كشف مصدر بوزارة الخارجية بحكومة الانقلاب أن مصر قدمت خلال الآونة الأخيرة سيلاً من التنازلات من أجل عودة السياحة الروسية إلى مصر، بعدما أثر حادث الطائرة الروسية التي راح ضحية تفجيرها فوق أراضي سيناء 220 روسيا، على حركة السياحة في مصر بشكل كبير. وقال المصدر، الذي كان يعمل مساعدًا سابقًا لوزير الخارجية، في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة"، أن لديه معلومات مؤكدة عن قائمة من التنازلات التي تطمح من خلالها سلطات الانقلاب إلى نيل رضا الدب الروسي، لاستئناف حركة السياحة، بالضغط على الشركات السياحية في روسيا التي هرولت لتركيا، للتنحي عن الوجهة الروسية، والاتجاه نحو شرم الشيخوالغردقة.
قمح ونووي
وكشفت المصادر أن من بين التنازلات إتمام صفقة مفاعل الضبعة، التي تبلغ 26 مليار دولار تسددها مصر على مدار 156 سنة، فضلاً عن تعاقد هيئة السلع التموينية بوزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، على شراء 180 ألف طن قمح روسي لإنتاج الخبز المدعم، والإفراج عن أكثر من عشر شحنات من القمح المسرطن.
ياتي ذلك في الوقت الذي زعمت وزارة التموين بحكومة الانقلاب، في بيان أصدره اليوم، أن ذلك يأتى في إطار تدعيم الاحتياطي الاستراتيجى من القمح اللازم لإنتاج الخبز المدعم، حيث إنه يتم استيراد القمح من عدة دول عن طريق البورصات العالمية وليست دولة بعينها، ويتم إرساء المناقصة على العروض الأكثر جودة والأقل سعرًا.
وأضافت الوزارة أن القمح المستورد لا يدخل البلاد إلا بعد فحصه في موانئ الشحن من قبل شركات مراجعة عالمية، كما يتم فحصه من خلال لجان فنية في الموانئ المصرية.
وقال المصدر في تصريحه إن السيسي وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمزيد من التعاون في الإشراف على الجوانب الأمنية في مطارات القاهر وشرم الشيخ، لتأمين السائحين الروس، فضلاً عن تقديم كافة التسهيلات لاستيراد المنتجات الروسية، موضحة أن تنازلات السيسي تهدف بالأساس لتكوين تحالف مواز للعلاقات التركية الروسية، الذي هيمنت تركيا من خلاله على حركة السياحة الروسية.
التخطيط لضرب السياحة التركية
فيما أعلن تاراس ديمورا، الرئيس التنفيذي لشركة TUI في روسيا ورابطة الدول المستقلة أنه بعد استئناف الرحلات الجوية بين روسيا ومصر يمكن سحب من 10-35% من السياحة الروسية الوافدة إلى تركيا.
وفي حديثه للصحفيين الذي نقله موقع "روسيا اليوم"، قال ديمورا، إنه في هذه الحالة سوف تتنافس مصر وتركيا في الصيف بالتأكيد ولكن سياسة الأسعار المحلية ستلعب دورًا كبيرًا.
وأشار الرئيس التنفيذى لشركة TUI في روسيا ورابطة الدول المستقلة، إلى أنه زار تركيا هذا العام 4.3 مليون سائح روسي وهذا رقم قياسي، حتى إنه أفضل من السنوات ما قبل الأزمة؛ حيث لعبت الأسعار المحلية دورًا كبيرًا، وعمل الكثيرون على خفض الأسعار لجذب السياح.
وعلاوة على ذلك، تتوقع تركيا الآن أن حوالي 6 ملايين روسي سيأتون في عام 2018، حيث يبلغ متوسط سعر الليلة في الفندق التركي من 60: 70 دولارًا يوميًا، فيما يبلغ سعر الليلة في الفندق المصري 30 دولارًا، ولذلك إذا تم فتح الخطوط المصرية سيكون هناك زيادة في الإقبال عليها.
وأضاف ديمورا: "إذا كانت الفنادق المصرية تريد أن تزيد سعر الليلة ما بين 50 و60 دولارًا، فإنها لن تجني الكثير من المال ولن تنافس تركيا".
وكشف الرئيس التنفيذي لشركة TUI في روسيا ورابطة الدول المستقلة تاراس ديمورا أن منظمي الرحلات السياحية الروس يدرسون افتتاح الرحلات الجوية بين روسياوالقاهرة كخطوة وسيطة قبل افتتاح شرم الشيخوالغردقة، وذلك بعد شهر أو شهرين .
وأشار إلى أنه بعد افتتاح خط القاهرة، سنفهم أنه في غضون شهر أو اثنين سيتم فتح خطي الغردقةوشرم الشيخ، وأن بعض المشغلين السياحيين يدرسون الاعتماد على القاهرة في التسويق للمنتجات السياحية المصرية، ولكن يجب أن يكون مفهومًا أن الطلب في هذه الحال سوف يختلف، ومن النادر أن يقوم السياح برحلات بحرية على النيل، وهذا لن يقدم تدفقًا سياحيًا كبيرًا.
خبراء يستبعدون التأثير
فيما استبعد خبير اقتصادي في تصريح ل"الحرية والعدالة" نجاح سلطات الانقلاب في الترويج لعودة الحركة السياحية، ومنافسة الجانب التركي، خاصة أن سلطات الانقلاب تلعب على حبل الإرهاب لتثبيت أركان عرشها، وهو ما يعطي انطباعًا سلبيًا لعودة حركة السياحة، خاصة مع الحادث الأخير الذي راح ضحيته 300 مواطن مصر خلال عملية مسجد قرية الروضة بشمال سيناء.
وأكد الخبير الذي رفض ذكر اسمه، أن حجم التجارة بين روسياوتركيا أكبر من تأثير أي دولة عليه، خاصة وأن مصر ليست بديلاً لتركيا، عن البضائع التي تستوردها روسيا من تركيا، خاصة أن مصر تستورد 70% من احتياجاتها الغذائية من الخارج، فكيف تستطيع أن تصدر لروسيا؟".
ولفت إلى "أن مصر لديها عجز في الناتج الزراعي، فمصر تشهد تراجعًا شديدًا لم تشهده في تاريخها، وارتفاعًا في الأسعار وتضخمًا؛ لأن تلك المنتجات لا تكفي السوق المصرية".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن 50% إلى 60% من المنتجات التركية ليس لها بديل محلي في مصر أو بديل روسي.
وكانت أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدي، أكدت أن مصر لا تستطيع أن تكون بديلاً اقتصاديًا لتركيا لدى روسيا، وإنما تستطيع أن تستفيد من تأزم العلاقات السياسية الروسية التركية وتكون بديلاً اقتصاديًا مؤقتًا فقط.
وشددت في تصريحات صحفية على ضرورة أن تفصل مصر علاقاتها السياسية عن الاقتصاد، قائلةً: "رغم أن العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة سيئة، فإن العلاقات الاقتصادية شيء آخر، ويجب أن تكون بعيدة عن تلك التوترات".
وأشارت أستاذة الاقتصاد إلى أن الاستثمارات التركية كبيرة وتعتبر قوة اقتصادية، وهناك علاقات تجارية تربط بين مصر وتركيا، وتلك العلاقات مفيدة لمصر ولرجال الأعمال المصريين.