بقلم: عادل الأنصاري هناك محاولات مستمرة ودءوبة تبذلها نخب سياسية لترسيخ مفهوم "علمنة الدولة" ومحاولة غرسه فى البيئة المصرية، وتستعمل فى سبيل تحقيق ذلك أدوات إعلامية وفكرية. أبرز هذه الأدوات هو محاولة تسويق مصطلحات جديدة تخرج بأصحابها من حرج المواجهة الصريحة مع المفاهيم الإسلامية المباشرة والسعى إلى صناعة مصطلح جديد على غرار يرونه أقل حساسية لدى الجماهير مثل مصطلح "أخونة الدولة". والبداية كانت فى السابق مع مصطلح "أسلمة الدولة" الذى أطلقه مفكرون علمانيون كثيرون ونظموا له مؤتمرات وندوات وحلقات نقاشية فى محاولة لصناعة رأى عام رافض لما أطلقوا عليه عملية "أسلمة الدولة". إلا أن الحضور الواسع للتيارات الإسلامية، وزيادة نزعة التدين فى المجتمع المصرى عامة، وتبنى تيارات شعبية جارفة ومتسعة ومتنوعة مفاهيم المرجعية الإسلامية فى كافة المجالات، ومن بينها العمل السياسى -ساعدت بنسبة كبيرة على مراجعة النخب العلمانية فكرة التصدى لمفهوم أسلمة المجتمع أو ما أطلقوا عليه "أسلمة الدولة". وكان البديل لديهم هو محاولتهم تسويق مفهوم "أخونة الدولة" بحسبانه أقل صداما بعد أن وجد أصحاب التيار العلمانى حرجا أمام الجماهير فى التصدى ومقاومة مصطلح "أسلمة الدولة". وفى المقابل لمس التيار العلمانى حرجا متقاربا لدى الجماهير من مصطلح "علمنة الدولة"، فكان من المنطق التراجع عن تسويق وسك مصطلح العلمنة باعتباره بديلا عن أسلمة الدولة. وكان الاختيار الجديد هو محاولة تسويق مصطلح بديل، هو "مدنية الدولة"، ومحاولة الإيحاء للجماهير بأن هناك تيارا مدنيا يسعى إلى دولة مدنية مقابل تيار دينى يسعى إلى أخونة الدولة. ومن ثم حاول التيار العلمانى، عن طريق العبث بالمصطلحات، النجاح فى الخروج من ساحة الحرج السياسى التى تجعله فى مواجهة قيم راسخة ومبادئ أصيلة لدى الشارع المصرى حول مفاهيم العلاقة الوثيقة بين قيم الإسلام ومبادئه وأحكامه من ناحية، وبين حركة الدولة والمجتمع من ناحية أخرى. الخلاصة أنه رغم كل هذه المحاولات الخادعة، فإن العمل على استنبات مفهوم علمنة المجتمع أو الدولة فى مصر، لا يمكن أن يحقق نجاحًا يذكر؛ لأنه يمثل محاولات يبذلها أصحابها فى بيئة غير مواتية، كما أن محاولة صناعة مصطلحات بديلة لن تنطلى على الكثير كما يظن صنّاع المصطلحات ومروّجوها.