في سخرية سوداء تساءل وزير التموين في حكومة د. هشام قنديل، الدكتور باسم عودة، في حديثه إلى هيئة المحكمة التي تقضي بما أمر به السيسي، عن التهم الموجهة إليه حيث إنه لا يعلم أنه سوف يتم محاكمته على أنه جعل "زيت عباد الشمس" للمواطن ب 3 جنيهات، ونظر في عين القاضي لعله يرى بصيص من ضميره، أو ومضة خاطفة تشي بالعدالة الغائبة قائلاً "أنا مبعتش جزر مصرية علشان أتحاكم"! وقبل أن يأمر القاضي المستشار حسن فريد، بسحب الميكرفون د. عودة خوفاً من كلماته التي ربما توقظ ضمير العدالة، التي تحاكم 738 من رافضي الانقلاب العسكري، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين د.محمد بديع، في القضية المعروفة إعلاميًا ب"فض اعتصام رابعة العدوية".
قال عودة أن سلطات الانقلاب منعت المحامين من الالتقاء به، مطالبًا إتاحة الفرصة لأهله لزيارته دون تعنت، لكونه ممنوع عن الالتقاء بهم منذ عام كامل، كما أن اليوم عيد ميلاد نجلته ولم يسمح له أن يقول لها "كل سنة وأنتي طيبة"، ويسلمها هديتها التي جلبها لها وهي "وردة"!
بينما التقط دكتور أحمد عارف، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، طرف الحديث من د. عودة، وقال بمرارة شديدة على الحال الذي آلت إليه مصر أنه فقد 49 كيلوجرامًا من وزنه داخل محبسه، خلال الفترة الماضية، واصفًا السبب وراء ذلك بسبب تعرضه لبرنامج تعذيب مستمر ضده.
وأنكرت المحكمة تعرض د. "عارف" للتعذيب، وزعم القاضي الذي يعلم أن السيسي يراقبه ويجهل أن الله مطلع على الجميع :" لا يوجد احد يعذب احد وهل يوجد أثار تعذيب علي جسمك؟".
وأمر قاضي المحكمة الحرس بسحب الميكروفون من د."عارف" وإسكاته، بينما طالب الأخير من خارج قفص الاتهام بمعهد أمناء الشرطة، أثناء نظر محاكمته هو و738 من رافضي الانقلاب العسكري، في هزلية "فض اعتصام رابعة"، بعرضه على الطبيب الشرعي بصورة عاجلة لإثبات تعرضه للتعذيب.
ولفقت النيابة إلى الدكتور "عارف" وآخرين تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.
أحراز ملفقة! وبعد أن احتضن وزير التموين د. عودة ابنته الصغيرة، وحملها على أكتافه، وتعالى تصفيق الموجودين بالمحكمة من أهالي المعتقلين، استكملت المحكمة عملية فض الأحراز، التي لفقها عناصر الأمن والجيش للقضية، في حين خلت قائمة الاتهام منهم وهم الذين أشرفوا ونفذوا عملية فض الاعتصام، التي خلّفت أكثر من ألف قتيل من المعتصمين المدنيين السلميين خلال المذبحة.
وتضمنت الأحراز الملفقة "جركن" أسود كبيرا فارغا، به رائحة مواد بترولية قابلة للاشتعال، وفقاً لوصْف القاضي، إلى جانب حرز آخر عبارة عن علبة كرتون بها 3 أجهزة حاسوب، بالإضافة إلى علبة كرتون كبيرة بها 32 خوذة مختلفة الأنواع، وأخرى بها كيس أسود به 10 خوذات مختلفة، وبها آثار دماء وثقبان.
واقرأ أيضا - صور النصر.. البراءة تكسر الفاشية فى منصة "فض رابعة" - فيديو.. ماذا قال باسم عودة للمحكمة في هزلية "فض رابعة" عن تيران وصنافير - د.عارف للمحكمة: التعذيب أفقدني وزني.. والقاضي يسحب الميكرفون واقتصرت قائمة المتهمين على قيادات جماعة الإخوان المسجونين في مصر، والمتهمين ب"التحريض على الاعتصام والتخريب، وتعطيل المرافق العامة والطرق"، بالإضافة إلى بعض القيادات المتواجدة في الخارج، وأنصار الاعتصام، فضلاً عن معظم الأفراد الذين شاركوا في الاعتصام، وتم اعتقالهم خلال عملية الفض.
ومن المتهمين، المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، والنواب السابقون عصام العريان، ومحمد البلتاجي، وعصام سلطات، وعضو مكتب الإرشاد عبد الرحمن البر، والوزيران الأسبقان أسامة ياسين وباسم عودة، والقياديان عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، والداعيتان صفوت حجازي ووجدي غنيم.
كما تضم القائمة المصور الصحافي محمود أبوزيد، الشهير ب'شوكان"، الذي طالبت نقابة الصحافيين المصريين أكثر من مرة بإخلاء سبيله في القضية، لعدم وجود أي صلة تنظيمية بينه وبين جماعة الإخوان، ووجوده في مكان الاعتصام لأداء عمله.
وبخلاف ذلك، تضم القائمة العشرات من علماء الدين والشيوخ وأساتذة الجامعات والأطباء وأئمة المساجد والمهندسين والمحامين والصيادلة والطلاب، وعدداً من المسئولين إبان حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وغيرهم من فئات المجتمع.
معتدى عليهم! ويحاكم المتهمون في القضية رغم كونهم معتدى عليهم، وارتُكبت بحقهم مذبحة، خلال عملية فض الاعتصام. ورغم سقوط أقارب وأهالي وأصدقاء ومعارف المتهمين، إلا أن السلطات المصرية لم تكتف بالانقلاب على الشرعية والمذبحة الدموية، بل وحولت ذويهم إلى متهمين وجناة وأحالتهم إلى المحكمة.
وتنظر القضية أمام دائرة المستشار حسن فريد، بمحكمة جنايات القاهرة، والتي سبق أن أصدرت أحكاماً في قضية خلية "الماريوت" وأحداث مجلس الشورى، والمعروف بمواقفه العدائية ضد رافضي الانقلاب العسكري.