قال الكاتب الصحفي وائل قنديل: إن هناك مفارقة مدهشة لدى أصحاب "بوتيك الاصطفاف" تتجلى في محاولتهم إسباغ شيء من الأخلاقية على قفزة "30 يونيو"، موضحًا أنه لا يوجد عاقل ينكر أنها كانت السبب الأول والرئيسي في الكوارث، التي تتخبط فيها مصر الآن. وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم السبت، أن كثيرين ممن تورطوا في تلك الخطيئة الإنسانية والسياسية، لا يجدون غضاضة في الاعتراف بأنهم خُدِعوا، وانزلقوا إلى هذا المستنقع، وأدركوا فداحة الخسارة، بعد عامين ونصف العام من الدماء والتردّي في كل شيء. وأكد أن الثورات لا يصلح فيها المساومات والمقايضات، لأنها تعبر عن نفسها بوضوح، وتنحاز إلى المبادئ العامة، المطلقة، وليس إلى المصالح، النسبية، منوهًا إلى أن ما تعيشه مصر الآن، وتمتد آثاره السلبية إلى محيطها العربي والإقليمي، ناتج عن تلك اللحظة التي نجحت فيها مجموعة من المخادعين، في النصب على الجماهير، واستدعائهم ليعبروا فوق إراداتهم لقتل ثورتهم، وديمقراطيتهم التي اكتسبوا بشائرها في يناير 2012. وأكد قنديل أنه ليس صحيحاً، أن الجماهير هي من استدعت عبد الفتاح السيسي للانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بل إن الجنرال هو من خطط عملية حشد الجماهير، مستعملاً تلك النخب الانتهازية الأجيرة، لكي يدهن انقلابه بطلاء مدني أبيض، ليكون يونيو 2013 تاريخ وفاة ثورة يناير ومواراتها الثرى. وقال إن أي حديث عن اصطفاف ثوري جديد، لا يتضمن الاعتراف بخطأ السقوط في "كمين الثورة المضادة" لغوًا لا مردود له، موضحًا أن الفصل بين الثلاثين من يونيو(مقدمة الانقلاب)، والثالث من يوليو (مؤخرته)، لا يختلف كثيرًا عن الفصل بين ثورة يناير وشرعية الرئيس محمد مرسي. واختتم قنديل مقاله قائلاً " بحثت "يناير" عن ديمقراطية، وعثرت عليها وطبقتها، فأتت برئيس منتخب، "ويونيو" جاء بجنرال دموي عبر إلى الحكم فوق جماجم كثيرة. وعلى هذا، لا يستقيم أن تعلن الخروج من مؤخرة الانقلاب، وتتمسك بمقدمته، ولا يتصور، منطقًا، أن شخصا لا يزال يضع قدماً في يونيو، يمكن أن يكون مؤهلاً لأن يتم دمجه في مشروع اصطفاف ثوري لاستعادة يناير؛ إذ كيف تنادي بديمقراطيةٍ أنت نفسك قبلت أن يستعملوك ويمتطوك، من أجل قتلها ووأد مولودها؟".