لا يكاد يخلو يوم من ذكرى وفاة مجاهد في حركات الجهاد الفلسطيني، التي قدمت ولا تزال تقدم الغالي والنفيس من أجل القضية الفلسلطينية واستعادة المسجد الأقصى، وتحرير الأرض المسلمة من الاحتلال الإسرائيلي. ووافق الثلاثاء الماضي، الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد نضال فتحي رباح فرحات، أول من صنع صاروخًا في فلسطين، الذي يرجع إليه الفضل في اختراع صاروخ القسام برفقة الشهيد "تيتو مسعود" صاحبي فكرة صناعة الصواريخ؛ حيث اغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يحاول تجهيز طائرة القسام دون طيار (أبابيل1) نشأته ولد الشهيد المجاهد نضال فتحي رباح فرحات عام 1971م، أمه المجاهدة الراحلة "أم نضال"، وتربى ومنذ نعومة أظفاره في طريق المساجد، فمنذ أن وعى على هذه الدنيا وقلبه يحب فلسطين والتضحية في سبيل الله عز وجل ثم من أجل تحرير ثرى فلسطين، نشأ في أحضان الشباب المسلم التواق للجهاد في سبيل الله والشهادة من أجله، كان يحافظ على دروس العلم والتعلم، خاصة جلسات تلاوة القرآن الكريم هو وكثير من أصدقائه. وفي المرحلتين الابتدائية والإعدادية كان هادئًا جدا لم يظهر عليه نشاطه المشهود، كان مؤدبا خلوقا لم يؤذِ أحدًا من الناس حتى أحبه من عرفه ومن سمع عنه. وأنهى تعليمه الثانوي في مدارس حي الشجاعية، ومن ثم التحق بالدراسة الجامعية في الجامعة الإسلامية في غزة، وكانت الجامعة قد حولت مسار وتفكير وشحصية المجاهد القائد نضال فرحات، وتزوج الشهيد نضال بعد ذلك ليصبح أبا لخمسة أبناء (ولد وأربعة بنات). وعن عدد الاعتقالات التي تعرض لها نضال، فقد اعتقله جيش الاحتلال خمس مرات، فيما اعتقل لدى أجهزة السلطة الفلسطينية ثلاث مرات. وقد منعت أجهزة السلطة الفلسطينية نضال العديد من المرات لإطلاق الصواريخ ولكنه كان يصر دائمًا على إطلاقها، وكان يشد حزامه عند سمع نبأ اجتياح من الاحتلال، وكان يتصدى هو وإخوانه في القسام لأرتال دبابات الاحتلال التي تحاول دخول المدن الصامدة. مقاومًا وفي 5 فبراير 1993م انضم الشهيد نضال فرحات إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، وكان يحب الإبداع والتطوير في الأسلحة التي تنتجها كتائب القسام. المُصنّع ومن التجنيد إلى التصنيع انتقل نضال سعياً إلى إيجاد طرق إبداعية لجهاد الاحتلال وإيقاع الخسائر في صفوفه خاصة في ظل التحصينات القوية التي كانت تتمتع بها المغتصبات الاسرائيلية في قطاع غزة إبان اندلاع انتفاضة الأقصى مطلع عام 2000، وبتعاضد جهود القائد فرحات ورفاقه كان “قسام 1″، أول صاروخ محلي الصنع يطلق صوب مغتصبات الاحتلال في قطاع غزة، لتسجل سابقة في تاريخ الجهاد الفلسطيني. وانطلاقًا من تاريخ السادس والعشرين من أكتوبر عام 2001م، الذي أعلن فيه اطلاق صاروخ "قسام 1"، تفرغ الشهيد القائد نضال فرحات بطلب من القائد العام لكتائب القسام آنذاك الشهيد صلاح شحادة، لتطوير صواريخ القسام، وعلى نحو متسارع، بدأ نضال وإخوانه المجاهدون في تطوير الصواريخ، فجاء إعلان القسام بعد عدة أشهر عن تصنيع صاروخ "قسام 2"، ثم "قسام 3″، الذي يصل طوله قرابة ثلاثة أمتار بمدى يصل 17 كيلو مترًا. وكان طموحًا لتطوير الأسلحة، فهو أول من صنع صاروخًا في فلسطين قاطبة ليدخل بهذا الشرف العظيم الذي حباه إياه الله تبارك وتعالى باب العزة والكرامة باب الجهاد. تقول أمه "أم نضال فرحات" -رحمها الله- في مقابلة تليفزيونية: "لقد جاءني نضال في يوم من الأيام وهو لم يخفِ عني أسراره أبدًا.. جاءني مسرور سرورًا لم أشهده من قبل على وجه نضال، وقال: يا أمي لقد أكرمني الله بصناعة الصاروخ الأول في فلسطين فاستغربت كثيرا، ثم إني حملت هذا الصاروخ وحمدت الله تعالى على هذا الإنجاز العظيم وقرأت عليه آيات من القرآن الكريم علّ الله تبارك وتعالى يبارك في هذه الجهود الجبارة ودعوت الله له ولإخوانه المجهادين بالتوفيق والسداد وأن يسدد الله خطاهم نحو النصر والتمكين". وعندما أطلق الصاروخ الأول لكتائب القسام أثار خوفًا وفزعًا كبيرًا لدى الاحتلال.. وتيقنت تمامًا بأن المجاهدين كل يوم يشكلون خطرًا أكبر على الاحتلال، مما اضطرهم إلى استخدام أعتى الوسائل في اغتيالهم، واستخدم لاغتيالهم عبوات ضخمة جدًّا وزنها تكفي لقتل عدة أفراد. اغتياله واستشهاده استشهد المُصنّع نضال فرحات في عملية اغتيال جبانة نفذتها مخابرات الاحتلال بالتعاون مع عملائها بعد زرع عبوة ناسفة في المكان الذي كان يعمل به الشهيد نضال مع إخوانه في وحدة التطوير والتصنيع، بينما كانوا يجهزون طائرة صغيرة تعمل بالتوجه عن بعد وقضى مع خمسة من الشهداء، هذه الطائرة التي سميت ب "أبابيل1" تم تصنيعها لاحقًا وأعلنت عنها كتائب القسام عام 2014 في معركة العصف المأكول.