اتفقت تركياوروسيا على مقترح لوقف إطلاق نار شامل سيعرض على أطراف الأزمة في سوريا، ويستثني التنظيمات التي تم وصفها بالإرهابية (تنظيم الدولة وجبهة النصرة). وأسفر الاتفاق، اليوم، حول سوريا بما يمكن أن يحقن دماء السوريين، ويبقى الأمر متوقفا على قوة الضامن ومصداقيته، حيث اتفقت الدولتان على هدنة شاملة في كل سوريا لا تستثني أي منطقة أو أي جماعة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة دون أي شرط، وبدء المفاوضات بناء على قرار مجلس الأمن (2254) والذي كان يرفضه النظام وكذلك بيان (جنيف 1). وأن تبدأ المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة في "أستانة" عاصمة كازاخستان برعاية روسية تركية، بعد شهر من وقف إطلاق النار. وكشف الاتفاق عن أن الفصائل الثورية هي التي كانت حاضرة وبقوة ولم يكن هناك أي طرف من النظام، وأعلن النظام عن الهدنة حتى قبل الفصائل الموجودة في أنقرة. وتضمن تركيا من جانبها فصائل المعارضة، وتضم القائمة- بحسب وزارة الدفاع الروسية- "فيلق الشام"، و"أحرار الشام" و"جيش الإسلام" و"ثوار الشام" و"جيش المجاهدين" و"جيش إدلب" و"الجبهة الشامية". وأن تضمن روسيا النظام السوري ومن يسانده من ميليشيات شيعية، على أن تبدأ الهدنة اعتبارا من الساعة 12 من ليلة الخميس صباح الجمعة 30 ديسمبر. تكريس للوجود الروسي في سوريا ورأى الخبير د. محمد المليجي أن الاتفاق نتيجة حتمية لسقوط حلب التى كانت تدعمها تركيا كتجمع سني، وفشلت تركيا والسعودية فى حمايتها، وبالتالي فقدت تركيا والمعارضة المسلحة الأمل فى أي حل عسكري ولم يكن أمامهم إلا المفاوضات. وأضاف أن "روسيا اللاعب الوحيد القوي على أرض سوريا، مكنت لنفسها قواعد عسكرية دائمة فى الشرق الأوسط، فى ظل غياب نسبي للولايات المتحدة المنشغلة بأمور أخرى. وتابع "استبعدت إيران والسعودية وأمريكا تماما من المفاوضات لهذا الاتفاق، وفوجئوا به مثل أي مواطن يجلس أمام التلفزيون". وأكمل "موقف أمريكا حتى الآن غامض ولكنه قطعا سيجد الحرج فى الوقوف ضد الاتفاق بصورة علنية، وربما تدعى أمريكا للمفاوضات فى وقت لاحق". تركيا صديق وليست حليفا وقال المحلل السياسي الفلسطيني سعيد الحاج: إن "تركيا صديق وليست خصما، لكنها ليست "حليفا" بالمعنى الحرفي للكلمة، وهي أقرب الدول أو الأطراف للمعارضة السورية.. رغم تحول أولوياتها ثم سياستها في سوريا.. وهناك هامش تعاون كبير معها.. فضلا عن أنه لا بديل عنها، ويبدو المصير مشتركا وإن أغفلت أنقرة ذلك أو غاب عنها"، معتبرا أن ما دون ذلك أعداء وخصوم ومتفرجون وأصدقاء مزعومون للمعارضة. ونبه إلى أنه "من عظيم الخطأ خسارة تركيا أو دفعها لمزيد من التحول والتقارب مع روسيا بخوض معارك جانبية معها". داعيا إلى "توحيد الرؤية والاستراتيجية والقيادة السياسية والعسكرية، وتلمس مساحات "التعاون" مع أنقرة، وليس الشتائم والاستعداء من جهة، أو التبعية والتسليم من جهة أخرى". ورأى أن فكرة إسقاط الأسد وانتصار "الثورة" باتت من الماضي وفق المعطيات الحالية. اقتسام الغنائم وتحت عنوان "سوريا: توقفت الحرب وبدأ الصراع لاقتسام الغنيمة"، كتب المحلل السياسي المصري شعبان عبد الرحمن، منشورا تفصيلا رأى فيه "أن روسيا هي صاحبة الكملة الأولى في سوريا، وأن تركيا صاحبة كلمة على معظم المعارضة السورية"، موضحا أن "روسيا تسابق الزمن قبل حلول العشرين من يناير القادم موعد استلام الرئيس الأمريكي الجديد للسلطة، ليصل ترامب وقد وجد وضعا جديدا في سوريا، ويتم التواصل بين واشنطن وموسكو على أساسه". وأضاف أن "تركيا بهذا الاتفاق حققت معظم أهدافها في سوريا، وأهمها منع قيام كيان كردي مستقل يتواصل مع أكراد العراقوتركيا، وبالتالي يهدد تماسك الأراضي التركية". وفي إشارة إلى تفاصيل الاتفاق، اختلف "عبد الرحمن" مع الحاج في نظرته لنظام الأسد، قائلا: إن "النظام السوري تابع وليس صاحب كلمة، ومصير الأسد بات غامضا، بينما المعارضة المسلحة طرف أساسي"، وهو ما يطابق رؤية أن الأسد بات جزءا من الماضي، وأن البحث جار عن شخصية علوية بديلة. ورأى أن "إيران حاضرة ولكن الكلمة الأولى ما زالت لروسياوتركيا والسعودية وقطر، ومصر في الصورة". ثغرة "النصرة" واعتبر شعبان عبد الرحمن أن "استثناء داعش والنصرة من الاتفاق يبقي الطريق مفتوحا على مصراعيه لتركيا لمواصلة حملتها ضد داعش، وفتح الطريق لروسياوإيران والنظام للحرب على النصرة، وتلك ثغرة يمكن أن تتسبب في انهيار الاتفاق، لكن ذلك يعتمد على قوة مراقبة تنفيذه". وأوضح أن "المعضلة الأكبر فيما نص عليه الاتفاق من انسحاب الميليشيات الشيعية (الحرس الثوري – حزب الله وغيرها)، والذي تصر إيران على عدم تنفيذه إلا بعد انسحاب كل الميليشيات والأشخاص غير السورية من البلاد.