من المعروف أنّ السعودية هي البلد الوحيد في العالم، الذي يمنع النساء من قيادة السيارة، وتعتبر القضية قضية رأي عام في المجتمع السعودي، ويفتي عموم مشايخ السعودية، حتى أول أمس، بتحريم قيادة المرأة للسيارة، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى عديدة بتحريمها، إلا أن إعلامي سعودي شطح به "التطبيل" لقرار الملك سلمان الليلة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، إلى اتهام جماعة الإخوان بأنهم وراء قرار المنع! وقال الإعلامي السعودي عبد العزيز الخميس، ، إن صدور قرار ملكي بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة هو دليل على تغيير المملكة، وهو أمر مهم جدًا وسيحجم من أثر الظلاميين الذين كانوا يقفون أمام تطوير الدولة.
وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمرا ملكيا مساء أمس الثلاثاء يقضي السماح للمرأة بتملك رخصة لقيادة السيارة بالمملكة، وهو القرار الذي قد رحب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. قال في بيان نشره البيت الأبيض إن القرار "خطوة ايجابية تجاه حقوق المرأة السعودية والفرص المتاحة لها في البلاد". كما أشادت الخارجية الأمريكية بالقرار معتبرة إياه "خطوة إيجابية في الطريق الصحيح".
الطريف أنه في الوقت الذي اتهم فيه الإعلامي السعودي الإخوان بأنهم منعوا قيادة المرأة للسيارة يعرف السعوديون أن معظم الدعاة والمثقفين الذين ألقي القبض عليهم مؤخرا كانوا يطالبون بالسماح للمرأة بقيادة السيارة!
الإخوان منعوها!
وأضاف "الخميس"، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كل يوم"، المذاع على فضائية "on-e"، أمس الثلاثاء، أن سمعة المملكة العربية السعودية كانت سيئة بسبب منع المرأة من قيادة السيارة وكان لا بد من تغيير هذه الصورة، مشيرًا إلى أن هذا القرار جزء من قرارات مقبلة رائعة في ظل قيادة الملك سلمان.
وزعم أن :"جماعة الإخوان في المملكة كانوا يقفون بكل قوتهم ضد هذا القرار لأنهم ظلاميين ويريدون التخلف للمملكة"، مدعياً أن :"الإخوان يقفون ضد أي تقدم أو تطوير لأي دولة عربية ويريدون أن يحكمون المنطقة"، على حد تطبيله.
من جانبه قال الكاتب الليبرالي السعودي الدكتور علي الموسى، في برنامج “بالمختصر” على قناة mbc، أن المجتمع لازال ينقصه الوعي ولذلك لن يسمح لزوجته ولبناته بقيادة السيارة في السعودية حتى لو تم السماح بذلك رسمياً.
الرد السريع
وتعرف جماعة الإخوان المسلمين بالوسطية الدينية، ولم يصدر طوال تاريخها أي اجتهاد بمنع قيادة المرأة، وسخرت الإعلامية الجزائرية والمذيعة بقناة “الجزيرة”، خديجة بن قنة من السعودية، وذلك على إثر تعيين “حليمة يعقوب” كأول امرأة مسلمة رئيسةً ل”سنغافورة”.
وقالت “بن قنة” في تدوينة لها عبر حسابها بموقع التدوين المصغر “تويتر” مرفقة بها صورة للرئيسة الجديدة ل”سنغافورة”: ” حليمة تتولى قيادة دولة ديمقراطية… عقبال قيادة السيارة عندنا”.
ورغم أن نظام المرور السعودي لا ينص على منع النساء من القيادة إلا أن تراخيص القيادة لا تصدر إلا للرجال.
وفي وقت سابق انتقد رئيس هيئة كبار العلماء، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الصحف التي تدافع عن قيادة المرأة للسيارة، كما أفتى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بتحريم قيادة المرأة، معللا رفضه أن “المحاذير كثيرة وأخطر شيء أنها تعطيها الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء“،على حد قوله.
كما أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بتحريمها قائلاً : “لا شك أن قيادة المرأة للسيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير هذا فضلاً عن أنها ربما تكون سلما وبابا لأمور أخرى ذات شرور فتاكة وسموم قاتلة”.
يشار أن بين السعودية والإخوان تاريخ طويل من الاحتضان تارة والمواجهة تارات أخرى، وقد بدأت العلاقات بين المؤسسيْن خلال لقاء تاريخي بين الملك عبد العزيز آل سعود ومؤسس الجماعة الإمام حسن البنا سنة 1936 واستمرت تنمو بهدوء واطراد.
وهكذا تكامل التحالف بين دولة ناشئة تحتاج يدا عاملة وأقلاما منتجة لتصوغ رؤيتها للتعاطي مع العالم الجديد، خصوصا في مجال وضع الإستراتيجيات التعليمية وصياغة المناهج، وتجديد الخطاب الديني الذي كان وقتها بحاجة إلى تحديث وتطوير.
وقد استمر ذلك المسار لعشرية كاملة قبل أن يتأجج أكثر مع الربيع العربي، وقبل اندلاع الثورات لم تكن السعودية مرتاحة للصعود السياسي لقوى محسوبة على الإخوان في السودان وتركيا وفلسطين، ولكنه ازداد بشدة مع الربيع العربي حيث وقفت السعودية بوضوح في مواجهة هذا الربيع، وسعت للحيلولة دون سقوط بعض الأنظمة مثل مصر واليمن وتونس وليبيا.