نشرت الجريدة الرسمية، اليوم، القرار رقم 160 لسنة 2016، والذي أصدره عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، بتخصيص 238 فدانا من أراضي الدولة ناحية المنيا الجديدة، لصالح القوات المسلحة، وهو ما اعتبره مراقبون حلقة جديدة من سياسة توسيع اقتصاد الجيش، واحتكاره المشروعات القومية والحيوية الكبرى. يأتي ذلك بعد أيام من القرار الذي أصدره السيسي بإعادة تخصيص قطعة أرض من أملاك الدولة في جنوبسيناء لصالح القوات المسلحة. وينص القرار رقم 102 لسنة 2016، على إعادة تخصيص قطعة أرض من الأراضي المملوكة للدولة، ملكية خاصة بمساحة 72 فدانا و30 قيراطا، في محافظة جنوبسيناء، جنوب شرقي مصر، لصالح القوات المسلحة، وذلك نقلا من الأراضي المخصصة للأنشطة السياحية. القرار وصفه مراقبون بأنه استرضاء للجيش، بعد تقارير عن غضب بين بعض القيادات إثر تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر للسعودية. وفي 3 ديسمبر الماضي، أصدر السيسي قرارا يمكن جهاز بيع اﻷراضي والعقارات التي تخليها القوات المسلحة، من إنشاء شركات خاصة به، سواء كانت برأسماله الخاص أم بالمساهمة مع مستثمرين محليين أو أجانب. وتلك هي المرة اﻷولى التي يسمح فيها للجيش المصري بإنشاء شركات مع شركاء أجانب أو مستثمرين مصريين. وبعدها منح السيسي الجيش جميع الأراضي بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وجميع اﻷراضي الصحراوية التي ستستغل في المشروعات الكبرى، مثل مجمع هضبة الجلالة بمدينة محمد بن زايد، وغيرها. كما يجيز الوضع القانوني الجديد لهذا الجهاز القيام بأنشطة أخرى لتعظيم موارده، وبالتالي تمكينه من دخول مجال اﻷراضي والعقارات وبيعها بغرض اﻻستثمار، خاصة أن مهمته الرئيسية هي بيع أراضي الدولة التي كان يديرها الجيش. كما ألغى قرار عبد الفتاح السيسي نظام المزايدة العلنية الذي كان متبعا لبيع هذه اﻷراضي والعقارات، وأصبح من حق الجهاز تخصيص اﻷراضي باﻷمر المباشر؛ وذلك وفقا لقانون المناقصات والمزايدات الذي تم تفريغه من مضمونه بتعديلات تشريعية في عهد المؤقت عدلي منصور عامي 2013 و2014. وفي سياق منفصل، أصدر السيسي قرارا كشف فيه أن ميناء الجلالة، والذي كان يعلن عن قرب تدشينه، سيكون ميناء سياحيا لاستقبال اليخوت وسفن الرحلات والنزهات الترفيهية، وليس ميناء اقتصاديا. وكلف السيسي الجيش بتولي تخطيط وتنفيذ ثم إدارة هذا الميناء، والذي من المقرر أن يكون نواة لمدينة سياحية بها العديد من المنشآت التابعة لدولتي السعودية واﻹمارات. سلسلة القرارات التي توسع سلطات وأملاك المؤسسة العسكرية في مصر، اعتبرها مراقبون وخبراء محليون ودوليون استرضاءً للجيش. تقول "إميلي كرين لين"، في مجلة "فورين بوليسي": إن نظام عبد الفتاح السيسي تنازل عن الاقتصاد المصري للجيش؛ حتى تظل هذه المؤسسة راضية عنه. وتشير المجلة إلى أن السيسي ليس لديه حلفاء سياسيون يمكنه الاعتماد عليهم عندما تزداد الأمور شدة، ولا يستطيع التعويل على برلمانه، مبينة أن السيسي ليس لديه سوى مؤسسة قادرة على حمايته وتأمين مستقبله، وهي القوات المصرية المسلحة. فيما يقول الأستاذ في جامعة القاهرة أحمد عبد ربه: "يحتاج السيسي إلى الجيش"، ويضيف أن السيسي "ليست لديه مؤسسة سياسية، والجيش هو المؤسسة الوحيدة التي تمنحه الشرعية، وأصبح الجيش مؤسسة سياسية بحد ذاتها"، وهو ما يريده الجيش في الوقت الحالي، حيث تحول الجيش إلى المؤسسة السياسية الوحيدة المتوفرة للسيسي. ومقابل تقديم الولاء له، كان المطلب واضحا، بحسب صحيفة العربي الجديد، وهو السيطرة على الاقتصاد المصري، بشرط أن يكون الجيش متحررا من القوانين التي تغطي عمل المؤسسات المدنية، وهو ما فعله السيسي. ورصدت دراسة لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأدنى في 2015، أنه من بين 263 قرارا أصدرها السيسي منذ وصوله إلى الرئاسة، كان هناك 32 قرارا يتعلق بالجيش والقطاع الأمني، تضم القرارات رفع رواتب التقاعد لأفراد القوات المسلحة بنسبة 10%، بالإضافة إلى قرار يوسع سلطات المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين، وقرار يمنح الجيش السلطة لإنشاء الشركات الأمنية الربحية. ويقدر مراقبون بأن الجيش يسيطر على 50 إلى 60% من مجمل الدخل القومي العام.