هناك مقولة شهيرة فى عالم التسويق وهى "إن القضية عادلة ولكن التسويق سيئ" وأشهر الأمثلة على ذلك هى القضية الفلسطينية التى تعانى من سوء الإدارة، وسوء التسويق، رغم أن اليهود المحتلين يقومون بتسويق الموضوع على أنه إرهاب وليس احتلالا.. ديمقراطية وليست ديكتاتورية، دفاعا عن النفس وليس عدوانا آثما. القرارات السياسية فى مصر مؤخرا شبيهة بالقضية الفلسطينية من حيث تسويق القرارات التى أصدرتها السلطة التنفيذية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة ومؤسسة مجلس الوزراء. القرارات فى مجملها تدافع عن الثورة والديمقراطية والدولة المدنية.. ولكن انظر حولك ستكتشف أنه تم تزييفها بوعى أو دون وعى؛ لكى تكون قرارات معبرة عن الماضى، ومثيرة للتساؤلات، ومحبطة للآمال. الكثير يرون القرارات السياسية الأخيرة على أنها تعبر عن نوايا حسنة لكنها ربما جاءت فى توقيتات غير مناسبة أو صيغت بطريقة غير معبرة عن النوايا الحسنة سابقة الذكر. يجب أن يتمتع صانع القرار قبل متخذه بخيارات عدة، وبهامش من الحركة يسمح له بالنقاش والحوار والتعديل والتحسين والتجويد والتراجع أحيانا، ولكن فى اللحظة المناسبة التى لا تُوقِع من اتخذ القرار فى مأزق أخلاقى أو إنسانى قبل المأزق السياسى. كل صناع القرار فى العالم يتمتعون بهامش حرية يسمح لهم بدراسة الموضوعات المطروحة دون ضغوط، والتفكير بصوت عال وربما مختلف عن توجهات متخذ القرار حتى يتمكنوا من بحث الخيارات وتحليلها، وتقديم البدائل حسب أولويتها وأهميتها، وعادة ما يتم تلخيصها فى 3 خيارات مرتبة حسب الأولوية مع شرح وافٍ للمكاسب والخسائر فى كل بديل، ووضع خطة للتعامل مع سلبيات القرارات بأقل كلفة سياسية ممكنة. ما نراه اليوم يوحى بأن صناع القرار إما أنهم ليسوا فريقا واحدا متنوعا يتمتع بالخبرة الكافية، أو أن سقف مقترحاتهم مرهون بإرادة متخذ القرار، ومن ثم ما يقدمه هذا الفريق هو ترجمة لرغبات متخذ القرار وتقديم تبريرات لما يريده. أحدث هذه القرارات هو رفع أسعار بعض السلع فى هذه الظروف الساخنة والملتهبة، ربما يكون رفع أسعار تلك السلع أمرا حيويا لإنعاش الاقتصاد وتدبير موارد مالية نحتاجها لسد عجز هنا أو هناك تحتاجه الفئات الأشد فقرا فى المجتمع. وربما يكون القرار متوافقا مع سياسة طويلة المدى لتصحيح أوضاع الاقتصاد المصرى، ولكن النوايا الحسنة جعلت منه قرارا انتهازيا ومعيبا يحتاج إلى تدخل الرئاسة، وهذا يعنى خصما من رصيدها. ------------------------ د. حمزة زوبع [email protected]