لا يظن مراقب أن منع الرئيس محمد مرسي من الزيارة يأتي بسبب خوف الانقلاب من أن يدلي بمعلومات سرية للشعب، فلا يوجد شيء يخص الانقلاب ما زال سرا، حيث انتشرت فضائحه بشكل يفوق التوقع. فيما يعلم قادة الانقلاب أن الدكتور مرسي مُصر على الشرعية ويلتف حوله الثوار، ولن يقبل بطعن الثورة وتفويض غيره حتى تعود الروح الثورية وتعود الموجة الثورية من جديد، ويخشى أن يقول الرئيس مرسي كلمة تكون سببا في هز عرش هذا الانقلاب. وعلى نقيض مشهد القمع مع الرئيس مرسي، يصطحب السفيه قرينته ويتجول حرا طليقا في أنحاء المعمورة بأموال المصريين، بعدما انقضّ جنرالات المجلس العسكري على ثورة 25 يناير، وقام بانقلاب في 30 يونيو خططت له واشنطن وتل أبيب، ودفعت تكاليفه دول الخليج. ظهور انتصار عامر، قرينة قائد الانقلاب السيسي، إلى جوار زوجها في لقاء رئاسي رسمي، استفز رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" السابق، عبدالناصر سلامة، عندما قارنه مع منع الزيارة عن الرئيس مرسي لمدة 4 سنوات، داعيا إلى انتفاضة شاملة لزيارته والاطمئنان عليه. عنصرية ليبرالية! وكتب "سلامة" مقالا بجريدة "المصري اليوم" بعنوان "زيارات السجين مرسي"، استنكر فيه خرس ألسنة وأقلام القوى الليبرالية جميعها مع إعلان الرئيس محمد مرسي أنه ممنوع من زيارة أهله داخل السجن أو حتى لقاء محاميه على مدى الأعوام الأربعة الماضية، خلال إحدى جلسات المحاكمات الهزلية للرجل في إحدى القضايا، وما أكثرها"، وفق وصفه. وعلَّق سلامة: "بالتأكيد ينطلق خرس الألسنة والأقلام لمدعي الحريات وحقوق الإنسان من عوامل كثيرة، في مقدمتها الخوف العام، ثم خشية إغضاب النظام، ثم الخجل أحيانا، والكراهية أحيانا أخرى، إلى أن نصل في نهاية الأمر إلى ذلك الزيف المسمى الإيمان بالعدالة، أو بالمبادئ الإنسانية، أو حتى الانتماء للوطن". وشدَّد الكاتب على أن "إهدار أبسط الحقوق، وهو الزيارة، يحتاج إلى تفسير سياسي من الدولة، وتفسير أمني من السجَّان في آن واحد"، معتبرا إعلان مرسي "استغاثة" كان يجب بحُكم القانون أن تنتفض لها هيئة المحكمة، والنائب العام، ومنظمات حقوق الإنسان، والأحزاب السياسية، والبرلمان، وكل ذوي الضمير الحي من مثقفين وسياسيين، والنخبة بصفة عامة". أكذوبة القانون واستطرد: "إلا أن أحدا لم يفعل، في إشارة بالغة الدلالة على أننا نعيش بالفعل حالة استثنائية في مرحلة غريبة الشكل والمضمون من كل الوجوه، خاصة ما يتعلق منها بحقوق الإنسان"، على حد قوله. ولفت سلامة النظر هنا إلى أن "المسجلين خطرا يتمتعون بالزيارة كاملة، ولم يشتك أحدهم من مثل هذه الممارسات، وأن كل الذين حُوكموا أو سُجنوا منذ ما بعد 25 يناير حتى الآن لم نسمع منهم أيضا مثل تلك الشكوى، اللهم إلا سجناء سجن العقرب التابعين أيضا للرئيس مرسي، أو المحسوبين على جماعة الإخوان، ما يشير إلى أنها ليست منهاج الدولة طوال الوقت ولا في كل الأحوال.. هي حالة نفسية شخصية"، بحسب سلامة. وخلص الكاتب إلى القول: "هي إذن أكذوبة تلك التي تتحدث عن دولة القانون، كما هي أكذوبة تلك التي ترى أن هناك قوى سياسية أو ليبرالية تعيش بيننا، كما هي أكذوبة تلك القوى التي ترفع شعارات طوال الوقت تتعلق بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية والثورة مستمرة، إلى غير ذلك من شعارات نكتشف بمرور الوقت أنها "أكل عيش"، بدليل أنه طوال فترة حكم مبارك التي بلغت 30 عاما لم يُسجل أن هناك سجينا مُنعت عنه الزيارة أربع سنوات، أو حتى أربعة شهور". واختتم سلامة قائلا: "إننا أمام وضع هو في كل الأحوال غير قانوني، يضر بسمعة الدولة المصرية في كل المحافل، وتسجله الذاكرة المصرية بكل سوء". جريمة مرعبة وفي وقت سابق أثار تصريح الرئيس محمد مرسي، حول عدم لقائه أسرته ومحاميه منذ أربع سنوات، ردود فعل واسعة. وعقب تصريح الرئيس، علق نجله عبدالله، عبر "فيس بوك"، وفي مداخلة له مع فضائية الشرق قائلا: "إن الزيارات منعت منذ يناير 2015. أما المحامون، فتم منعهم منذ يناير 2014. من جانبه، وصف الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق، منع زيارة أهل محمد مرسي ومحاميه منذ أربع سنوات بأنه منافٍ لأبسط مبادئ العدالة والحقوق الأساسية للإنسان. وقال فرحات: هناك فرق بين تطبيق القانون والانتقام والتشفي والثأر الشخصي، وأضاف "ما أعلنه الدكتور محمد مرسي في جلسة المحاكمة الأخيرة من أنه ممنوع من زيارة أهله ومحاميه له منذ أربع سنوات، أمر مناف لأبسط مبادئ العدالة والحقوق الأساسية للإنسان..أين مجلس حقوق الإنسان ومنظماته؟".