أن يتعلموا أن التسوية ليست كلمة سيئة، فهى علامة على وجود صفقة جيدة تجعل كلا الجانبين راض، فالمصريون على كلا الجانبين فى حاجة إلى البقاء فى اللعبة السياسية، وينبغى التصديق على الدستور الجديد، وستجرى بعدها انتخابات برلمانية فى غضون 60 يوما، وهذا يمنح المعارضة فرصة جيدة للبقاء فى المشهد السياسى من خلال محاولة الوجود فى البرلمان بقوة، بعدما فقدته قبل عام ونصف العام. ولفتت الصحيفة إلى أن المشكلة التى تواجه العلمانيين والليبراليين فى مصر هى أن الكيان الوحيد الذى يتمتع بالقوة بجانب الجيش هى جماعة الإخوان المسلمين التى تستطيع السيطرة على قواعد اللعبة السياسية، بفضل قوتها فى الشارع فى ظل هامشية الدور الأمريكى فى السياسة الداخلية بمصر بعد اندلاع الثورة مقارنة بدورها الرئيسى فى أثناء حكم الرئيس المخلوع.