فى محاولة لإنقاذ المسرح المصرى من "الانهيار" قررت نقابة المهن التمثيلية عقد مؤتمر لإيجاد حلول لتردى الأوضاع والبحث عن "جبهة إنقاذ" له، فى الوقت الذى اتهم فيه مجموعة من المسرحيين وزارة الثقافة بالتسبب فيما وصل إليه المسرح، الأمر الذى نفاه رئيس قطاع الإنتاج الثقافى بالوزارة، مؤكدا أنه لم يعد للقطاع مصدر للتمويل، وأن أولوياته تتمثل فى صرف مرتبات العاملين بالقطاع. واجتمع عدد من المسرحيين والمهتمين بالشأن الثقافى مؤخرا وأصدروا بيانا أعربوا فيه عن تخوفهم من التردى الذى وصلت إليه حالة المسرح المصرى. وأرجع البيان حالة التردى إلى سوء اختيار بعض القيادات المسئولة عن مسرح الدولة وسوء الإدارة متمثلا فى عقد مسابقات لاختيارات القيادات المسرحية وفقا للقانون دون أن يتم الإعلان عن نتائجها بل تجاهلها. وانتقدوا عدم تحقيق مبدأ استقلالية بيوت وفرق المسرح الذى طالما نادوا به، وسيطرة قطاع الإنتاج الثقافى عليها من خلال استحواذه على كافة السلطات المالية والإدارية والفنية، مما أحدث شللًا تامًّا فى أدائها كما وكيفا، حسب تعبيرهم. وأعرب المسرحيون -فى بيانهم- عن رفضهم لسحب التفويض المالى والإدارى من وكلاء الوزراء الذين يشغلون مناصب رؤساء البيت الفنى للمسرح وقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، وإسناد الأمر إلى رئيس قطاع الإنتاج الثقافى بمجرد توليه مهام منصبه، ليبدأ بذلك عهدًا جديدًا من الفوضى فى المؤسسة المسرحية، حسب وصفهم. وذكر البيان أن أحد أسباب التردى هو عدم اتخاذ أى إجراءات جادة لدعم ميزانية البيوت الفنية فى بنود الأجور الثابتة والمؤقتة، مما أدى إلى تقليص إنتاجها، ومن ثم فقر الحركة المسرحية. وأضاف أنه على الرغم من توقف مهرجان القاهرة الدولى للمسرح والمهرجان القومى للمسرح منذ عامين، إلا أن الميزانية -التى كانت مخصصة لهما والتى تردد أنها حوالى 15 مليون جنيه- ظلت سرية حتى الآن، لا يعرف المسرحيون شيئا عن وجودها أو كيفية إنفاقها وبنود صرفها رغم توقف الإنتاج المسرحى توقفا يستحيل إنكاره أو تجاهله. وتساءل البيان عن سبب إقامة الوزارة مهرجانين للهواة والمستقلين من شباب المسرح فى ظل هذه الأزمة المالية، دون وجود معايير أو ضوابط فنية. وطالب المسرحيون بإقرار مشروع يتضمن معايير وضوابط محددة ومعلنة لدعم مؤسسات المجتمع المدنى المسرحية، تشترك فى وضعها لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة مع ممثلين للنقابة والبيت الفنى للمسرح، على ضوء مناقشة المشروع المقدم من مجموعة الفرق المستقلة لدعم هذه المؤسسات. وفى هذه الأجواء، قرر الفنان أشرف عبد الغفور -نقيب المهن التمثيلية- عقد "المؤتمر القومى للمسرح المصرى"، منتصف نوفمبر المقبل للبحث عن حلول للأزمة. وفى المقابل، نفى د. خالد عبد الجليل -رئيس قطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة- تقليص ميزانية المسرح، مشيرا إلى توقف الدعم الذى كان يحصل عليه القطاع والمقدر بنحو 3 ملايين جنيه سنويا من وزارة المالية، بالإضافة إلى تثبيت العاملين فى البيت الفنى وتعيين أوائل الخريجين، ما أدى إلى زيادة الأعباء وأصبح القطاع بلا مصدر للتمويل. وقال عبد الجليل فى تصريح خاص ل"الحرية والعدالة": "فقررنا أن تكون أولوية المصروفات هى مرتبات العاملين قبل أى شىء وتأجيل الحوافز والجهود والمكافآت الثابتة إلى نهاية العام المالى الجارى". وأضاف "كيف أقوم بدفع حوافز ومكافآت فى الوقت الذى أواجه فيه أزمة فى دفع الرواتب؟". وأيد عبد الجليل عقد مؤتمر لمناقشة قضايا المسرح للنهوض به، مشيرا إلى أنه سيحترم أى رأى يهدف للارتقاء بالمسرح. وقال: "لكن عند ما نتحدث يجب أن يتم ذلك بشفافية وفقا لمعلومات وليس أقوال مرسلة"، مشيرا إلى أن البيان الذى وقع عليه مجموعة من المسرحيين افتقد معرفة الحقائق المهمة. وردا على اتهام المسرحيين له بالسيطرة على الأمور المالية والإدارية أوضح عبد الجليل أن رئيس قطاع الإنتاج الثقافى هو وكيل أول الوزارة وهو الشخص التالى للوزير مباشرة، بينما رؤساء البيوت غير مفوضين بالصلاحيات نفسها على الرغم من أنهم وكلاء وزارة، وهو شىء مرتبط بالقانون. وأضاف أن استقلال البيوت الفنية مسألة ليست بيد رئيس قطاع الإنتاج الثقافى، فهى إدارات مركزية وليست قطاعات، ومن ثم فإن أى رئيس قطاع لا يستطيع التنازل عن اختصاصاته المالية والإدارية التى سيتم سؤاله عنها أمام القانون، ولا يعتبر ذلك تدخلا منه، ولكنه تقسيم للعمل. وقال: "أرسلت على سبيل المثال خطابا لرئيس البيت الفنى للمسرح لإرسال خطته، أقول فيه فى البند الثالث تحديدا بأن يرسل خطته المالية فقط، حيث إن الشئون الفنية من اختصاصه". وأضاف: "عند ما كنت رئيس المركز القومى للسينما لم أكن رئيس قطاع أى بدرجة وكيل وزارة فقط، ولكنى تمكنت من إعادة هيكلة المركز وأعدت له الدعم والإشراف على المهرجانات، وجعلته المشرف على كل ما له علاقة بالسينما، وذلك وفقا للقانون وليس تجاوزًا على صلاحيات وكيل الوزارة المخولة له صلاحيات الوزير". وأشار إلى أن وزير الثقافة اجتمع مؤخرا فى حضوره مع مديرى المسارح ورئيس البيت الفنى للمسرح ماهر سليم، ووعد بالتدخل لدى وزير المالية لتوفير الاعتمادات اللازمة لتقديم إنتاج ثقافى. ولفت إلى أنه تم أيضا تشكيل مكتب فنى لقطاع الإنتاج الثقافى منذ شهرين به خيرة رجال المسرح، بالإضافة إلى رؤساء البيوت الفنية، حتى لا يكون هناك أى تدخل من قبل أى شخص فى قرارات المكتب الفنى.