هناك أشخاص لا يعرف الناس قيمتهم إلا بعد أن يرحلوا؛ حيث يفاجئون بأن هؤلاء كانوا يعيشون معهم في نفس التوقيت.. ومن هؤلاء الذين انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن مناقب الدكتور صلاح عطية، الذي لم يكن يعرفه الكثيرون، فيما عرف عنه من التقاه أو تعرف على سيرته الكثير. توفي المهندس صلاح عطية -مؤسس فرع جامعة الأزهر في "تفهنا الأشراف" بالدقهلية، عن عمر يناهز 70 عاما، بعد حياة حافلة بالعطاء والمساهمة في أعمال البر بمختلف محافظات الجمهورية. وإذا استدعينا معلومات أقدم؛ فإننا نجد أن "عطية" ولد عام 1944 في قرية "تفهنا الأشراف"، وأسهم في تأسيس المئات من المعاهد الأزهرية بقرى محافظات مِصْر؛ حيث كان مقصدًا لكثير من الساعين لتأسيس وبناء المعاهد الأزهرية في قراهم ومراكزهم، وكان يعتمد إستراتيجية البدء ليكون قدوة للناس ويأتي بعد ذلك حث الناس واستنهاض هممهم للمشاركة. ففي 6 يناير 1984 أنشأ "عطية" مع أهالي قريته مركزًا إسلاميا متكاملا، ومع التوسعات التى شهدتها مشروعات القرية كان الريع المخصص للعمل الخيري قد اتجه لإقامة حضانة لتحفيظ الأطفال القرآن الكريم بالمجان، مع نقلهم من القرى المجاورة والتكفل بزي الحضانة، ثم بناء معاهد أزهرية بكافة المراحلة التعليمية للبنين والبنات. ثم بدأ التفكير في إنشاء كلية جامعية للشريعة والقانون.. تلاها كلية للتجارة بنات ثم كلية لأصول الدين ثم رابعة للتربية، ثم مدينتين جامعيتين للطلاب والطالبات المغتربين، وأسهم أهالي القرية بالتبرع في إقامة تلك المنشآت حسب استطاعتهم، بداية من المشاركة في أعمال البناء إلى التبرع بالمال حسب الاستطاعة. وتسبب وجود 4 كليات جامعية بالقرية في حدوث رواج تجاري، وحركة نشيطة للنقل والمواصلات. كما قامت غالبية البيوت ببناء حجرات إضافية لتأجيرها للطلاب.. والنتيجة أنه لم يعد بالقرية عاطل ولا فقير. وأسهمت "لجنة المصالحات" التابعة للمركز الإسلامي الذي يرأس إدارته المهندس صلاح عطية، في حل الخلافات المتنوعة داخل القرية، وكانت نتيجة ذلك أنه لم تصل مشكلة واحدة من القرية إلى مركز شرطة ميت غمر طوال الأعوام العشرين الماضية، لدرجة أنه كان بالقرية قبل نجاح التجربة اثنان من المحامين فقام أحدهما بغلق مكتبه وقام الآخر بتحويل نشاطه إلى مأذون شرعي.