لم تمر 24 ساعة على قرار صندوق النقد الدولي بالموافقة على الشريحة الثالثة من قرض ال12 مليار دولار بقيمة 2 مليار دولار، يتسلمها خلال هذا الشهر، حتى سارعت حكومة الانقلاب لاستكمال بنود "الخراب الاقتصادي"، بإقرار زيادة جديدة على سعر الوقود مجددا للمرة الثانية على التوالي خلال العام، لتصبح الزيادة الرابعة في عصر الانقلاب العسكري، في الوقت الذي يئن فيه الفقراء من زيادة الأسعار، وانهيار حالتهم المعيشية. يقول المثل العربي، "وقوع البلا ولا انتظاره"، إلا أن المصريين مع السيسي أصبحوا يتمنون الخلاص، لتجد الكثيرين منهم يتمنون الموت أكثر من تمنيهم الحياة، خاصة مع فقدان الأمل في أي طريق للإصلاح في ظل نظام الانقلاب بقيادة السيسي، ومع ذلك يصر السيسي على إحباط المصريين من إلغاء الدعم والرفق بالغلابة، رغم تأكيدات رسمية سابقة بتأجيل ذلك إلى النصف الثاني من العام الجديد. ونقل موقع "هافينجتون بوست عربي"، عن مصادر حكومية، اليوم السبت، أن الحكومة تدرس الموعد المناسب للتطبيق، والذي يتراوح بين 3 و6 أشهر من بداية العام، بزعم ارتفاع أسعار النفط وثبات سعر صرف الدولار. كما كشفت المصادر عن أن رفع الأسعار لن يكون الخطوة الأخيرة؛ بل ستعقبه زيادات أخرى لحين تحقيق الحكومة هدفها المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، بخفض فاتورة دعم الوقود إلى 35 مليار دولار فقط، في الوقت الذي من المنتظر أن تزيد خلاله فاتورة كافة الأسعار من مواصلات وسلع استراتيجية، نتيجة ارتفاع سعر الوقود. السيسي استبق رفع سعر الوقود، بإقرار زيادة سعر تذكرة المرو، في تصريح رسمي اليوم السبت، خلال حضور أعمال الحفر والتبطين بالأنفاق أسفل قناة السويس. حين قال: "مع التكلفة الباهظة لتكلفة حفر أنفاق المترو والتي قد تبلغ 30 مليار جنيه، فإنه لا يمكن استمرار العمل بمثل أسعار التذاكر المعمول بها حاليًا في المستقبل". وأضاف "لا يمكن عمل مشروعات مترو الأنفاق وسعر التذكرة مثل اليوم ولا حتى 3 أضعافها، وأنا جاهز للتنفيذ لو كانت الشركات جاهزة"، وبذلك تتضح الرؤية في رفع سعر تذكرة المترو اعتبارا من أول العام القادم، أي في غضون الأيام المقبلة، كما كشفت مصادر حكومية. تاريخ رفع الأسعار وكانت المرة الأولى التي رفعت فيها الحكومة المصرية أسعار المواد البترولية في نوفمبر من عام 2016، وقد حصلت بعدها الحكومة على الدفعة الأولى من الشريحة الأولى من قرض الصندوق، وقامت مصر في يونيو الماضي بزيادة أسعار المحروقات مرة أخرى، وبعدها أيضا حصلت الحكومة المصرية على الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من قرض الصندوق. وقد أدت زيادات أسعار الوقود المتتالية إلى ارتفاع أسعار الخدمات والنقل وأسعار السلع في السوق المصرية، وهو ما أظهرته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، في ارتفاع التضخم إلى 34.2% خلال يوليو/تموز الماضي فقط على سبيل المثال. ومن المتوقع أن تسهم زيادة أسعار الطاقة خلال العام المقبل، في زيادة أسعار السلع والخدمات مرة أخرى، حيث سيرتفع معدل التضخم مرة أخرى، على أن يعاود معدل التضخم الانخفاض خلال العام القادم. واتفقت حكومة الانقلاب مع الصندوق على خفض فاتورة دعم الوقود في العام المالي الجاري إلى 110.14 مليارات جنيه، وهو ما ضمّنته في موازنتها، بينما بالغت