- المعلم طه الجزار يبدأ العيد في خامس يوم! - عم عادل جامع القمامة يتعب بالصباح ليُسعد أطفاله بالمساء - العسكري صابر خُيِرَ بين "مضاعفة الراتب" والحصول على إجازة فاختار الأولى فسح .. أكل اللحمة .. تبادل الزيارات .. الاستجمام في البيت .. هكذا يقضي أغلب الشعب المصري العيد، إلا أن هناك فئات من المجتمع تقضي عيدها بشكل مختلف، نظرا لظروف المهنة التي يعملون بها، فتحكم عليهم قضاؤه بشكل آخر مختلف.. "الحرية والعدالة" خالط نماذج من تلك الفئات في ذلك التقرير. عيد نص نص! بدايتنا كانت من أمام مسجد الفتح برمسيس، حيث قابلنا ال"أسطة" مجدي أبو اليزيد "52 عاما وسائق"، منهمكا في مناداة المارة ليحملهم إلى "السيدة عائشة"، فاقتربنا لنتعرف كيف يقضي عيده وسط عمله، فأخبرنا أنه يصلي العيد في مسجد قريب من منزله بالبساتين، ثم يذهب إلى بيته ليفطر مع زوجته وأبنائه الأربع، الذين تتراوح أعمارهم ما بين ال27 عاما وال11 عاما. ويستطرد قائلا: إن أبناءه الصغار يذهبون بعد ذلك إلى اللعب في الشارع، والكبار كل منهم له مهمته، أما هو فيذهب إلى النوم إلى الساعة 1 ظهرا ثم يذهب إلى عمله، ويعود في الساعة 12 مساء، ليجالس أهله قليلاً، ثم يذهب للنوم ليقوى بدنه على مهام اليوم التالي. الأسطه مجدي ارتسم على وجهه وهو يحكي لنا تفاصيل يومه، الهموم ممتزجة ببريق أمل في المستقبل، متمنيا أن يقضي عيده وسط أهله ومعارفه وأصدقائه كغيره من الناس، إلا أنه سرعان ما ساوره شعور آخر فقال: "لقمة العيش مفهاش مضيقة وأهم حاجه يكون عيالي مبسوطين". ويضيف: "من الحاجات اللي بتزيح عن الواحد همه وبتخليه يشيل شويه من العبء هي سعادة الناس في العيد"، مستكملا حديثه: بأن فرحة الأطفال التي تظهر في ملابسهم ووجوهم وألعابهم، فضلاً عن الابتسامة التي دفعت بالقلق من على وجوه الكبار، تجعله هو أيضا وسط أجواء من السعادة والفرحة لفرحة هؤلاء. العيد بعد العيد! أما المعلم طه عبد ربه "الجزرا" الذي تحدث لنا في ثوان معدودة، نظراً للحشود الغفيرة التي في انتظاره أمام المجزر، فيقول: إن العيد بالنسبة له يكون بعد أيام العيد الأربع، نظرا لانشغاله في ذبح العجول والخرفان وتقطيع اللحوم من أول يوم إلى آخر يوم، وطوال الساعات، خاصةً أنه يترك أولاده وأسرته بالكامل في البلد. ويستكمل قائلاً: إن أيام العيد الأربع يقضيها بالكامل في "معمعة" الشغل، والتي تكون على أوجها، فلا يشعر بفرحة العيد على الإطلاق، سوى أنه يحصد الكثير من الأموال، إلا أن العيد يبدأ عنده بعد انتهاء العيد عند الناس جميعا، حيث يأخذ قسطا من الراحة قد تمتد لأسبوع كامل يقضي فيها العيد مع أسرته في الفسح والألعاب وغيرها من الأمور المبهجة. تعب في الصباح .. بهجة بالمساء وفي إحدى شوارع مدينة نصر وقف عم عادل "مجمع القمامة" ينظف الأرصفة، ويلقي بالمخلفات في سلة المهملات التابعة للحي، حيث بدا منهمكا في آداء وظيفته .. عم عادل قال لنا: إنه يسكن في الدويقة، ويأتي ليقضي خدمته منذ الصباح إلى الساعة الثانية ظهرا، ثم يعود بعدها ليتناول وجبة الغداء مع أسرته وينام قليلاً، ثم يأخذ أسرته المكونة من 7 أطفال وزوجته، ليصطحبهم في إحدى الجنائن، ليلعبوا ويمرحوا ويستمتعوا ببهجة العيد، وفي ثاني يوم يصطحبهم لزيارة عائلتهم في بلده بالمنوفية. ويستطرد في حديثه قائلاً: إن أطفاله كانوا يتمنون أن يقضي معهم ساعات العيد كلها، ولكنهم يدركون أنه يسعى ليأتي لهم بلقمة العيش وبعض الأموال التي سيسعدون بها في المساء، والتي لولا عمل الصباح ما تمكنوا من قضاء وقت سعيد في المساء. سعادة مؤجلة ومن إحدى إشارات المرور في غمرة، وقف صابر عيد "العسكري" لينظم سير المرور، وتأمين سلامة المارة، وقال لنا: إنه خير قبل العيد بأن يتضاعف راتبه إذا أخذ وردية في العيد، وأن يأخذ إجازة دون راتب، فاختار الأولى، لأنه في حاجه إلى أن يبني نفسه ويجمع المال الوفير لإتمام زواجه خلال ثلاثة أشهر على خير. ويضيف، أنه استبدل سعادته في العيد بالشقاء والتعب والبعد عن الأهل، حتى يسعد بعد ثلاثة أشهر عندما يتم زواجه على خير. أما عن أسرته فيقول: إنهم يعلمون حاله ويدعون له بالتوفيق، ويلتمسون له العذر لعدم قضائه العيد معهم.