لقد كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أول زعيم فى العالم يعلن دعمه للثورة المصرية، من خلال طرحه على مبارك أن يتنحى عن الحكم. ولأنه زعيم سياسي ساعد بلاده على النهوض من الركام، يؤمن أردوغان أن الديمقراطية والحكم الرشيد هما الأسس التي تقوم عليها التنمية فى مصر، وتحقق لها وللكل دولة الكرامة والرفاهية أيضا، فقد حثَّ أوباما على عدم دعم مبارك في مواجهة المظاهرات الضخمة التي قام بها الشعب المصري. أيضا قام القادة الأتراك مثل الرئيس عبد الله جول، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو، بزيارة مصر عدة مرات منذ الثورة، وحاليا يقوم الرئيس المصري دكتور محمد مرسي بزيارة تركيا. ومن المتوقع أن تكون زيارة الرئيس مرسي الأولى إلى تركيا دافعا ومساعدا لإرساء وإيجاد أساس لعلاقات أفضل وأقوى بين مصر وتركيا، لذلك سوف نناقش هنا معالم العلاقات الجديدة بين البلدين. بادئ ذي بدء، لا بد من تطوير واضح متبادل، حيث كان هناك انقطاع طويل فى العلاقات بين البلدين خلال معظم سنوات القرن الماضي. فخلال النصف الأول من القرن الماضي، كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني، بينما سيطر عليها الحكم الاستبدادي الديكتاتوري خلال النصف الثاني من القرن. على الجانب الآخر اختار مؤسسو تركيا الحديثة تغريب البلد، وإهمال العلاقات مع معظم العالمين العربي والإسلامي. وكان هناك بالفعل تقارب بين مصر وتركيا قبل الثورة, وبالعودة إلى الثمانينيات ولكنه لم يكن على المستوى المطلوب، ومن الممكن أن تكون العلاقات أفضل من ذلك فى ظل النظام الديمقراطي؛ بسبب تناقص الخلافات الأيديولوجية والإستراتيجية، فلا توجد اختلافات كبيرة أو مشاكل بين المجتمعين المصري والتركي، هذه العلاقات سوف تتحسن سريعا، فتركيا سوف تدعم الاقتصاد المصري عبر القروض والاستثمارات ودعم الإصلاحات فى المجالات المختلفة، كما أن مصر ستكون شريكا على قدم المساواة مع تركيا؛ لحل المشاكل في المنطقة بداية من المأساة السورية. إن الأزمة السورية مع إحجام القوى العالمية عن حلها؛ بسبب المصالح الذاتية لها، يدل على أن شعوب المنطقة يجب أن تأخذ زمام المبادرة لحل مشاكلها بنفسها، فالغرب (الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا) والشرق (روسيا والصين) يهمهم فقط مراعاة مصالحهم بدلا من العدالة، ولذلك فإن التعاون بين تركيا ومصر مسألة حاسمة جدا؛ لنصرة قضايانا العادلة، كذلك فإن المملكة العربية السعودية تستطيع وستنضم للقضية بالتأكيد. ومن ثم فإن التراجع الأمريكي فى المنطقة؛ بسبب الفشل الحادث لها فى العراق وأفغانستان سمح لإيران أن تصبح أكثر تأثيرا فى العراق وسوريا ولبنان والخليج. إن تعاون هؤلاء يمكن أن يحقق توازنا مع النفوذ الإيراني فى المنطقة، الذي يمتد من العراق وسوريا إلى لبنان والخليج. إن النشاط التركي المصري سوف يحقق التوازن في المنطقة، من خلال منعها من التأرجح بين طرفي النقيض، وهما التغريب ومعاداة التغريب. بطبيعة الحال، فإن المشكلة الأكبر في المنطقة هي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ومعاملتها القاسية للفلسطينيين ولا يوجد حل سريع لهذه المشكلة، ولكن يمكن للبلدين العمل معا من أجل التوصل إلى حل الدولتين في الوقت الراهن، ويمكن تثبيط العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. إن صعود الديمقراطية في الشرق الأوسط سيجبر إسرائيل على التكيف مع مطالب المجتمعات العربية، بدلا من إبرام اتفاقات مع الزعماء فقط وراء الستار، ولذلك فإن عودة مصر لدورها الإقليمي الطبيعي وتعاونها مع تركيا ستساهم بالتأكيد على المساعدة في إحلال السلام والتوازن في المنطقة.