* تصريحات الزند مجرد مهاترات لا أساس لها على أرض الواقع * المحكمة الدستورية تتبنى مواقف سياسية لهدم مؤسسات الدولة * ديكتاتورية الأقلية تريد فرض وصايتها على البلد * باب السلطة القضائية من أفضل الأبواب على الإطلاق أكد محمود فرحات -المستشار بهيئة قضايا الدولة، عضو المكتب التنفيذى لحركة قضاة من أجل مصر، وأحد أعضاء لجنة الدعم الفنى للجمعية التأسيسية لوضع الدستور- أن عدد القضاة الذين سيشاركون فى الاستفتاء على الدستور كبير جدا، مشيرا إلى أن مقاطعة بعض القضاة تخلٍّ صريح عن الواجب الوطنى. وقال: إن ما يردده نادى القضاة حول المقاطعة مجرد مهاترات لا أساس لها، مؤكدا أن عدد القضاة الذين وافقوا على الإشراف على الاستفتاء كافٍ. وانتقد المستشار فرحات دعوة بعض القوى السياسية المواطنين إلى التصويت ب"لا" على الدستور، معتبرا الدعوة بمثابة تضليل للرأى العام تسعى من خلاله إلى استمرار حالة الفوضى فى البلاد. * بعض القضاة أعلنوا مقاطعة الاستفتاء على الدستور رغم قرار المجلس الأعلى للقضاء بندبهم للإشراف على اللجان.. ما تأثير ذلك على المسيرة الديمقراطية؟ لن يكون هناك أى تأثير سلبى كما يحاول البعض تصوير ذلك؛ لأن عدد القضاة وبينهم النيابة العامة يتجاوز 23000 قاض، ونحن نحتاج إلى 8000 قاض فقط للإشراف على الاستفتاء، وقراءة الوضع الراهن تؤكد أن هذا العدد متاح، وبجانب ما أكدته هيئة التفتيش القضائى أن هناك عددا كبيرا من القضاة ورؤساء المحاكم أكدوا رغبتهم فى المشاركة بجانب حركة "قضاة من أجل مصر" التى تضم هيئات قضائية متعددة لا تقتصر على النيابة العامة والمحاكم فقط، وإنما تضم فصيلا كبيرا من الهيئات القضائية؛ مثل مجلس الدولة والنيابة الإدارية. وهؤلاء أكدوا مشاركتهم فى الإشراف على الاستفتاء انحيازا للشرعية لا انحيازا لأى فصيل، وأصدرت الحركة بيانا أكدت فيه أنها على استعداد للإشراف دون مقابل مادى، مساهمة منها فى وصول البلاد إلى حال من الاستقرار، وتلقينا اتصالات من عدد كبير من القضاة فى الصعيد يؤكدون مشاركتهم فى الإشراف دون مقابل مادى؛ وهو ما يعطى مؤشرات إيجابية على سير عملية الاستفتاء دون عوائق. * المستشار أحمد الزند يؤكد أن العدد الأكبر من القضاة يقاطعون الاستفتاء.. ما مدى صحة ذلك؟ التقارير والبيانات الصحيحة لا تصدر إلا عن الجهات الرسمية كالمجلس الأعلى للقضاء، وفقا للقانون، أما النوادى فليست جهة اختصاص لإصدار إحصائيات وبيانات كالتى عرضها المستشار الزند، وهذه الأندية ليس لها صلاحيات تمكنها من الاطلاع على ما تصدره الجهات الرسمية من بيانات، ومن المؤكد أن الأرقام التى أوردها نادى القضاة تفتقد الصحة والمصداقية وتفتقر إلى الشرعية، وهى مجرد مهاترات وتصريحات عنترية ليس لها أساس على أرض الواقع. * كيف ترى امتناع بعض القضاة عن الإشراف على الاستفتاء؟ هذا تخلٍّ صريح عن الواجب الوطنى، خاصة فى هذه الظروف التى تمر بها مصر التى تحتم تجاوز أى خلاف والمساهمة الجادة من كل طرف حتى نعبر بالبلاد هذا النفق المظلم، وأهيب بكل قاضٍ يقرر الامتناع عن الإشراف أن يعيد التفكير مرة أخرى، وألا ينساق وراء الدعوات المغرضة التى تريد استمرار الفوضى الراهنة التى لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون القضاة شركاء فيها. * يرى البعض أن الأزمة الراهنة هى صراع بين القضاة ومؤسسة الرئاسة.. هل تتفق مع هؤلاء؟ المؤسسة الرئاسية أعلنت منذ اليوم الأول احترامها وتقديرها للسلطة القضائية وحرصها على استقلال القضاء، والإعلان الدستورى الذى صدر عن الرئاسة مؤخرا ليس فيه مساس بالقضاء، ولا يخرج عن إطار الشرعية والمشروعية، ويهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للوطن والحفاظ على مؤسساته الشرعية؛ من أجل الانتقال من المرحلة الانتقالية باكتمال مؤسسات الدولة، التى تحاول المحكمة الدستورية بتبنيها بعض المواقف السياسية هدمها يساعدها فى ذلك قوى تتخذ موقفا عدائيا من مؤسسة الرئاسة لا لشىء سوى أحقاد ناتجة عن إخفاقاتها السياسية. * لماذا استمرتعليق العمل فى عدد من المحاكم حتى الآن؟ هذا الموقف فيه إنكار للعدالة كان يجب على القضاة أن يكونوا بمنأى عنه؛ لأنه يضر عمدا بمصالح بسطاء الناس الذين لا ذنب لهم، ولا يجب إدخالهم فى أى صراع سياسى، وفى رأيى لو أن هذا الأمر عرض على أهل الاختصاص فى الدين لأفتوا بحرمته لما فيه من تعطيل حوائج الناس، ولأن القاضى يتقاضى فى نهاية الشهر راتبه دون عمل، ونربأ بالقضاة عن الاستمرار فى تعليق العمل إعلاء لمصلحة الناس وتحقيقا للعدالة، وهى رسالتهم الأولى. * بجانب الدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء.. هناك قوى تسعى لحشد المواطنين للتصويت على الدستور ب"لا".. ما تعليقك؟ هذه الأمور تمثل صراع النّفس الأخير؛ لأنهم وجدوا أن كل محاولاتهم لنشر الفوضى وتصدير الأزمات وهدم المؤسسات الشرعية لن تفلح بعد إقرار الدستور الجديد، الذى يعد اللبنة الأولى لاكتمال مؤسسات الدولة؛ وهو ما يضيع عليهم فرصة إكمال مخططاتهم فى إفشال أول تجربة ديمقراطية فى البلاد وهم يحاولون الآن أن يظهروا للعالم أن هناك شقا فى الصف، وأن هناك مجموعة كبيرة تعارض الدستور والإعلان الدستورى، وهذا ادعاء باطل، فمن رأى مليونية جامعة القاهرة -التى لم تقتصر على جماعة الإخوان المسلمين، التى شملت طوائف كثيرة راغبة فى استقرار الوطن- يقطع بأن المؤيدين هم الأغلبية، وأننا نواجه ديكتاتورية الأقلية التى تريد فرض وصايتها على البلد، ونحن نربأ بالمجتمع أن ينساق وراء هذه الآراء التى تؤدى بنا إلى هوة سحيقة. * أنت عضو لجنة الدعم الفنى بالجمعية التأسيسية.. كيف ترد على مزاعم البعض بأن الدستور "مسلوق"؟ أتمنى أن يخرج الشعب المصرى من دائرة هذه المهاترات، ويقرأ الدستور الصحيح الذى وقع المستشار حسام الغريانى على كل صفحة فيه ليقدر حجم ما بذل من وقت وجهد؛ حيث إنه بشهادة الغرب الذى أكدته صحفه المختلفة أنه من أعظم الدساتير على مستوى المنطقة العربية، ويكفى أن من مميزاته أنه يسمو بروح الشريعة الإسلامية، ويعزز الحريات والحقوق العامة، ويقضى على فكرة الحكم الاستبدادى، وألغى مشروع الدستور المحاكم الاستثنائية إلا فى أضيق الحدود، ووضع ميزانية رئاسة الجمهورية تحت رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، بعدما ظلت سنوات طويلة لا تخضع لأى حساب أو رقابة، وبالمثل تم إقرار مجلس وطنى لمناقشة ميزانية وزارة الدفاع، وجعل نسبة المدنيين فى تشكيله أعلى من العسكريين، كما تم تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، فلم يعد صاحب الصلاحيات المطلقة، فمواد الدستور تعلى مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وتم صياغتها بدقة ودأب وبذل فيها جهد تواصل فيه الليل بالنهار. أطالب الشعب المصرى أن يقرأ الدستور، ويقيّم ما بذل فيه من جهد ثم يخرج، ويقول نعم أو لا، ولكن من الخطأ السماع لهذه الافتراءات، وعلى الشعب أن يدرك أن من يروج تلك الأكاذيب يتعمد ذلك، وسيظل يروج لها لأنهم ليس لهم سوى هدف واحد؛ هو استمرار الفوضى التى تشهدها البلاد، التى ستزول بإقرار الدستور الجديد. * بعض القضاة يعترض على باب السلطة القضائية فى الدستور الجديد، ويزعم تغول السلطة التنفيذية فى اختصاصاتها.. ما مدى صحة ذلك؟ الدستور أكد استقلال السلطة القضائية، وأكدت جميع مواد باب السلطة القضائية هذا الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وفعّلت دورا إيجابيا وحيويا للعديد من الهيئات القضائية التى كانت موجودة وغير مفعلة، حيث كان هناك إهدار للمال العام فى هذه الهيئات دون تفعيل حقيقى للعمل، وفعّل الدستور دور هذه الهيئات بما يتفق مع كفاءة أعضائها، وأسند إليهم مهام واختصاصات تتفق مع طبيعة المجتمع فى المرحلة المقبلة، وهذا الباب من أفضل الأبواب على الإطلاق فيما يتعلق باستقلال السلطة القضائية، وعدم توغل السلطة التنفيذية على باقى السلطات. * وماذا عن وضع المحكمة الدستورية فى الدستور الجديد؟ الدستور الجديد أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وتم إعادة تشكيل المحكمة مرة أخرى التى نحَّت أحكامها فى الفترة الأخيرة منحى سياسيا لا يليق بعراقة هذه المحكمة، وتم تحديد صلاحيتها واختصاصاتها، وأصبح من أهم اختصاصاتها الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين واللوائح، وترك ما يتعلق بتنازع الاختصاصات بين الهيئات القضائية لينظمه القانون. كما تم تعديل تشكيل المحكمة من 19 إلى 11 عضوا فقط، هم رئيس المحكمة، وأقدم عشرة نواب فيها، وتم وضع نص يتعلق بعرض قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية على المحكمة الدستورية قبل إجراء الانتخابات، وخلال 15 يوما يكون من حقها أن تؤكد دستورية تلك القوانين من عدمه.