المثل المصرى الشائع "كل ومد رجليك.. أكلة واتحسبت عليك" ينطبق بشكل كبير على مؤسسة الرئاسة المصرية؛ فالرئيس محمد مرسى لا ينكر جهوده إلا أعمى البصر والبصيرة، وهو مع ذلك كثير الصبر والحلم على مخالفيه وناقديه بالحق أو بالباطل، وهو رافض لاستخدام الإجراءات الاستثنائية فى إدارة شئون البلاد، ويريد أن يتم كل شىء بشكل قانونى وممنهج، حتى لا يجد المتقولون سبيلاً إلى غمزه من قريب أو بعيد. ولكن الفترة التى تعيشها مصر الآن أغرت الكثير من السفهاء والبلطجية والخارجين على القانون ومكدرى الأمن العام ليعيثوا فى الأرض فسادًا؛ خذ مثالاً على ذلك ما يحدث على أرض سيناء وإصرار الرئيس على أن يكون التعامل مع الجناة بالصبر والأناة، فماذا كانت النتيجة؟ غرّهم حلم الرئيس فازدادوا جرمًا وإفسادًا وقتلاً للبرآء من الناس وقوات الشرطة، إلى الحد الذى أعجز قوات الشرطة والجيش والمخابرات فلم تفلح فى القبض على أى من هؤلاء أثناء تنفيذ عملياتهم الإجرامية أو حتى بعدها، وفى كل مرة تخرج التصاريح من وزارة الداخلية أنه جار تمشيط المنطقة بحثًا عن الجناة، وكأن هؤلاء الجناة عفاريت من الجن، يفعلون فعلتهم من حيث يروننا ولا نراهم! المشكلة الكبيرة أننا فى مصر مقبلون على تنفيذ مشروعات ضخمة على جانبى قناة السويس، وأننا نسعى إلى جذب رءوس الأموال الأجنبية لزيادة الاستثمارات فى مصر، وكلنا يعرف أن رأس المال جبان، كما يقول الاقتصاديون، فكيف يكون ذلك كذلك ونسمح لهؤلاء المجرمين بأن يفعلوا فعلتهم ويهربوا ولا تكون ثمة كاميرات للمتابعة والمراقبة والترصد، ولا تكون هناك سيارات قادرة على المطاردة فى الصحراء والجبال، ولا تكون هناك قوات شرطة مدربة تدريبًا عاليًا (لا مجرد مجندون بسطاء)، ولا تكون هناك معلومات متوافرة لدى المخابرات عن تحركات هؤلاء ومخططاتهم الإجرامية. إنهم وببساطة يمكن أن يُفشلوا الكثير من المشروعات التنموية والاستثمارية فى مصر، ومن ثم تذهب وعود الرئيس أدراج الرياح لأنه كان حليمًا معهم أكثر من اللازم، وهو ما يمكن أن يجعل البلد "محلك سر". لقد صرح الرئيس أكثر من مرة بأن استتباب الأمن هو شغله الشاغل، وأن الاستقرار الأمنى هو السبيل لجذب رءوس الأموال الأجنبية إلى مصر، ومن هنا أقول لسيادة الرئيس إن الشعب المصرى قد اختارك وانتخبك بإرادته الحرة لتنتشله من خلال مشروع النهضة من الجوع والفقر والقلق والخوف والمرض إلى الشبع والغنى والطمأنينة والأمن والعافية، وإذا كان ذلك لا يتحقق إلا بإجراءات استثنائية فأهلا ومرحبًا بها من أجل استتباب الأمن واستقرار البلد. إن الفترة الرئاسية الأولى –يا سيادة الرئيس- قد احتُسبت عليك، شئت أم أبيت، فاضرب بيد من حديد على الخارجين على القانون والذين يريدون أن يعيثوا فى الأرض فسادًا، وأنت تعلم أنهم مدفوعون ومأجورون وممولون من جهات خارجية، فلماذا الانتظار إذًا؟ يا سيادة الرئيس احكم وكن فى حكمك قويًا فى غير عنف، لينًا فى غير ضعف، ومن الآخر هى فترة و"اتحسبت" عليك، فلا تجعل للشانئين عليك وعلينا وعلى مصر سبيلا.