"يومٌ أسود بتاريخ لبنان " هكذا وصف سُنة لبنان اختيار الجنرال السابق "ميشيل عون" رئيساً للبلاد بعد 31 شهراً من الفراغ الرئاسي، وجاء نجاح عون بعد التبدل المفاجئ في موقف السعودية. يذكر التاريخ أنه في 15 نوفمبر 1989 وجّه ميشال عون رسالة باللغة الفرنسية إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق اسحاق شامير، وهذا بعض ممّا جاء فيها: “إن سوريا تواصل مناوراتها السياسية والعسكرية لإفشال المقاومة اللبنانية، ولاسيمّا التي نمثّلها نحن شعبياً ودستورياً وعسكرياً. إن هذه المقاومة تشكّل السدّ الأخير في وجه عدوان السوريين والقوى الأصولية المتعصّبة على لبنان. فإذا بلغت هذه القوى أهدافها، فإن عنفها سيُوجّه كلّه إلى إسرائيل…”.
كاره السنّة !
يقول المحامي اللبناني"نبيل الحلبي" الذي يعتبر من الرافضين للسيطرة الإيرانية على لبنان، أن:" وصول عون إلى الرئاسة يدل على أن الطبقة السياسية تدور في فلك صفقات الفساد".
مضيفاً:"قاومنا في السابق النظام الأمني الوصائي السوري وأسقطناه، هم كانوا بجانبنا آنذاك ولكن قرروا أن يعيدوا التحالف مع هذا النظام، سنعود لمقاومة هذا النظام ونسقطه، الشعب بجانبنا ولن يقبل بذلك، حتى الذين يبررون الآن للسلطة هذه التصرفات لا أعتقد انه سيقبلون بأن تنتهك حقوقهم بهذا الشكل".
وأوضح:"نتجه إلى تشكيل جبهة رفض عريضة تشارك في الانتخابات النيابية لمواجهة التنازلات والاستسلامات أمام المشروع الإيراني في لبنان، ولإنقاذ الطائفة السنية، التي أصبحت طائفة منكوبة وهناك تآمر واضطهاد ممنهج عليها، وهذا الأمر بحاجة إلى إعادة تكوين السلطة".
وشدد "الحلبي" بالقول:"هذا الشخص (عون) حمل العداء للطائفة السنية في لبنان، لم يهاجم المجموعات المتطرفة أو المتشددين في السنة، بل هاجم السنة ككل.. وهنا تكمن المصيبة، أن ترشحه لرئاسة الجمهورية وهو يكن العداء لطائفة في لبنان وطائفة رئيسية". مؤكداً أن :"المشكلة بالعالم العربي وبلبنان حديثا ما "بتنحل" إلا باسقاط نظام كامل .. هذا نظام بمؤسسات لا يمكن تغييره بقانون".
حليف الملالي
وصفت صحيفة الجارديان الجنرال السابق ب"الحليف القوي" لإيران، مضيفة أن ترشيحه يعني، ضمنيا، إضفاء الشرعية على الكيان السياسي لمنظمة "حزب الله".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى خروج مظاهرات مؤيدة للرئيس اللبناني في الأحياء التي يسيطر عليها حزب الله، إضافة إلى العاصمة السورية دمشق.
ووُلد "عون" عام 1935 لعائلة مسيحية مارونية، ووصل إلى منصب جنرال بالجيش اللبناني. وقد التحق بسلاح المدفعية في 1958. وأثناء الحرب الأهلية اللبنانية، كان عون قائدا للجيش اللبناني، قبل أن يتولى رئاسة الوزراء عام 1988.
ووفقا لموقع بي بي سي، فإن ميشال عون دائما ما أظهر معارضةً لسيطرة الحكومة السورية على لبنان وتواجد قواتها العسكرية في البلاد، معبرا عن إصراره على "تحرير لبنان من الهيمنة الخارجية".
مخاوف سعودية
وتخشى المملكة السعودية من أن يعزز ترشح عون نفوذ إيران في لبنان، بحسب تقرير الجارديان. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يرى خصوم الرئيس اللبناني "رجلا انفعاليا"، ويتهمونه ب"التقلب في مواقفه من العداء للنظام السوري، إلى التحالف معه اعتبارا من 2006".
وقالت رويترز إن فوز عون يعني "انتصارا إقليميا لإيران على السعودية"، إذ إن الثانية عملت على دعم السياسي اللبناني سعد الحريري للوصول لكرسي الرئاسة، إلا أنها لم تنجح في ذلك.
ولكن "اتفاق" أحزاب لبنان السياسية على ميشال عون تضمن أيضا حصول الحريري على منصب رئاسة الوزراء، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
وصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية في لبنان، ليس في صف المصالح اللبنانية والعربية، والحديث عن تحوله ضد المشروع الإيراني- البعثي في حال وصل إلى الرئاسة محض وهم.
أبرز المخاطر الناجمة عن تحقق هذا الاحتمال إقليميا: منح ميلشيا حزب الله الغطاء الشرعي للقتل والإجرام ضد الثورة الشعبية في سوريا، وتخفيف الضغط الداخلي عن حزب الله مما يسمح له أكثر بتهديد المصالح العربية والخليجية، لأنه سيتمتع بحرية حركة أكبر، وكذلك توفير مساحة جديدة أمنيا وسياسيا للقاتل "بشار الأسد".