كان من المقرر إطلاق القمر الصناعي الإسرائيلي للاتصالات "عاموس 6" من قاعدة "كيب كانيفرال" الفضائية الأمريكية في ولاية فلوريدا، اليوم السبت، ولكنَّ انفجارا قد وقع، الخميس، خلال استعداداتٍ لإطلاقه إلى الفضاء الخارجي أدى إلى تدمير القمر. كما انفجر صاروخ "فالكون 9" الذي كان يحمل هذا القمر الصناعي بسبب خلل فني لم تعرف طبيعته بعد، وتقدر تكاليف إنتاج "عاموس 6" بنحو 200 مليون دولار. وقالت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، إن الانفجار وقع أثناء قيام شركة "سبيس إكس" الأمريكية بتجربة الصاروخ تمهيدا لإطلاق القمر الصناعي، وأشارت إلى أنها كانت تجربة روتينية للغاية، ولكنَّ انفجارا غامضا هزّ منصة إطلاق الصاروخ. وقالت شركة "سبيس إكس"، إن انحرافا حدث خلال التجربة تسبب بفقدان صاروخ إطلاق وقمر اتصالات تملكه شركة الاتصالات الفضائية الإسرائيلية، وأشارت إلى أنه كان من المتوقع أن تستخدم شركة "فيسبوك" قمر الاتصالات هذا لتوسيع نطاق خدمات الإنترنت في إفريقيا. صحف تل أبيب اعترفت بأن القمر الصهيوني الجديد لا يمكن تعويضه إلا بعد جهود تستغرق سنوات، تضيع علی إسرائيل فرصة کانت تنتظرها لتعزيز تحكمها في الشبكة العنكبوتية حول العالم وسيطرتها عليها، بما يشمل برامج التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، إضافة إلى مهمات استخبارية وعسكرية واسعة جدا، هي جزء من الوظائف المعلنة للقمر الاصطناعي المدمر. جسامة الكارثة دفعت التلفزيون الإسرائيلي إلي قطع بثه المعتاد، والبث مباشرة من موقع الحدث في فلوريدا، واستفاضة الخبراء والمعلقين لإطلاع الإسرائيليين علی حجم الضرر وتداعياته السلبية، الاقتصادية والأمنية عليهم. حيث أكد عدد من الخبراء الإسرائيليين أن الضربة قاسية جدا للصناعات الجوية الإسرائيلية، التي عملت علی تطوير عاموس 6، وقالوا إن "فقدانه يضيع علی إسرائيل سنوات طويلة من الجهد والاستثمار والأمل، وأن استئناف العمل لإنتاج قمر جديد سيستغرق جهدا يستمر أعواما". وأجمعت الصحف الإسرائيلية، أمس الجمعة، على أن الأضرار التي نجمت عن انفجار قاعدة الإطلاق "فالكون 6" في فلوريدا، وأدت إلى تفجير القمر الصناعي "عاموس 6" يصعب استيعابها، ومن شأنها أن تعيد عجلة التقدم الذي حققته إسرائيل في هذا المجال إلى الوراء. وقالوا إن القمر الصناعي "عاموس 6" كان ذروة التكنولوجيا التي وصلت إليها الصناعة الجوية الإسرائيلية على حجمه، والتكنولوجيا التي زوّد بها، وقد وضع إسرائيل في مقدمة الصناعات التي تفتخر بها الدول المتقدمة. الخاسرون من تدمير القمر وتشمل قائمة المتضررين من تدمير القمر الصناعي، بحسب صحف تل أبيب، خمس جهات هي: الصناعة الجوية الإسرائيلية، وشركة "سبيس إكس"، وشركة "الفضاء" الإسرائيلية، وشركة "yes" الإسرائيلية، إضافة إلى شركة فيس بوك. الصناعة الجوية الإسرائيلية التي تكبدت خسائر مادية هائلة، وستحتاج إلى أموال طائلة من أجل بناء قمر صناعي جديد، وكذلك الشركة التي تسببت في الانفجار وهي شركة SpaceX