تابعت بيان القوات المسلحة المصرية واستوقفتنى عبارة مهمة فى البيان هى "وفى هذا الإطار يجدر بنا جميعا أن نراقب بحذر شديد ما تشهده الساحة الداخلية والإقليمية والدولية من تطورات بالغة الحساسية، حتى نتجنب الوقوع فى تقديرات وحسابات خاطئة، تجعلنا لا نفرق بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية وبين الثوابت الإستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التى توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها". والكلام واضح وصريح؛ فالجيش يحذر الذين يريدون الخلط بين متطلبات المرحلة والأزمة الراهنة، وبين القفز على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التى توافق الجميع عليها. الجيش إذن يعى مسئوليته وينبه إلى أن محاولات القفز على القانون والشرعية هى قراءة خاطئة وتؤدى إلى المجهول، هل أفهم من هذا أن الجيش مع الرئيس مرسى؟ قد يكون الصواب هو أن الجيش ليس مع مرسى بقدر ما هو مع خيار الشعب الديمقراطى، الذى عبر عنه فى انتخابات حرة ونزيهة، بمعنى أن الجيش مع أى مؤسسة قانونية تلتزم القانون والدستور، وأى مؤسسة منتخبة انتخابا حرا ونزيها. كما أن الجيش لن يقف مع أى محاولة للخروج على الشرعية المنتخبة، وهذه رسالة واضحة وصريحة لكل من ينادى الجيش بالتدخل، ها هو الجيش يقول بأعلى صوته للبرادعى وغيره، لن نتدخل ضد القانون ولن نتدخل ضد الشرعية المتوافق عليها. والرسالة الأخرى هى أنه يتعين على الجميع التفكير فى حل الأزمة الراهنة وليس القفز عليها باستدعاء الجيش لحل مشاكل الطموح السياسى لدى البعض. ليس مطلوبا من الجيش أن يحمى حدود الوطن وفى الوقت نفسه نستدرجه إلى الانتخابات وحماية المسيرات والمنشآت، ونطالبه بالنزول لفض الصراعات السياسية، الجيش منوط به الالتزام بالشرعية والقانون، ولا يجب أن يتورط فى السياسة؛ لأنه إذا جاء هذه المرة فلن يخرج أبدا، لأنه بالتأكيد تعلم من درس نزوله فى ثورة 25 يناير المجيدة. ليس مطلوبا من الجيش حماية المقرات، ومطاردة المجرمين والبلطجية، بل هذا هو دور الداخلية، وليس مطلوبا من الجيش محاكمة المجرمين على أفعالهم، فهذا دور القضاء والنيابة على وجه التحديد والتخصيص، ويوم أن تتخلى الداخلية والنيابة عن دورهما فإن تدخل الجيش لن يكون فى صالح الديمقراطية؛ لأنه ساعتها سيكون الوطن مقدما على الديمقراطية. على الجميع أن يحل المشكلات والأزمات بعقل السياسى قبل أن تتدخل دبابة العسكرى وتطيح بالجميع. ----------------- د. حمزة زوبع [email protected]