وزارة البترول في تفاؤلها وتوقعت أن تتراوح قيمتها بين 100 و105 مليارات جنيه فقط، خاصة بعد قرار زيادة أسعار المواد البترولية في يونيو الماضي، وكانت تلك الخطة مبنيّة على أساس 55 دولاراً فقط متوسط سعر برميل البترول عالمياً، و16 جنيها للدولار، ولكن ارتفع البترول إلى 64 دولارا للبرميل وبقي الدولار مرتفعا عند 17.70 جنيها، وتوقع خبراء أن تقفز الفاتورة إلى أكثر من 140 مليار جنيه. ضحك على الذقون تأتي الزيادة الجديدة رغم أن سلطات الانقلاب زعمت، في 3 أكتوبر الماضي، على لسان عمرو الجارحي، وزير المالية بحكومة الانقلاب، تعهد الحكومة بعدم رفع أسعار الوقود مجددا خلال العام المالي الحالي- الذي بدأ في يوليو الماضي وينتهي في يونيو 2018- كما أكد طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، في نوفمبر الماضي، عدم وجود أي زيادة جديدة في أسعار البنزين والوقود، وقال إن الأسعار لن تتغير حتى 30 يونيو/حزيران 2018. تصريحات "الجارحي" جاءت بعد أيام من إصدار صندوق النقد الدولي، في 27 سبتمبر 2017، تقرير الخبراء بشأن الإصلاحات المصرية، وقال إنه أعفى الحكومة من أهداف معينة كان ينبغي تحقيقها، في يونيو/ حزيران الماضي، بعضها يتعلق بفاتورة دعم الوقود، لكنه حذر من مغبة الاستمرار في تجميد خطة رفع أسعار الوقود، وقال إن الحكومة أكدت له أنها ستستمر في خطواتها لخفض دعم الوقود. وفي حالة تطبيق الزيادة، فلن تكون هذه المرة الأولى التي تتراجع فيها حكومة الانقلاب عن تعهداتها في هذا الشأن، فقد سبق لوزير البترول أن نفى وجود أي زيادة في أسعار الوقود، مساء يوم الأربعاء 28 يونيو، ثم طبق الزيادة صباح اليوم التالي. وكانت حكومة الانقلاب تتبع سلوكا مشابها في كل الزيادات التي طُبقت في يوليو 2014، ونوفمبر 2016، ويونيو 2017. لكن الصحيفة قالت إنه يبدو أن ضغوط صندوق النقد لم تتوقف قط، فقد أكد الصندوق لدى موافقته قبل يومين على صرف الدفعة الأولى من الشريحة الثانية من القرض المقدم لمصر، ضرورة مضي مصر في خطتها لرفع الدعم عن الوقود. وأوضح المصدر الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الزيادة القادمة في أسعار الوقود لن تكون الأخيرة، "الحكومة ملتزمة بخطة لخفض دعم الطاقة خلال الفترة المقبلة، تهدف إلى تحرير أسعار المواد البترولية بشكل كامل، مع الإبقاء على دعم أسطوانة البوتاجاز فقط". وأضاف المصدر أن ارتفاع سعر النفط عالمياً إلى نحو 64 دولاراً للبرميل، تجاوز السعر المحدد في الموازنة العامة للدولة والمقدر ب55 دولاراً للبرميل. وكان صندوق النقد الدولي قد أشار إلى أن برنامج الحكومة المصرية للإصلاح الاقتصادي، يهدف إلى خفض فاتورة دعم المواد البترولية خلال العام المالي القادم، لتصل إلى نحو 47.2 مليار جنيه. ورفعت الحكومة أسعار الوقود خلال نهاية يونيو الماضي، حيث وصل سعر لتر بنزين 92 إلى 5 جنيهات بدلا من 3.50 جنيهات، ولتر بنزين 80 إلى 3.65 جنيهات بدلا من 2.35 جنيه، ولتر السولار إلى 3.65 جنيهات بدلاً من 2.35 جنيه، وارتفع سعر متر الغاز للسيارات من 160 قرشا إلى 2 جنيه. كما ارتفع سعر بنزين 95 إلى 6.6 جنيهات للتر بدلا من 6.25 جنيهات، وارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 30 جنيها بدلا من 15 جنيها، وأسطوانة البوتاجاز للقطاع التجاري من 30 إلى 60 جنيها.