أسعى للقاء أعضاء تأسيسية الدستور فى مصر لتبادل الخبرات بنى وليد أصبحت الآن فى حضن الدولة وتحت سيطرتها نحن سعداء بفوز أوباما لأنه تعامل مع الثورة الليبية بإيجابية منذ البداية ما أثير حول "كوماندوز" مشترك مع الإدارة الأمريكية غير صحيح بالمرة شهدت ليبيا أحداثا متتالية مؤخرا؛ كان أهمها اختيار حكومتين خلال أسبوعين متتالين ومنح الثقة لحكومة على زيدان، مرورا بعمليات اقتحام مقر المؤتمر الوطنى العام -الهيئة التشريعية المنتخبة- وتعطيل جلساته، لينتهى المشهد بأحداث بنى وليد الدامية التى غابت فيها الحقيقة، انتهاء بملف لجنة إعداد الدستور الليبى وهل سيتم تعيينها أم انتخابها؟ وهل الشريعة الإسلامية ستثير جدلا مثلما حدث فى مصر؟ هذه الملفات طرحناها على الدكتور جمعة عتيقة -نائب رئيس المؤتمر الوطنى العام الليبى: * بداية، ما سبب زيارتكم لمصر فى هذا التوقيت؟ - الزيارة غير رسمية، وتهدف للمشاركة فى مؤتمر حول كيفية كتابة الدساتير فى دول الربيع العربى والذى شاركت فيه عدة دول منها تونس وليبيا، خاصة أن إعداد الدستور وصياغته من الأمور المهمة والجدلية بعد الثورات، وأنا بصفتى ناشط حقوقى أحاول البحث عن حل لملف حقوق الإنسان وتضمين ذلك فى الدستور الجديد، ونحاول من خلال المشاركة فى هذه المؤتمرات الاستفادة من تجارب الدول التى مارست العدالة الانتقالية وخطت خطوات كبيرة فى هذا الملف ونحن فى ليبيا فى أشد الحاجة لهذه الخبرات مثل تجربة جنوب إفريقيا، لأننا عانينا كثيرا بعد إعلان التحرير من انتهاكات حقوق الإنسان. * هل ملف حقوق الإنسان فى ليبيا شائك ومعقد؟ - حدثت انتهاكات فى حقوق الإنسان من قبل الثوار أنفسهم بدافع الانتقام، والدولة بعد التحرير مباشرة لم تبسط سيطرتها الأمنية على كل المدن، وهذا الملف من أهم الملفات التى تواجهنا خلال المرحلة الحالية، والملف شابته تجاوزات عدة، وعلى الثائر ألا يتصور أنه يحق له ما لا يحق لغيره، والانتهاكات التى حدثت لم تتم بمنهجية وجاءت متفرقة نتيجة الانفلات الأمنى، والأهم الآن هو كيفية معالجة هذه التجاوزات وتفعيل مبدأ المحاسبة. * أحداث مدينة بنى وليد.. صاحبتها تصريحات متضاربة ومغالطات كثيرة.. كيف كانت الأوضاع على الأرض؟ - لمعرفة الحقيقة نرجع للوراء قليلا، منذ اندلاع الثورة قام القذافى وعائلته باختطاف المدينة وإقناع أهلها بعدم المشاركة فى الثورة، بل الانقلاب عليها، وبالفعل تحصن القذافى فى المدينة بعد فراره من طرابلس لينتهى به الحال فى مدينة سرت، وبعد مقتل القذافى تجمع أعوانه فى بنى وليد وأخطأ المجلس الانتقالى عندما ترك المدينة منذ إعلان التحرير دون فرض سيطرته عليها ظنا منه أن ليبيا أغلقت صفحة القذافى، والأحداث الأخيرة ما هى إلا محاولة من هؤلاء الأعوان للانقلاب على الثورة واستكمال اختطاف المدينة وأهلها ليكونوا أشبه بحكم ذاتى وهو ما رفضه المؤتمر العام وكلف وزارتى الدفاع والداخلية بإنهاء الأمر وتطهير المدينة والقبض على الجناة ومن ثم اشتعلت الأحداث، أما تضارب التصريحات فقد جاءت نتيجة عدم التثبت وحالة الإرباك التى أصبنا بها جميعا نتيجة تضارب الأنباء من عدة مصادر. * أهالى بنى وليد اتهموا الجيش الوطنى بالقيام بأعمال نهب وتخريب ما تعليقك؟ - بالفعل حدثت تجاوزات كثيرة داخل المدينة وهذه مسئولية الحكومة، لكن عمليات النهب والتخريب لم تكن من أفراد الجيش -حسب معلوماتى- إنما جاءت بدافع انتقامى، ربما يكون من أهالى الضحايا الذين قتلوا على أيدى أعوان القذافى فى بنى وليد، ونحن كمؤتمر عام كلفنا لجنة للتحقيق فى أحداث بنى وليد وتقديم الجناة للعدالة حتى ولو كانوا من أبناء الجيش الوطنى، وأؤكد أن بنى وليد أصبحت الآن فى حضن الدولة وتحت سيطرتها. * من الأحداث التى أثارت جدلا مقتل السفير الأمريكى فى بنغازى.. والبعض قال إنها ستكون ذريعة الولاياتالمتحدة للتدخل فى شئون ليبيا.. ما ردك؟ - نحن نأسف جدا لما حدث للسفير الأمريكى ستيفن كريستوفر والذى ذكرت بعض التقارير أنه مات مختنقا من آثار الدمار الذى لحق بالقنصلية الأمريكية فى بنغازى، وأنا كرجل حقوقى لا استطيع اتهام أحد قبل الانتهاء من التحقيق القائم الآن، أما عن كونه سيكون ذريعة للغرب للتدخل فى شئوننا فهذا لن يكون، وظهر ذلك فى رد فعل الإدارة الأمريكية على الحدث وتعاونها مع السلطات الليبية لمعرفة الجانى الحقيقى وتقديمه للعدالة. * هل فوز أوباما بفترة ثانية سيدعم هذا التوجه تجاه ليبيا؟ - نعم، ونحن بالفعل سعداء جدا بفوز أوباما لأنه تعامل مع الثورة الليبية بإيجابية منذ البداية، كما أنه تعامل مع حادث بنغازى بعقلانية وتفهم كبير ما يؤكد أن التعاون سيكون هو شعار المرحلة القادمة مع الإدارة الأمريكية. * هل تجاوزات حقوق الإنسان يمكن أن تكون ذريعة أخرى للتدخل الغربى فى شئونكم؟ - لم يثبت التاريخ أبدا أن المجتمع الغربى تدخل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، إنما يتدخل لمصالحه فقط، والعراق وأفغانستان أكبر دليل على ذلك، والغرب عموما وأمريكا خصوصا ليس من مصلحتهم حدوث فوضى فى ليبيا. * هناك تنسيق بينكم وبين الإدارة الأمريكية فى تفعيل الجيش الوطنى.. ما طبيعة هذا التنسيق؟ - مؤسسة الجيش كانت من المؤسسات التى تضررت كثيرا جراء الأحداث التى اضطررنا فيها لحمل السلاح، وظهر ضعف هذه المؤسسة فى التعاطى مع أحداث العنف فى البداية، وتطور أداء الدفاع والداخلية بعض الشىء، لكن بالنسبة للتعاون الدولى فى البرامج العسكرية يقف عند حد تبادل الخبرات والمنح التدريبية وهذا متعارف عليه دوليا، ونحن نستذكر الدور الذى قامت به الدول الشقيقة والمجتمع الدولى فى تقديم منح للضباط والدارسين فى الكليات العسكرية لكن ما اثبر حول "كوماندوز" مشترك مع الإدارة الأمريكية غير صحيح بالمرة. * أنت مكلف بمتابعة ملف لجنة إعداد الدستور التى سيتم تشكيلها خلال أيام.. ما آخر التطورات؟ - نعم، سنبدأ فى تشكيل لجنة إعداد الدستور والتى نسميها عندنا لجنة ال"ستين" بعد أداء الحكومة اليمين الدستورية، وهناك جدل حول هذه اللجنة حاليا حول هل سيتم اختيارها بالانتخاب أم بالتعيين، ونحن فى المؤتمر حولنا هذا الأمر للجنة التشريعية، وأنا كحقوقى وكنائب لرئيس المؤتمر أسعى فى الفترة الحالية لزيارة أعضاء الجمعية التأسيسية فى مصر لتبادل الخبرات والاستفادة منهم، ولا يفوتنى هنا أن أثنى على هذه الجمعية -رغم ما تعرضت له من ضغوط- إلا أنها أنجزت فى كتابة الدستور. * من يتحكم فى توازن القوى داخل المؤتمر؟ وهل هناك صراع كيانات؟ - نحن لسنا برلمانا إنما مؤتمر تأسيسى لفترة محددة لمهام معينة، وهو ما يؤكد أن المؤتمر ليس ساحة للصراع والتنافس، لكن الأفضل الاتحاد والحوار بيننا، والحقيقة لا يوجد صراع داخل المؤتمر فالكتل الكبيرة مثل العدالة والبناء وتحالف القوى الوطنية وكتلة المستقلين متعاونون ويسعون للمصلحة الوطنية. * كيف يمكن تجاوز تشكيل الحكومة والتحديات التى تنتظرها؟ - حكومة على زيدان لها ميزة ربما تمكنها من إنجاز الكثير وهى أنها أول حكومة منتخبة فى تاريخ ليبيا وأنها راعت التوافق الوطنى، أما بالنسبة للتحديات فبعضها راجع لأداء الحكومة الانتقالية وعلى رأسها الملف الأمنى والاقتصاد والمصالحة الوطنية وتوفير مستوى معيشة يرضى الليبيين، القضاء على الفساد المالى والإدارى الذى ما زال -للأسف- موجودا فى عدة مؤسسات. * يتوقع كثيرون أن يكون الإخوان فى مقدمة الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة كيف سيكون التعامل مع هذا الأمر؟ - أنا شخصيا لا أتخوف من وصول الإخوان للرئاسة، وعلى الشعب كله أن يقبل هذا ما دام جاء عبر صناديق الاقتراع من خلال انتخابات نزيهة وشفافة، فإذا أردنا أن نتحول إلى دولة ديمقراطية حديثة علينا أن نقبل بنتائج الانتخابات أيا كان الفائز، بل علينا مساعدته وعدم وضع العراقيل فى طريقه مثلما يحدث فى بعض البلدان التى تريد أن تحكم على التجربة خلال شهرين أو ثلاثة، الأصل أن الفصيل الفائز فى الصندوق عليه أن يأخذ فرصته كاملة ثم بعدها نحاسبه.