في إطار سياسات التضييق على حرية الرأي والتعبير، تواصل السلطات المصرية سياساتها القمعية ضد الصحفيين وأصحاب الرأي، في محاولة لتكميم الأفواة وتدجين الرأي العام، ومنع الأصوات المعارضة لها، باعتقال المصور الصحفي عبد الرحمن عبد السلام ياقوت، الذي يعمل مصورا صحفيا بموقع "كرمزز" بالاسكندرية، منذ ما يقرب من العام.. وتم القض عليه في 21 مارس الماضي، أثناء تأدية عمله المكلف به من جهة عمله، وذلك أثناء تغطيته لواقعة إحراق نقطة شرطة بالهانوفيل غربي الاسكندرية.
ولم يتم إثبات أنه صحفى يعمل بموقع كرموز رغم تقديمه لأوراقه الثبوتية للسلطات، ليجد نفسه متهمًا بحرق نقطة شرطة "فوزى معاذ" بالهانوفيل، بالاسكندرية .
ويقول ياقوت عن تجربته "بعد إهانات مباشرة لفظيًا وجسديًا، رغم إظهاري الكارنيه الخاص بالموقع، بل كانت تكثُر عند ذكر أنني صحفي، اصطحبوني إلى ضابط متواجد في أحد الأكمنة في منطقة البيطاش، وبدأ استجوابي، وقرروا الذهاب إلى منزلي، وبعدما قلبوه رأسًا على عقب، لم يجدوا شيئًا..أرسلوني حينها إلى قسم الدخيلة، وجدت ثلاثة أشخاص مغمى عيناهم ومكبّلي اليدين، تعرفت عليهم بعد ذلك في النيابة لأنهم وضعونا في قضية واحدة ، بدأ رئيس المباحث واثنين آخرين استجوابي وإلقاء التهم عليّ بأني في "اللجنة الإعلامية الإخوان" حينها أدركت أنني "لن أخرج من هنا".
ويضيف ياقوت؛ “بعد 6 تحقيقات مختلفة من الساعة الواحدة ظهرًا، لحظة إعتقالي، حتى العاشرة مساء السبت الموافق 21 مارس الماضي، لم ينتهي الأمر بعد، فكانت لحظة إغماء عيني وتكبيلي، وإلقائي في حجرة بها 3 أشخاص، رأيتهم من بصيص النور الذي يخرج من أسفل قطعة القماش، وهنا اصطحبوا أحد الاشخاص من الغرفة، وبدأ بعدها بدقائق أصوات "إلكترك" الكهرباء، مصحوبة بأصوات الصراخ التي لم تنقطع إلا في قرابة الواحدة صباحًا عندما علمت أن رئيس المباحث انصرف وقرر إلقائي في الحجز مع باقي المساجين".
كما فوجئ المحامون بأمر ضبط وإحضار بحقه بتاريخ لاحق على الواقعة بيومين، وهو ما يعني أن قضيتين مختلفتين بحق الصحفي عبد الرحمن ياقوت، الأولى برقم 8558 لسنة 2015 جنايات الدخيلة، والمقيدة برقم 1206 لسنة 2015 كلي غرب الاسكندرية، متهم فيها بالإنضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون، التجمهر، استعراض القوة والتلويح بالعنف، التظاهر دون إذن مسبق، وإحراز مفرقعات و أسلحة. وقد ضمت تلك القضية إلى جانب “ياقوت” أربعة متهمين آخرين. و أُحيلت لمحكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 17 مايو 2015م.
أما القضية الثانية؛ فحملت رقم 3880 لسنة 2015 إداري الدخيلة، وضمت خمس متهمين آخرين إلى جانبه، و الإتهام الرئيسي فيها، المشاركة في حرق و إتلاف نقطة شرطة "فوزي معاذ"، بمنطقة الهانوفيل، غرب الإسكندرية.
الحبس الاحتياطي عقوبة
وتوالت قرارات حبسه احتياطيًا لمدة وصلت إلى 57 يومً، وفي 17 مايو 2015م، أُحيلت القضية الأولى -رقم 8558 لسنة 2015 جنايات الدخيلة- إلى محكمة جنايات الاسكندرية، والتي قررت في جلستها الأولى المنعقدة بتاريخ 12 سبتمبر 2015م، برئاسة المستشار يسري عبد الرحمن، تأجيل نظر القضية لجلسة 20 يناير 2016م، لتعذُّر حضور المتهمين من محبسهم. وتم تأجيلها مجددًا لجلسة 20 إبريل 2016 لتعذر حضور المتهمين، ليُكمل عبد الرحمن ياقوت -بحلول الجلسة القادمة- 396 يومًا من الحبس الاحتياطي، والتهمة الحقيقية هى كونه "صحافيًا" قام بمباشرة مهام عمله الصحفي التي تلتزم السلطات المصرية بتأمينه وحمايته وتوفير البيئة الآمنة له للقيام بذلك وفقًا للدستور والمواثيق الدولية التي وقّعت عليها الحكومة المصرية وأصبح لها قوة القانون. (الدستور المصري مواد 65، 70، 71، 72 / قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 مواد 1، 7، 9/ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية مادة 19/ المياثق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب مادة 9، فقرة 2).
وتتعسف النيابة العامة في استخدام السلطات المخولة لها في حبس المتهمين احتياطيًا فترات طويلة، لدرجة أصبح الحبس الاحتياطي "عقوبة" في حد ذاته وليس مجرد إجراءًا احترازيًا.
ويطالب حقوقيون باطلاق سراح الصحفي ياقوت، وتمكينه من التواصل مع محاميه واحترام القواعد القانونية المنظمة لعمل الصحفيين، في التغطية الميدانية، واحترام كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقَّعت عليها السلطات المصرية، كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتحديدًا المادة 9 (فقرة 1،3)، فقرة 3 “يُقدَم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعًا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونًا بمباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يُحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يُفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.