زيارة مهمة واستراتيجية وسط ترحاب غير مسبوق من الشعب والحكومة القبرصية بقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي يزور نيقويسيا اليوم، ليلقى كلمة في البرلمان القبرصي.. تلك كلمات الاذرع الانقلابية التي هللت لزيارة السيسي لقبرص، اليوم، وهو ما يخفي التفريط الكبير للسيسي في اراضي وحدود مصر وثرواتها الطبيعية، من أجل النكاية في تركيا، والاعتراف الدولي من قبل اوروبا، التي اعلن برلمانها في 2014 مقاطعة احتفالات السيسي بتنصيبه، وهو ما خالفته قبرص واليونان، التي ضحكت على مصر وحصلت على ما تريده من الدولة العبيطة بقيادة السيسي!! الزيارة التي بدأها السيسي بمثابة مكافاة قبرصية يونانية لمواقف السيسي غير المسبوقة وغير المتوقعة من قبل مصر وكرمها المفرط بالتنازل عن مساجات شاسعة من حدودها البحرية لقبرص واليونان، ما مكن من التواصل المباشر بين اليونان وقبرص وإسرائيل، عبر الحدود البحرية التي وقع اتفقاتها الطرطور عدلي منصور وصدق عليها قائد الانقلاب قبيل قدوم مجلس نواب الدم، الذي صادق على اكثر من 400 قرار وقانون صدروا في غيبته في أقل من ساعة، ما يضعه في مصاف التصنيفات العالمية!!!.
الاتفاقات ضيعت على مصر نحو 240 مليار دولار من حقول النفط في شمشون وافرديت ...وغيرها..بجانب حرمان مصر من عوائد امداد خط الغاز الاسرائيلي لقبرص واوروبا.
كارثة جغرافية
ومثلت عملية تعيين الحدود الشمالية مع قبرص واليونان أكبر كارثة بجغرافية مصر، التي انتهت بتنازل مصر عن حقول الغاز في البحر المتوسط لقبرص وإسرائيل، والتي تضمنت تخلي مصر أيضًا والتنازل عن جزيرة تشيوس لليونان.
وتزايدت مؤخرًا أهمية منطقة شرق البحر المتوسط، حيث ظهرت اكتشافات ضخمة جداً للغاز الطبيعي في هذه المنطقة، جعلتها من أهم مناطق التنقيب في العالم كله.
ففي مارس 2010 هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية قالت إن احتياطيات شرق المتوسط تصل إلى 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، حاليًا بعض التقديرات ترفع الرقم إلى 227 تريليون أو أعلى".
وأوضحت: "في 2009 أعلنت إسرائيل اكتشاف حقل غاز تمار، وفي 2010 أعلنت عن حقل لفيثان، ويبلغ مجموع احتياطي الحقلين 25 تريليون قدم مكعب من الغاز، أحد الدراسات قالت إن احتياطي إسرائيل من هذه الحقول وغيرها تكفي استهلاكها لمدة 150 عاما، وفي 2011 أعلنت قبرص اكتشاف حقل أفروديت بمخزون 27 تريليون قدم، الثلاثة حقول دي وحدها تقدر قيمة الاحتياطي بها ب240 مليار دولار".
التفريط المصري في الجدود البحرية مكن اسرائيل ايضا من اكتشاف واستغلال حقول غاز تقع داخل المياه الاقتصادية المصرية..
وكشفت عدة دراسات منها دراسة العالم المصري د.نائل الشافعي، الذي أكد أن حقليّ لفيثان وأفروديت أقرب لمصر، حيث يبعدان 190 كيلومترا عن دمياط، بينما يبعدان 235 كيلومترا من حيفا، أما حقل شمشون الذي أعلنت عنه إسرائيل في 2012، فهو يبعد عن دمياط 114 كيلومتراً فقط، بينما يبعد عن حيفا 237 كيلومترا".
وفرضت اسرائل رؤيتها بالقوة وبدأت اساتخراج الغاز تحت حماية الياتها العسكرية، فيما ضمن لها السيسي حقها بالتنازل عن الحقول.
وضمت أيضا اتفاقية ترسيم الحدود الشمالية تواصل الحدود البحرية الإسرائيلية القبرصية اليونانية، بما يفوت على مصر مليارات الدولارات، في حال تمديد خط الغاز الإسرائيلي اليوناني، لو مر عبر الحدود المصرية، بجانب أنه ورقة ضغط استراتيجية مفيد جدًا أن تمتلكها مصر على إسرائيل وأوروبا.. فيما الفائدة الوحيدة لمصر هو النكاية في تركيا فقط!!
بجانب ذلك تنازل السيسي عن الشريط البحري بين اليونان وقبرص، في 8 نوفمبر 2014 ، حيث عُقدت "قمة الكالاماتا" في مصر، بين السيسي ورؤساء قبرص واليونان، وخرج عن الاجتماعات "إعلان القاهرة" اللي لم يحتوي على موقف صريح وحاسم، لكن كانت أهم بنوده الاعتراف بمبدأ "مسكونية تطبيق قانون البحار"، بمعنى أنه واجب التطبيق في كل الحالات حول العالم، وهو ما يقوى موقف اليونان في المطالبة بمنح جزيرتها مياه اقتصادية، وفي 9 ديسمبر 2015 عُقدت قمة جديدة بين الرؤساء الثلاثة في اليونان، ووقتها الصحافة الإسرائيلية واليونانية روجت لاعتماد جزيرة كاستيلوزو كأساس للحدود.. وحتى الآن مصر لم تصدر أي بيان رسمي واضح عن المسألة.
اليوم ، وخلال المؤتمر الصحفي ، أثنى عبدالفتاح السيسي، على مواقف وجهود الرئيس القبرصى، نيكوس أنستاسياديس، من أجل التوصل إلى تسوية للقضية القبرصية، مؤكدًا أن هذه الجهود محل تقدير واحترام من المجتمع الدولى، مضيفًا: "حالة عدم الاستقرار التى تشهدها مجموعة من دول المنطقة ساهمت فى توفير الأرض الخصبة لتنامى التيارات المتشددة وتزايد أنشطة الجماعات الإرهابية، واتفقنا على استمرار التنسيق والتعاون بين الجانبين فى إطار التصدى لهذا الخطر.
وشدد السيسي على ثبات مواقف مصر الداعمة للجهود التى تبذلها قبرص من أجل إعادة توحيد الجزيرة، وفق لقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة والقانون الدولى، فى إطار نظام فيدرالى يجمع شطرى الجزيرة فى سلام دون أى تدخلات خارجية.
وهو ما يتصادم مع الثوابت والمواقف التركية، التي رفضت تلك الرؤى في حل القضية....وهكذا الدول العبيطة تدار لصالح غيرها، فيما يحرم أبناؤها من ثرواتها، بل يفرض عليهم الضرائب وترفع اسعار السلع والخدمات بدعاوى الغلاء وارتفاع الدولار!.