أقر برلمان الدم، في محاولة لإعادة أعضاء الحزب الوطني المنحل، قانونا ألغى بموجبه الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وسط مخاوف واسعة، خشية عودة سيناريو التزوير، الذي كان يسيطر على الاستحقاقات الانتخابية في مصر، قبيل ثورة 25 يناير 2011. ومرر المجلس- بأغلبية الثلثين في جلسة سريعة تشبه ما كان يفعله كمال الشاذلي وأحمد عز في عهد المخلوع مبارك، ووسط تعتيم إعلامي- قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي هيئة جديدة ستتولى إدارة جميع العمليات الانتخابية، لكن القانون ألغى وجوب الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات اعتبارا من العام 2024. من جانبه قال رئيس المكتب الفني للنائب العام المساعد الأسبق، المستشار حسن ياسين: إن السيسي، رغم عدم استفادته من القانون في الوقت الحالي، إلا أنه يسعى بمثل هذه القوانين إلى "تكريس دولة الاستبداد والديكتاتورية". وأشار- في تصريحات صحفية- إلى أن نظام السفيه السيسي يستخدم هذا البرلمان لإنفاذ ما يراه مناسبا؛ سعيا منه للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية. ديكتاتوري فاسد ويرى المتحدث باسم مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، محمود جابر، أنه "على الرغم من أن القضاة في مصر لم يعودوا كما كانوا في السابق يتمتعون بمصداقية ويكسبون ثقة الشعب، إلا أن النظام يخشى أن يكون الإشراف القضائي عائقا أمام تزوير الانتخابات"، وفق تقديره. وحول "الهيئة الوطنية للانتخابات"، أشار جابر إلى أن "الأمر تطور في كثير من بلدان العالم، فأصبح الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات من اختصاص مفوضية مختصة بهذا العمل تتمتع باستقلالية عن السلطة التنفيذية، وبعيدة عن أي مصالح سياسية تتعارض مع وظيفتهم". لكنه نفى أن تكون بمصر مثل تلك الهيئات، وقال: "هذا لن يحدث في مصر؛ لأن النظام الحاكم نظام قمعي غير ديمقراطي وضد الحريات ولا يحترم القوانين". مصر مختطفة وأشار مراقبون إلى أن القانون الجديد هو لضمان عدم تجربة نجاح 88 من نواب الإخوان في انفراجة عام 2005، وأكد رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، مختار العشري، أن السيسي يفعل في مصر ما يشاء، وينفذ كل ما يخدم مصالحه، وقال: "لأول مرة أسمع أن هناك في مصر قانونا أو أنه تجرى انتخابات كباقي دول العالم"، بحسب تعبيره. وأوضح العشري، في تصريح صحفي، أنه "لا توجد في مصر دولة حتى يوجد دستور أو برلمان أو ما يسمى بالقانون". وأكد العشري أن الدولة المصرية بكاملها قد "تم اختطافها عنوة"، وأن "مصر الآن تحت حكم عصابة تختطفها كما اختطفت رئيسها، وتحرك تحتها بعض العرائس، ويباركها من الخارج من لا يريد لهذا الوطن استقلالا، ولا لشعبها حرية ولا هوية"، كما قال. تجارب مؤلمة وقال علي عبدالعال، رئيس برلمان الدم، إنه :«على جميع الأعضاء أن يثقوا فيما توصلنا إليه بشأن عدم وجود أى عيوب دستورية فى هذا القانون». ويحتاج القانون إلى تصديق السفيه عبدالفتاح السيسي عليه حتى يصبح نافذا، وتشهد مصر انتخابات رئاسية، العام المقبل، ويتوقع أن يخوضها السفيه السيسي سعيا لفترة انقلاب ثانية. ولدى مصر العديد من التجارب التاريخية السيئة مع إشراف السلطة التنفيذية، الممثلة في وزارة الداخلية، ودورها في تزوير الانتخابات لصالح مرشحي العسكر في الانتخابات التشريعية، وتغيير نتائج الاستفتاء على رئاسة الجمهورية. وكانت مصر قد شهدت عام 2010 تزويرا واسعا في الانتخابات التشريعية، كان أحد أسباب اندلاع ثورة يناير، وذلك في غياب الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات. وخاضت مصر أول تجربة حقيقية للإشراف القضائي الكامل على الانتخابات عقب ثورة يناير، أسفرت عن حصول «الإخوان المسلمين» على أكثرية مجلس الشعب.