فساد النظام البائد يخلف مديونية 2 مليار جنيه.. والدولة تتكبد عمليات تجميل بقرارات وهمية د. محمد الأنصارى: المنظومة فشلت فى تحقيق العدالة الاجتماعية د. سحر طلعت: مطلوب تطهير جذرى لأن استمرار الفوضى يعنى استكمال مسيرة الفساد د. إبراهيم فخر: تخصيص مبالغ هزيلة للأمراض الخطيرة مأساة إنسانية تصدرت منظومة العلاج على نفقة الدولة فى ظل العهد البائد قائمة المنظومات التى ضربها الفساد من جذورها حتى الأطراف بسبب الواسطة والمحسوبية التى أدت إلى مزاحمة المرضى الأثرياء للفقراء فى الحصول على قرارات العلاج على نفقة الدولة، فضلا عن تميز الأغنياء بفتح الباب أمامهم ومنحهم مبالغ مالية كبيرة، والموافقة على إجرائهم عمليات لا تندرج قانونا تحت هذا البند، كالتجميل وغيرها من القرارات التى أدت إلى افتقاد المنظومة إلى أهم أهدافها، وهى تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين. وكشفت تقارير رسمية صادرة عن الجهاز المركزى للمحاسبات عن تورط العديد من المسئولين ونواب البرلمان فى النظام السابق فى الاستحواذ على قرارات العلاج على نفقة الدولة ووجود انحرافات خطيرة، منها الحصول على قرارات علاج بمبالغ باهظة لأسماء وهمية وقرارات لشراء أجهزة تعويضية، واستصدار قرارات علاج لمواطنين آخرين يتبعون نظام التأمين الصحى وغير مستحقين للعلاج على نفقة الدولة، فضلا عن العلاج فى مستشفيات استثمارية بأسعار مبالَغ فيها، واستصدار قرارات علاج دون المرور بالإجراءات المتبعة. وأضاف التقرير أن هذا الفساد أدى لتصاعد حجم الديون الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة، والتى بلغت فى عام 2010 أكثر من 2 مليار جنيه بسبب عشوائية القرارات. وكالعادة يدفع المرضى الفقراء فاتورة هذا الفساد من خلال رحلة لا تتوقف من المعاناة الإنسانية من أجل الحصول على قرار للعلاج على نفقة الدولة؛ ولذلك طالب الخبراء بضرورة مواجهة هذا الفساد بحسم وقوة من أجل إعطاء الحق لأصحابه ومستحقيه خاصة بعد ثورة 25 يناير . فساد مستمر أكد الدكتور محمد الأنصارى، عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب السابق، أن نظام العلاج على نفقة الدولة يمثل أخطر الملفات التى يجب التعامل معها بكل حسم؛ نظرا لما ينطوى عليه من قضايا فساد متعددة بدأت جذورها فى العهد السابق وما زالت تمارس حتى الآن بعدما فقدت هذه المنظومة أهم أهدافها وهى تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين. وأضاف أن أصحاب السلطة والنفوذ أصبحوا يزاحمون المرضى الفقراء فى حق العلاج على نفقة الدولة بمبالغ خيالية دون وجه حق؛ حيث إن هناك العديد من عمليات التجميل أجريت وصدر بها قرارات علاج على نفقة الدولة، وهو ما يعد إهدارا للمال العام وسلبا متعمدا لحقوق الفقراء. وأشار الأنصارى إلى أن المناخ السائد آنذاك كان أهم الأسباب المساعدة لانتشار مثل هذه الأمور التى تعد خرقا للقانون وتستوجب المساءلة القانونية، منها التمييز بين الأغنياء والفقراء من خلال تسهيل الإجراءات أو تعقيدها، كما أن العدالة تغيب فى مسألة توزيع النفقات على العمليات؛ فبعض العمليات تتطلب مبالغ كبيرة، ولكن ما يتم توفيره لها لا يتعدى فى بعض الأحيان ربع المبلغ أو أقل، وهى مشكلة أخرى أمام المريض فى الوقت الذى يتم فيه فتح الميزانيات للبعض دون أى عقبات. وطالب الأنصارى بضرورة تشديد الرقابة على منظومة العلاج على نفقة الدولة بما يساهم فى معاقبة المتجاوزين، وأيضا ضرورة الإسراع فى تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل لتحقيق قدر من العدالة بين المواطنين. تطهير جذرى وأضافت الدكتورة سحر طلعت، أستاذ الجراحة بمستشفى قصر العينى الجامعى، أن الأوضاع الصحية المتردية فى مصر وضعت المرضى الفقراء ما بين مطرقة المستشفيات الحكومية وما تعانيه من افتقار لأدنى الإمكانيات وسندان نظام التأمين الصحى وما يعانيه من مستوى ردىء فى تقديم الخدمة، ويضاف إلى كل ذلك استغلال أصحاب النفوذ ومزاحمتهم للفقراء فى قرارات العلاج على نفقة الدولة بمبالغ خيالية دون أن يستدعى الأمر السفر للخارج، وهو ما يؤكد أن هذه المنظومة ما زالت تدار بعقلية النظام البائد. وطالبت بضرورة التطهير الجذرى لكل من أفسد ويسعى لاستكمال مسيرة الفساد، لافتة إلى أن أهمية قضية العلاج على نفقة الدولة تنطلق من كونها مرتبطة بالفقراء من المرضى، والذين تتضاعف أعدادهم بشكل مستمر، وهو ما يتطلب وضع أطر جديدة تنظم العمل بهذه المنظومة من شأنها أن تعطى للمريض -خاصة الفقير- حقه فى الحصول على خدمة طبية مناسبة، مشيرة إلى أن استمرار الفوضى فى استخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة التى لا تصل إلى مستحقيها يمثل انحرافا لا بد من مواجهته بتشريعات صارمة. أما الدكتور إبراهيم فخر، نائب رئيس معهد الأورام القومى، فيرى أن منظومة العلاج على نفقة الدولة لم تخل من الفساد والواسطة والمحسوبية بما يمثل إخلالا بمبدأ العدالة. مضيفا أن هناك مشكلات عديدة تتعلق بالجانب الإنسانى، منها أن بعض القرارات تخصص لها مبالغ مادية ضعيفة لا تتناسب مع خطورة المرض، وهو ما يضطر بعض المستشفيات إلى عدم استكمال علاج المرضى الذين يعانون أمراضا خطيرة، ويجدون الطريق أمامهم مسدودا بسبب الإجراءات الكثيرة والمعقدة التى يحتاجها استكمال القرارات.