تعجب الكاتب الصحفي فهمي هويدي مما ينشر على الملأ من أن التعاطف مع قطر بالقول أو الكتابة يعرض صاحبه للسجن 5 سنوات فى السعودية، كما أن العقوبة تصل إلى 15 سنة في الإمارات، غير غرامة تصل إلى نحو 10 آلاف دولار، موضحا أننا "نعيش في وطن المشاعر فيه باتت تخضع للمحاكمة، والكراهية وحدها صار مسموحا بها ومطلوبة".
وأضاف هويدي خلال مقاله المنشور بصحيفة "الشروق" في عددها الصادر صباح اليوم السبت، أن الصراع الحاصل بين بعض الدول الخليجية وقطر بلغ درجة غير مسبوقة من الحدة والشراسة، لحد حصار قطر من البر والبحر والجو، وإلى حظر التعامل الإنسانى واعتبار التعاطف معها بأى شكل جريمة تعرِّض صاحبها للسجن مع الغرامة الباهظة.
وأشار هويدي إلى أن مواطنا سعوديا آثر السلامة وسارع إلى تغيير اسم ابنه من تميم إلى سلمان (العاهل السعودى)، لأن تسمية طفل على اسم أمير قطر دليل دامغ يدينه فى ارتكاب جريمة التعاطف التى تضيع صاحبها وتخرب بيته"، حتى أن أسرًا واجهت طلبا من الزوجات أو الأزواج القطريين فيها مغادرة البلاد «الشقيقة» المنخرطة فى المقاطعة على الفور. وهو ما سبق أن حدث فى العراق الذى كان الزواج فيه بين السنة والشيعة أمرا عاديا إلى أن هبت رياح الكراهية على البلد، فقطعت الأواصر وعصفت المرارات بتلك العائلات المختلطة.
وأوضح أن المجتمعات الخليجية كانت لها خصوصيتها، التى تمثلت فى تداخل القبائل والعشائر واستمرار التجانس بين مكوناتها، واختفاء الصراعات والخصومات فى محيطها. وهى عوامل ساعدت على احتواء وتسكين الخلافات بما حفظ للبيت الخليجى وتسامحه وتماسكه، إلا أن عوامل عدة عصفت بكل ذلك فيما يبدو. وهو ما يحتاج إلى دراسة وتحليل يرصد تأثير العوامل الداخلية، ومنها الوفرة المالية التى عززت الشعور بالقوة وأيقظت طموحات التمدد وتطلعات الزعامة التى تجاوزت الحدود.
وأكد هويدي أنه نتيجة الغياب الطويل للممارسة الديمقراطية التى تترعرع فى ظلها ثقافة التعايش في الوطن العربي، فإن الاختلاف لم يعد من علامات التنوع والثراء لكنه صار مصدرا للشقاق والكراهية. إذ ضاقت الصدور بحيث أصبح الآخر مرفوضا، وصار الشعار المرفوع هو «إما نحن أو هم»، الأمر الذى روج لثقافة إبادة الآخر أو إخضاعه فى أحسن الفروض. وغدا ذلك ميسورا فى الأجواء الراهنة التى تكفل فيها مصطلح الإرهاب بحل المشكلة.