بعد منع سلطات أمن مطار القاهرة دخول 3 صحفيين سودانيين لمصر بدعوى مهاجمتهم لمصر في مقالاتهم؛ طلب اتحاد الصحفيين السودانيين من الحكومة طرد جميع ممثلي المؤسسات الصحفية المصرية بالبلاد، وأعلن عن براءته من تبني أو توقيع ميثاق شرف مع الإعلام المصري، بحسب اتفاق وزيري خارجية البلدين. تبادُل البلدين طرد الصحفيين، يشير بوضوح إلى فشل المصالحة الأخيرة التي سعى لها وزير الخارجية بحكومة الانقلاب خلال زيارته للخرطوم، والتي لم يجرِ الاتفاق فيها سوى على نقطة واحدة تتعلق بنوايا توقيع ميثاق شرف صحفي. إذ ظلت المشاكل الحيوية عالقة، وأبرزها: أزمة تبعية حلايب وشلاتين، موقف مصر الداعم للعقوبات على السودان في لجنة عقوبات دارفور بالأممالمتحدة، استمرار رفض مصر توقيع اتفاقية الحريات الأربع التي تسمح بالإقامة والعمل والتملك لموطني البلدين، الخلاف حول سد النهضة، اعتقال سودانيين في مصر وتغريمهم وطردهم بدعوى خرق الإقامة، إيقاف السودان استيراد المنتجات الزراعية المصرية. سبب منع "الطاهر ساتي"، وهو من أبرز الكتاب السودانيين، يرجع لنشره مقالا ناقدا لمصر؛ بسبب إصرارها على تبعية مثلث حلايب لها، والذي تعتبره الخرطوم جزءا من أراضيها، كما انتقد "إساءات" الإعلام المصري ضد بلاده. أما الصحفية "إيمان"، فيرجح مدير تحرير صحيفة "السوداني" أن سبب منعها من دخول مصر أيضا، هو انتقاد السلطات في مصر، كما ذكرت صحيفة "الانتباهة" قبل أيام، أن السفارة المصرية بالسودان رفضت منح هيثم عثمان، وهو ثالث صحفي يتم منعه، تأشيرة دخول. قائمتان مصريتان للمنع لهذا طالب اتحاد الصحفيين السودانيين- في بيان له- الحكومة السودانية بإعمال مبدأ المعاملة بالمثل، وطرد جميع الممثلين الإعلاميين والصحفيين المصريين من السودان، ومنع دخول المطبوعات المصرية، وإصدار الأمر لوسائل الإعلام السودانية- المشاهدة والمسموعة والمقروءة- بعدم بث أي محتوى مصري. كما طالب اتحاد الصحفيين أعضاءه بالتوقف عن السفر إلى مصر، وأبدى استعداده لتوفير المساعدة في محوري العلاج والسياحة إلى دول أخرى، "تحترم حملة الأقلام، لا إهانتهم وحبسهم وطردهم وتكبيدهم الخسائر المادية والنفسية". واستنكر بشدّة استمرار المخابرات المصرية في احتجاز الصحفيّين السودانيّين في مطار القاهرة ومنعهم من الدخول لمصر، وإبعادهم لبلادهم في ظروف بالغة السوء. وقد أجرى سفير السودان لدى القاهرة عبدالمحمود عبدالحليم اتصالا بمساعد وزير الخارجية المصري لشئون السودان وجنوب السودان أحمد فاضل، ونقل له استياءه من الإجراءات التي طالت عددا من الصحفيين السودانيين. وزاد من التخبط ما كشفته صحيفة «الانتباهة»، عقب طرد الصحفيين السودانيين، عن وجود «قائمتين للمخابرات والأمن الوطني تحتويان على مجموعة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين السودانيين في القائمة السوداء المحظورة من دخول الأراضي المصرية». وقالت إن "السلطات السودانية تعد الآن قائمة بأسماء إعلاميين مصريين محظورين من الدخول إلى السودان للتعامل بالمثل". سلسلة مشاكل مشكلة طرد الصحفيين جاءت لتؤكد استمرار خلافات البلدين، والتصعيد المتبادل منذ اتهام أجهزة الأمن بحكومة الانقلاب وأذرع السيسي الإعلامية للخرطوم باستقبال (معارضين سياسيين) مصريين، في إشارة إلى الهاربين من جحيم السيسي، برغم اتهام الخرطوم للقاهرة بإيواء (محاربين) من المعارضة من دارفور. وسبق أن تحدث وزير الدفاع السوداني، الفريق أول عوض بن عوف، عن «استفزازات ومضايقات» يمارسها الجيش المصري تجاه الجيش السوداني في المثلث المتنازع عليه، حسبما نقلت صحيفة "سودان تريبيون". وأعقب هذا الكشف عن قيام السودان بإيداع خط الأساس لسواحله، لدى الأممالمتحدة، ورفضه– في الإخطار الأممي– الاعتراف بخط الأساس المصري (المودع في 2 مايو 1990) في منطقة حلايب وشلاتين. وجاء التحرك السوداني في أعقاب اعتراف وزيري خارجية البلدين بأنهما لم يناقشا أزمة حلايب، وأن "الملف بيد القيادتين"، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد أصدر مرسوما، في الثاني من مارس 2017، بشأن خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية السودان، وتفرض عضوية السودان في المعاهدة الدولية لقانون البحار، إخطار الأمين العام للأمم المتحدة بأي تطور يمس جغرافية الحدود البحرية. وجاء في إعلان التحفظ السوداني على موقع الأممالمتحدة لقانون البحار، الذي نشره موقع "سودان تربيون"، أن "جمهورية السودان تعلن عن رفضها وعدم اعترافها بما نص عليه الإعلان الصادر من جمهورية مصر العربية بتاريخ 9 يناير 1990، والمعنون بالقرار الرئاسي رقم 27 فيما يمس الحدود البحرية السودانية شمال خط 22، والذي ورد ضمن الإحداثيات البحرية التي أعلنتها مصر ضمن حدودها البحرية على البحر الأحمر، في الفقرات بين 56-60". وكانت مصر قد أودعت أيضا تحفظها عام 2010 على إعلان المملكة العربية السعودية خطوط الأساس للمناطق البحرية، قبل أن يبرم الطرفان، العام الماضي، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، شملت منطقة حلايب، وأيضا أقرت بموجبه القاهرة بسيادة السعودية على جزر تيران وصنافير.