من جديد يلون شيوخ السلاطين فتاواهم بلون المصلحة وبهوى النظام والحكم؛ فها هو مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ، يغير موقفه بعد أن أثارت فتوى له الجدل، كان قد أصدرها منذ أيام في بيان رسمي حمل توقيعه ونشرها عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء في تونس على فيسبوك، وتقضي الفتوى بتحريم الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات واعتبارها من "المفاسد" مستدلاً بآيات قرآنية. لم يكتف بطيخ بالبيان، بل إنه أوضح في تصريح إذاعي لراديو (شمس إف إم) المحلي التونسي، استنكاره لكثرة المطالب والاحتجاجات الاجتماعية التي تفاقمت في البلاد، محذرًا من آثارها السلبية في الاقتصاد والإنتاجية، معتبرًا أن قوله ليس فقط مجرد فتوى، بحسب التسجيل الصوتي- بل تحريض للناس على العمل باعتباره "واجبًا شرعيًّا" ومعاقبة للمخالفين، حسب قوله.
مر يوم واحد ثم جاء التوضيح من مدير ديوان الإفتاء فتحي محجوب، الذي أشار في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إلى أن ما جاء على لسان المفتي لا يتعدى كونه "اجتهادًا شخصيًّا" يلزم بطيخ ولا يلزم الحكومة التونسية في شيء، وأنه مجرد رأي شخصي للمفتي.
قتل الأطفال بفتوى
وفي سوريا كان أحمد الحسون ذراع الفتوى المضللة التي استخدمها المجرم بشار الأسد، فكانت له العديد من أباطيل؛ أبرزها فتوى قتل وتدمير حلب المحررة.
وقال حسون: "إننا مطالبون في جميع أنحاء سوريا بأن نبدأ بالهجوم على هؤلاء الجبناء"، فجاءت بعدها محارق ومجازر تلو الأخرى لا تفرق بين طفل وشيخ وامرأة في حلب.
تعريض شيوخ الانقلاب
وفي "أم الدنيا" لم تغفل سلطة الانقلاب العسكري استغلال شيوخ العسكر في إصدار الفتاوى المضللة في محاولة لخداع المسلمين؛ ففي أول هزلية انتخابات بعد الانقلاب العسكري تم استخدام "شيوخ السلطان" و"الفاسدين بالأزهر" لتخويف الممتنعين عن التصويت، بادعاء أن المشاركة فيه "واجب ديني ووطني"، وأن الامتناع عنه كتمان للشهادة.
ودعت أوقاف الانقلاب جميع المواطنين إلى الخروج، والإدلاء بأصواتهم، فيما ذهب الشيخ الانقلابي أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء إلى القول بأن من يمتنع عن أداء صوته الانتخابي يكون "آثمًا شرعًا".
“نعم تجلب النِعم”
ولم تغب ”الكنيسة” عن موجة فتاوى السلاطين، فظهر مقال البابا تواضروس في جريدة الأهرام في يناير 2014 يدعو فيه للمشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، تحت عنوان "نعم تجلب النِعم"، واتحد معه الدكتور عماد طه، مستشار شيخ الأزهر؛ حيث دعا للتصويت ب"نعم" على الدستور والحشد بالملايين أمام صناديق الاستفتاء!.
وأفتى الدكتور علي جمعة بأن “الله يؤيد كل من يخرج للتصويت بنعم على المسودة، لأنه يعمر الأرض وضد الإلحاد والكفر وتخريب البلاد”، وأضاف “اخرجوا للتصويت بنعم للدستور، وادفعوا بعمالكم ومزارعيكم أمام اللجان الانتخابية لتمرير الدستور”.
بولس والسيسي
أما أغرب وأطرف فتاوى شيوخ السلاطين، فأتى من القس “بولس عويضة” عندما قال واصفًا السيسي: “لما أبص لمنظره أذوب حبًا في جمال منظره وجمال هيئته، حمدت الله أنه اختار لنا رئيسًا وسيمًا وأمُّور بطبعه”.
أنبياء جدد
ولن ننسى الفجر في الكذب حينما ذهب أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، إلى وصف السيسي ووزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، بأنهما “رسولان بعثهما الله لحماية الدين”.
وقال الهلالي: إن “الله بعث رجلين هما السيسي وإبراهيم، كما أرسل من قبل موسى وهارون".
ووصف وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سالم عبدالجليل، معارضي السيسي بأنهم “بغاة يجب قتلهم”، أمّا وكيل وزارة الأوقاف المصري، صبري عبادة، فأكّد أن “الأمر استقر، وتمّت البيعة لولي الأمر، وهو عبد الفتاح السيسي، والخروج عليه يعتبر خروجًا على ثوابت الإسلام”، مضيفًا أن “الصلاة دليل إيمان ولي الأمر، وبالتالي لا يجوز الخروج عليه بعدما استقرت له البيعة الإسلامية من خلال الانتخابات، وبيعة أهل الحل والعقد من كبار المشايخ، كما لا يجب الخروج عليه بأي عدوان، ومنها التظاهرات”.
وفي أغسطس الماضي، صدرت التعليمات لجميع الأئمة والخطباء من وزارة أوقاف الانقلاب، بإلقاء خطبة الجمعة عن فضائل مشروع قناة السويس، وما يعود به على الاقتصاد المصري من فوائد جمّة!! في حين عم النحس والخسارة على اقتصاد البلاد بعدها.
ومؤخرًا وبعد الزوبعة الكبيرة التي أثارها اتفاق ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية ومصر، والاتفاق على إنشاء جسر بري يربط البلدين، سارع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، للإفتاء بأن “الجسر مذكور في القرآن”، في فتوى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لخدام السلطة وشيوخ السلاطين على مر الزمان.