ما يحدث بين إسرائيل وغزة هذه الأيام ليس أمرا عاديا، فالمقاومة أحرجت الصهاينة وغيرت قواعد اللعبة كثيرا، ليس فقط بهطول أنواع متقدمة من الصواريخ على مراكز الجيش والمستوطنات، ولكن بإطلاق صواريخ متطورة من نوع "كورنيت" الخارق للدروع، الذى تسبب إطلاق أحدها على دورية عسكرية صهيونية فى إصابة وبتر أطراف خمسة جنود صهاينة، بخلاف تدمير مصانع وإصابة آخرين، ورد صهيونى نتج عنه مقتل ستة فلسطينيين. التصريح الذى قاله السفير الأمريكى فى تل أبيب دان شابيرو بأن "إسرائيل تملك الحق فى الدفاع عن نفسها وعن سكانها" يعنى شيئا واحدا فقط –بحسب أليكس فيشمان فى صحيفة يديعوت أحرونوت- هو أن أمريكا ستتفهم أية عملية عسكرية إسرائيلية فى القطاع، وأن إدارة باراك أوباما منحت إسرائيل ضوءا أخضر لشن عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة!. فحماس تجاوزت خلال اليومين الماضيين –كما يقول الصهاينة- جميع الخطوط الحمراء، وتسببت بحشر المؤسسة السياسية الإسرائيلية فى الزاوية عشية معركة انتخابات عامة، وأظهرت الجيش الإسرائيلى كما لو أنه مجموعة من العاجزين غير القادرين على توفير الحماية المطلوبة للسكان المدنيين فى المنطقة الجنوبية. وبالمقابل تخشى تل أبيب رد فعل مصر تحديدا بعد الربيع العربى، كما تخشى أن يؤدى شن عملية عسكرية واسعة النطاق على القطاع لقيام حركتى "حماس" والجهاد الإسلامى لاستعمال "الأسلحة الإستراتيجية" التى فى حيازتهما، ولا سيما الصواريخ متوسطة المدى التى يمكنها أن تصل حتى شمالى مدينة هرتسليا [بالقرب من تل أبيب]، ما يعنى تعريض منطقة غوش دان [وسط إسرائيل] كلها لخطر إطلاق الصواريخ. نتنياهو أوعز لقسم "الإعلام والإرشاد القومى" فى مكتبه، بالقيام بحملة دعائية كبيرة تزعم معاناة المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغزة من العدوان الفلسطينية وتم استدعاء السفراء الأجانب فى تل أبيب للقاء نتنياهو، ليبلغهم عدم استبعاد عملية عسكرية واسعة فى القطاع!. السؤال هو: ماذا ستفعل مصر الرسمية والشعبية لو تم ضرب غزة فى عملية غزو موسعة؟ هل سيقتصر الأمر على الصمت الرسمى كما كان يحدث فى عهد المخلوع؟ ويقتصر الرد الشعبى على المظاهرات الاحتجاجية؟ فى تقديرى أن الوضع سيختلف هذه المرة، وربما يكون هناك رد فعل رسمى أقوى أقله سحب سفير مصر الجديد من هناك وطرد سفيرهم، وتقليص الاتفاقات التجارية لأدنى مستوى، وفتح معبر رفح بصورة دائمة لإدخال احتياجات غزة، ناهيك عن التلويح بتعديل بنود اتفاق السلاح العسكرية. أما رد الفعل الشعبى فقد يكون أكثر عنفا، على الأقل فى سيناء؛ حيث ستكثف الحركات الجهادية عملياتها ضد الاحتلال عبر الحدود؛ ما قد يؤدى إلى عودة التصعيد الأمنى فى سيناء. الأهم أن حزب الله قد يدخل على الخط هو وسوريا ربما لخلط الأوراق بعد التصعيد الأخير فى الجولان بتبادل إطلاق صواريخ بين الاحتلال وجهات سورية غير معلوم هل هى حكومة الأسد لصرف الأنظار عن جرائمها ضد شعبها أم أنهم مقاومون ضد النظام تسربوا الى هذه المنطقة. أيا كان الأمر، يجب أن تكون هناك (خلية أزمة) جاهزة فى الرئاسة والأجهزة السيادية وحتى الأحزاب المختلفة لتقديم نصائح محددة للرئاسة للتعامل مع هذه الأزمات أو غيرها.