كلف العاهل المغربي الملك محمد السادس، عصر اليوم الإثنين، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" عبد الإله بنكيران، بتشكيل الحكومة الجديدة رسميا. وضمت الحكومة السابقة التي ترأسها بنكيران طيلة 5 سنوات ماضية، أربعة أحزاب هي "العدالة والتنمية"، و"الأحرار"، و"الحركة الشعبية"، و"التقدم والاشتراكية". وبهذا التكليف الرسمي لزعيم "العدالة والتنمية"، يكون العاهل المغربي قد اتجه نحو "العرف الدستوري"، ولم يستخدم سلطته التقديرية في اختيار أية شخصية من الحزب المتصدر للانتخابات التشريعية التي جرت يوم الجمعة الماضي. وكان جدل قد أثير بشأن الفصل 47 من الدستور المغربي، والذي ينص على أن "الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها"، إذ لم يكن الملك مقيدا بهذا الشرط في ظل الدساتير المغربية السابقة. ومن المرتقب أن تجتمع الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، مساء اليوم الإثنين، للتداول في التعيين الملكي لرئيس الحكومة، وما يليه من انطلاق المشاورات الضرورية لتشكيل تحالف حكومي، وذلك بعد أيام قليلة قبل افتتاح الدورة القادمة لمجلس النواب، والتي من المرتقب أن يترأسها الملك يوم الجمعة المقبل. وبحسب مراقبين، فإن "بنكيران سيتجه لإرساء تحالفاته على أحزاب "التقدم والاشتراكية"، و"الاستقلال"، و"الاتحاد الاشتراكي"، وهي أحزاب كانت تشكل فيما سبق ما يسمى "أحزاب الكتلة الديمقراطية"، قبل أن تختلف مساراتها السياسية، إذ شارك حزب منها في الحكومة، وهو "التقدم والاشتراكية"، وبينما فضل حزبان المعارضة، وهما "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي". من جانبه، سارع حزب "الأصالة والمعاصرة" (المعارض) إلى إعلان اصطفافه في خندق المعارضة؛ وذلك ردا على تصريحات "بنكيران" عشية إعلان النتائج رسيما بانفتاحه على كافة الأحزاب والأطياف السياسية باستثناء حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي يتزعمه شخصية مقربة من الملك، ويعلن رفضه للتوجه الإسلامي والدعوة صراحة إلى علمانية النظام والدولة. ويظهر من خلال النسق السياسي والحزبي الجاري، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية التي انتهت بفوز "العدالة والتنمية" ب125 مقعدا في مجلس النواب الجديد، وحصول "الأصالة والمعاصرة" على 102 مقعد، أن جميع التحالفات باتت ممكنة، ما عدا تحالف الحزبين المتصدّرين. وتنامت أصوات تدعو الحزبين الغريمين إلى التحالف بينهما، وتغليب مصلحة الوطن، ورمي اختلافاتهما الأيديولوجية وراء ظهريهما، من أجل تشكيل الحكومة منفردَيْن؛ باعتبار أنهما يشكّلان معا أغلبية برلمانية مريحة، لكن زعيم "الأصالة" إلياس العماري جدد، اليوم، تأكيده أنه لا تحالف مع من سماهم "تجار الدين"، متّهما "العدالة والتنمية" ب"العمالة للخارج"، على حد زعمه. من جانبه، قال خالد رحموني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية: "تكليف الملك محمد السادس لعبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة مؤشر قوي على أن المغرب متجه إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي". وبعد تأخر غير معتاد، نشرت "وكالة المغرب العربي للأنباء" تقريرا مقتضبا، قالت فيه "أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس استقبل زوال، الإثنين، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وعينه رئيسا للحكومة". وأضافت "تعلن وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس استقبل زوال، الإثنين 8 محرم 1438ه الموافق 10 أكتوبر 2016، بالقصر الملكي العامر بالدار البيضاء عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وعينه جلالته بمقتضى الدستور رئيسا للحكومة، وكلفه جلالته بتشكيل الحكومة الجديدة". وتعد هذه المرة الأولى التي يعين فيها رئيس حكومة مغربي على رأس الحكومة لولايتين متتاليتين في عهد الملك محمد السادس، الذي اعتلى العرش في سنة 1999.