المسؤولة عن قاعدة الإطلاق فالكون 9. وشركة "سبيس إكس" التي يملكها الملياردير "ألون ماسك"، والذي يمتلك أيضا شركة لصناعة السيارات الكهربائية (تيسلا)، هي إحدى الشركتين المساهمتين بإطلاق الإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية بموجب عقد مع وكالة ناسا، وتقوم الشركة أيضا بتطوير كبسولة من المفترض أن تحمل رواد الفضاء الأمريكيين. أيضا من الخاسرين، شركة "الفضاء" الإسرائيلية التي كانت مسؤولة عن تشغيل القمر الصناعي وتسويق خدماته، تلقت ضربة قاضية، فقد كان من المتوقع أن تباع الشركة لمجموعة صينية "Beijing Xinwei" بمبلغ يقدر ب285 مليون دولار، كشرط نجاح لإطلاق عاموس 6 إلى الفضاء، والآن هناك علامات استفهام عديدة تحوم حول مستقبل الشركة في ظل الانفجار المفاجئ. وينضم إلى قائمة المتضررين كذلك شركة "yes" الإسرائيلية، وهي شركة تلفزيون إسرائيلية تعتمد على الأقمار الصناعية، والتي استثمرت بعاموس 6 لنقل برامجها التلفزيونية في المستقبل، والآن ستضطر إلى إيجاد بديل آخر، علما بأنها تستعمل قمرين صناعيين لبث قنواتها، واحد منهم هو عاموس 3 سيخرج عن العمل عام 2017. ووفق تقرير القناة الثانية العبرية، فإن 'عاموس 6 هو أكبر وأضخم قمر اصطناعي صنع في إسرائيل، وکان مخصصا لمهمات ووظائف اقتصادية وأمنية متعددة'. وکشفت القناة عن أن "القمر الجديد مخصص أيضا لخدمة المؤسسة الأمنية، ويفترض به أيضا أن يتحكم في قطاع الخدمة التلفزيونية لعدد کبير من الدول الأوروبية، إضافة إلی تزويد الإنترنت ل 14 دولة في القارة الإفريقية، جراء عقد مع شرکة فيسبوك بقيمة 100 مليون دولار، لتزويد الإنترنت لدول القارة السمراء". ولفت الخبراء الإسرائيليون إلی أن ما يزيد من التداعيات السلبية لفقدان ذلك القمر هو إبقاء الوضع علی حاله من دون تغيير في قطاع الاتصالات الإسرائيلية، بعد فقدان الاتصال مع القمر الإسرائيلي الآخر، (عاموس 5) المخصص للاتصالات، قبل تسعة أشهر. وقال رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية "يتسحاق بن يسرائيل": إن الانفجار حدث نادر وغير مألوف، وأكد أن هذا الحدث الخطر سيؤثر سلبا على قطاع الاتصالات الفضائية الإسرائيلية. ضربة لفيس بوك الضربة التي نجمت عن انفجار الصاروخ بالقمر الصهيوني لم تضر فقط إسرائيل، بل أيضا ضرت شركاء عالميين ارتبطت مشاريعهم المستقبلية بالقمر الصناعي المتطور "عاموس 6"، خاصة شركة "فيسبوك" العالمية. فقد خسرت شركة "فيسبوك" مشروعها المتعلق بالقمر الصناعي، وهو ربط إفريقيا بالإنترنت السريع عبر الفضاء، حيث كانت من ضمن الداعمين لإطلاق هذا القمر الصناعي الذي بلغت تكلفته ما يفوق 195 مليون دولار، وتم بناؤه في 4 سنوات كاملة لينفجر في دقائق معدودات. وكان "مارك زوكربيرج"، مؤسس موقع فيس بوك، قد طالب بتوفير استخدام الفيس بوك عبر القمر الصناعي الإسرائيلي ل14 دولة في إفريقيا، ولكن انفجار القمر أدى إلى تأجيل المشروع حتى الآن على الأقل، وتدمير أحلام مارك في استخدام الفيسبوك في السماء. فمنذ عام، قال مارك زوكربيرج متفاخرا: إن إدارة الفيسبوك تبحث عن سبل للاستخدام في الطائرات والاقمار الصناعية، تمكن المستخدم من تصفح الإنترنت في السماء "حسب ما ورد في صحيفة يديعوت أحرونوت حينئذ". ضربة للأقمار الصهيونية أطلقت تل أبيب عدة أقمار للاتصالات مصنعة بواسطتها بالتعاون مع خبراء غربيين، بعضها عسكرية للتجسس من نوعية (أوفيك)، والثانية للاتصالات وبث القنوات الفضائية من نوعية (عاموس)، كان أولها القمر "عاموس 2" في ديسمبر 2003، ثم "عاموس 3"، عام 2008. وفي سبتمبر 2013، نجحت إسرائيل في إطلاق القمر الصناعي للاتصالات عاموس4، الذي أعطى ضعف ما يقدمه "عاموس 2" و"عاموس 3" معًا. ولأن إسرائيل فقدت الاتصال بالقمر عاموس 5، وتعتمد على البث حاليا على قمرين فقط، أحدهما سيخرج من الخدمة 2017، جاء القلق. وقال إسحاق بن إسرائيل، رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية: إن هذا المشروع سيشكل خطرا على أقمار الاتصالات الأخرى، ومن المفترض أن يستغرق هذا المشروع ما بين سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات من أجل بناء بديل، ولم يتم التوصل إلى سبب انفجار الصاروخ حتى الآن. وأضاف إسحاق بن إسرائيل أنه غير قلق إزاء الأضرار الاقتصادية، ولكن القلق الأكبر من الأضرار التكنولوجية التي تعتبر أهم من الأموال، فنحن لدينا أقمار صناعية في الفضاء ولن نستطيع تحمل خسارة أي منها، وسنحتاج إلى ثلاثة أعوم حتى نتمكن من بناء قمر صناعي آخر، وهذا في حد ذاته يشكل خطرا على بقية الأقمار الصناعية الأخرى. وأطلقت إسرائيل حتى اللحظة 10 صواريخ من نوع" أوفيك" كان آخرها في 10 أبريل 2014، حيث أطلقت أول قمر صناعي للتجسس في عام 1988 تحت اسم" أوفيك 1"، ثم أطلقت القمر "أوفيك 2" عام 1990م، وآخر قمر أطلق في أبريل عام 2014. ويوم 10 أبريل 2014 أطلقت تل أبيب أهم قمر صناعي متطور هو أفق-10، قالت إنه قادر على إمكانية تصوير أجسام بطول 70 سنتمترا، لتعمل كلها في سبيل التفوق على العرب وردعهم، مقابل صمت الأنظمة العربية وصعوبات تعويض هذا الفارق التقني، والاكتفاء بإطلاق أقمار الترفيه. وقالت المصادر الصهيونية، إن "مهمته جمع المعلومات الاستخبارية، لينضم إلى ما وصفته وسائل الإعلام الصهيونية ب"عائلة الأقمار الصناعية الإسرائيلية" في الفضاء. وفي حال عمل القمر الجديد كما هو مخطط له، بحسب ما يؤكده البروفيسور "إيشيد"، فمن شأن ذلك أن يحسّن القدرة الاستخبارية للعدو، ويمنحه استقلالية أوسع حيال جمع المعلومات الاستخبارية من صور ومعلومات استخبارية عن مصر والدول العربية. ويرجع دخول إسرائيل لبرنامج الفضاء والأقمار الصناعية إلى عام 1959، بالتوازي مع بداية البرنامج النووي لها، حيث دخلت إلى نادى الفضاء عن طريق أقمار الاتصالات وعقب ذلك بسنوات قليلة أطلقت أول قمر للتجسس وهو "1" ثم قمر صناعي آخر هو "آروس" ثم تطور الأمر مع تطوير "اللجنة القومية لأبحاث الفضاء" وإنشاء معهد بحوث الفضاء بجامعة تل أبيب لسلسلة أقمار "أوفيك" أو "أفق".