أحمد زهران [email protected] وسقطت حُرمة القضاء! هذا ما حدث بعد حكم المحكمة ببراءة جميع متهمى موقعة الجمل، الذين ركبوا الجمل وأخذوه معهم بما حمل من دماء الشهداء، وحقوق الأبرياء، وصرخات الأمهات، وآهات الثكالى، وأنين الجرحى والمصابين! المستشار القانونى لرئيس الجمهورية محمد فؤاد جاد الله قال على بوابة الأهرام: إن "براءة المتهمين ليست نهاية المطاف". وقال: إن "البديل قائم وموجود". وقال: إن "دماء شهداء الثورة لن تذهب هدرًا". وقال: إن "الرئيس مرسى تعهد بالقصاص للشهداء"؛ ولا أدرى ما الذى أضافه السيد المستشار القانونى لرئيس الجمهورية؟ فنحن نسمع هذا الكلام منذ أكثر من عام ولا جديد! لكنَّ الجديد أن سعادة المستشار صرح بأن لجنة تقصى الحقائق -التى تعمل الآن لجمع المعلومات حول قتل شهداء الثورة- توصلت إلى نتائج إيجابية، وأنه من المقرر أن تنتهى من إعداد تقريرها النهائى بشأن أحداث الثورة قبل نهاية العام. ألا تعلم يا سعادة المستشار أن الصافع ينسى ما لا ينساه المصفوع!! كذلك القاتل ينسى ما لا ينساه أهل المقتول، وأن القتلة ربما يهربون بعد هذا الحكم من مصر؛ فما نفع النتائج الإيجابية التى توصلتم إليها؟ وكيف تضمنون أن يمكث هؤلاء المجرمون فى البلد حتى آخر العام أو حتى أسبوع واحد من الآن؟ أقدِّر أنكم تعملون وتبذلون، ولكن لماذا لم يتم مضاعفة أعداد لجنة تقصى الحقائق لتختصروا بذلك الوقت والجهد؟ ألم تكن هذه فى أيديكم وملك أيمانكم؟! إن الفقهاء قرروا أن سرعة إنفاذ الأحكام تتحقق بها مجموعة من المصالح المهمة، ومنها: أنها تثلج صدر المظلوم، وتجعله يستعيد ثقته فى الدولة والمجتمع والقضاء، بل ترسِّخ انتماءه لبلده، كما أنها لا تعطى الفرصة للظالمين والطغاة لتغيير الأدلة أو طمس الحقائق، أو تهريب الأموال أو غسيلها كما يحدث فى مصر الآن. وقرروا أيضًا أن تأخيرها يترتب عليه الكثير من المفاسد، ومن أهمها أنه سيحرم أهالى الشهداء من الانتفاع بحقهم فى القصاص لدماء ذويهم وهذا ضرر بهم وبالشهداء والجرحى والمصابين، ومن قواعد الشريعة "لا ضرر ولا ضرار"، وأن الضرر يزال، وأن الضرر لا يُزال بمثله. إن الحكم الصادر الأربعاء الماضى سيقر للمجرمين والقتلة أن ينعموا بالحرية بعد الإفراج عنهم، وسيطيل أمد المنازعة بين أهالى الشهداء والمجرمين بما يعنى استمرار حالة الاضطراب فى المجتمع فى وقت نحن فى أشد الحاجة إلى استقراره، إضافة إلى أن هذا الحكم سيزيل حرمة القضاء من نفوس الناس، وزوال حرمته من النفوس مفسدة عظيمة. إذا كان سيادة الرئيس محمد مرسى لم يستخدم إجراءات استثنائية طوال الفترة الماضية، ونحن نقدر له ذلك وكنا نشجعه عليه، إلا أن هذا الوقت يهتف به أنَّ وقت الإجراءات الاستثنائية قد حان؛ فيا ليت الدكتور مرسى يستمع لندائنا قبل أن يحدث فى البلد ما لا تُحمد عقباه.