أعلن البنك المركزي المصري، في بيان أمس، أنه رفع الحد الأقصى للإيداع النقدي بالعملات الأجنبية بالنسبة إلى الشخصيات الاعتبارية إلى 250 ألف دولار شهريًّا من 50 ألفًا ومن دون حد أقصى للإيداع اليومي؛ وذلك لتغطية واردات بعض السلع والمنتجات الأساسية. وأفاد بأن الحد الأقصى الجديد يسري على "السلع الغذائية الأساسية والتموينية والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات والأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها"، وأضاف أن سقف الإيداع الشهري البالغ 50 ألف دولار شهريًّا وبحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًّا سيظل ساريًا على الأفراد الطبيعيين والشخصيات الاعتبارية المختلفة عما ما ورد أعلاه.
ترحيب حذر
ورحب كثير من المستثمرين ورجال الأعمال بالقرار، إلا أنهم اعتبروه غير كاف لحل الأزمة ويكرس حالة الاحتكار، مطالبين بتحرير السحب والإيداع كاملاً التزامًا بقواعد وقوانين السوق الحر وضرورة رفع القيود عن تحويل المستثمرين الأجانب للعملة الصعبة، مؤكدين أن ذلك هو العقبة الكبرى في طريق الاستثمار.
من جانبه، اعتبر المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، زيادة الإيداع النقدي للسلع إلى 250 ألف دولار شهريًّا، بدلاً من 50 ألفًا، من القرارات الجريئة التى سيكون لها مردود إيجابي على معدلات الاستثمار خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن القرار يعلن بوضوح أن السوق المحلية سوق مفتوح، كما يسهم في تخفيض أزمة الدولار، والتوسع في استيراد المنتجات والسلع الأساسية.
وقال في تصريحات صحفية: إن المفاوضات مستمرة مع قيادات البنك المركزي، حول إصدار مزيد من الإجراءات لدعم الصناعة، وتنظيم الاستيراد.
وعلى العكس، اعتبر أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، بالغرفة التجارية بالقاهرة، القرار بمثابة المزيد من القيود على عمليات الاستيراد، ويعزز احتكار قلة من المصنعين للسوق، كما اعتبره حلقة في سلسلة تجاهل مطالب المستوردين من التجار.
وأشار إلى أن الشعبة ستعقد اجتماعا مطلع فبراير المقبل، لمناقشة تداعيات جميع القرارات المقيدة للاستيراد، سواء الصادرة عن البنك المركزي، أو وزارة التجارة والصناعة، وخاصة المتعلقة بحظر استيراد 24 بندًا سلعيًّا بدءًا من مارس المقبل، في حال لم تسجل مصانعها بمصر، بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
وأضاف أن الاتحاد العام للغرف التجارية، كان قد أرجأ اتخاذ موقف من التجار والمستوردين، لحين مرور ذكرى ثورة 25 يناير.
وقال المهندس محمد سيد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات، إن القرار خطوة على طريق الألف ميل، لافتًا إلى أن المصانع تحتاج لنحو 10 أضعاف سقف الإيداع الدولاري الحالي، لو تم حساب أسعار خامات الحديد عالميًّا، وطالب بضرورة وضع المصانع وخامات الصناعة في الحسبان وضمن الأولوية في توفير الدولار.
اهتمام إعلامي كبير
اهتمام واسع وكبير من جميع الصحف الصادرة اليوم الأربعاء 27 يناير 2016 بالقرار؛ حيث أبرزته الوطن والشروق في مانشيت رئيسي، واعتبرته الشروق "انفراجه في أزمة العملة الصعبة"، كما تناولته كل من الأهرام ونقلت الصحف ترحيب رجال الأعمال والتجار وتأكيدات رجال البنوك أن القرار سيوفر السلع بأسعار ملائمة.
ونقلت الوطن عن خبير اقتصادي أن القرار يوفر 25% من تكلفة الواردات وينهي ارتباك المصانع.
فيما تنقل الشروق عن مستثمرين أنه خطوة جيدة ولكنها ليست كافية، وأن الوضع يحتاج إلى تحرير كامل للسحب والإيداع.
ورأت الدستور في المانشيت أن "القرار جيد ولكنه لا يحل كارثة هروب وانهيار الاستثمار، وطرحت سؤالاً على محافظ البنك المركزي: "هل يعقل أن يقوم أي مستثمر بالاستثمار داخل مصر تحت قيد منع خروج أمواله إلى خارج مصر؟!".
مطالب بتحرير كامل للسحب والإيداع
محمد البهي، عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس لجنة الضرائب، يرى أن الخطوة التي أقدم عليها البنك المركزي غير كافية لجذب الاستثمار الأجنبي، مطالبًا بالتحرير الكامل للسحب والإيداع الدولاري.
ويشير في تصريحات اليوم لصحيفة الدستور إلى أن ذلك من شأنه أن يرسل مؤشرًا إيجابيًّا للمستثمرين الأجانب والتأكيد على أنه يستطيع أن يدخل للسوق المصرية ويخرج بحرية كما يمكنه تحويل عوائد استثماراته.
ويشدد على أن الأوضاع الاقتصادية تحتاج بشدة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر خلال المرحلة القادمة، وأن عدم التحرير الكامل للسحب والإيداع الدولاري وكذلك عدم ضمان تحرير التحويل من الحسابات الشخصية إلى الشركات بما يكفل حرية تحرك المستثمر، من الأسباب القوية التى تحول دون جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بالصورة المرجوة والمنشودة بحسب وصفه.