كتب المصرى دستور مصر ووثيقة ثورتها البيضاء التى روى أرض حريتها دماء شباب حلمت بالحرية، وفتحت الطريق أمام أجيال ليست مصرية فقط، بل عربية وإسلامية وعالمية ليضربوا مثلا للإنسان الحر الشريف النظيف الذى كتب بقطرات دمائه قيم الميدان. لم تكن ثورة جياع ولا ثورة من أجل حقوق المرأة المزعومة، أو العنف ضد المرأة التى يمارسها عليه زوجها، كما يروج له المموَّلون، لم تنزل الفتاة من أجل محاربة التحرش، ولم تنزل المرأة لأن معدلات الطلاق أكبر من معدلات الخلع، ولم ينزل السلفيون من أجل تزويج الفتاة ذات السنوات التسع، ولم ينزل الإخوان المسلمون من أجل حكم المرشد، ولم ينزل المسيحيون من أجل أنهم أقلية مهضوم حقها، لكن من نزل حقا هو من سعى إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية باعتباره مصريا، دون تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو المستوى الاجتماعى أو السن. سعى أهل الثورة إلى تكوين دولة القانون والدستور، ودعم الديمقراطية الحقيقية، ليست ديمقراطية الصفوة المصنوعة التى تدعى أنها أحق بالحكم والحكمة ممن خانوا الوطن بنهب ثرواته، وتضليل عقول الناس، وقتل قدراتهم، وإذلال كرامتهم، ومارسوا كل أشكال الإقصاء التى يتحدثون عنها، فجاء وقت وضع الدستور من قبل ممثلين عن ممثلى الشعب الذى انتخبهم بانتخابات حرة نزيهة لأول مرة فى تاريخ المصريين، انطلق دستور البلاد بثوابت لا جدال فيها، فالشعب صاحب الحق الوحيد فى تأسيس السلطات التى تستمد شرعيتها منه، ونظام الحكم ديمقراطى يعمق التعددية السياسية، والحرية تتدفق فى شريان حياة المواطن فتحيى فيه الفكر والإبداع، وترتقى به إلى عنان السماء، والمساواة العادلة وتكافؤ الفرص للجميع وحرية تحكمها سيادة القانون، ليس كما كان فى عهد المخلوع من تطبيق القانون على الفقراء دون الأغنياء، وعلى الموظفين محدودى الدخل دون السياسيين وأصحاب النفوذ، نبنى جميعا وطننا من خلال الفرد؛ باحترام كرامته، ذكرا كان أم أنثى، معتبرا الأمومة حصن تصونه الدولة، والمرأة شريكة أساسية فى المكتسبات والمسئوليات، ينطلق الدستور من قاعدة تماسك وطنى أصيل لا يركن لفئة أو فصيل، بما يحمله من ثوابت مدافعة عن شرف الوطن إذا مسه عدو أو عنيد، مدعمة لقيم التسامح والوسطية والاعتدال، محققة لأمن البلاد والعباد، محققة للسلام، تسعى إلى الوحدة العربية مؤكدة على دورنا الريادى فى المنطقة، ونورا للبشرية جمعاء. ------------------------- د. منال أبو الحسن مدرس الإعلام بجامعة 6 أكتوبر