أكد الكاتب الصحفي مصطفى عبد السلام، الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد بصحيفة العربي الجديد اللندنية، أن هناك 5 أسباب تدفع إلى التحفظ على مشروع التفريعة الجديدة لقناة السويس. وفي مقاله له اليوم الجمعة على صحيفة العربي الجديد بعنوان « كلمات هادئة في ملف قناة السويس الشائك» يقول عبدالسلام :« عندما نناقش قضية بالغة الأهمية والحساسية في حجم قناة السويس، فلا بد أن يكون النقاش هادئاً ومتزناً وعقلانياً، وأن نبتعد في هذه الحالة عن تشنجات السياسة والخلافات المعروفة بين المصريين والمبالغات في الأرقام من كل الأطراف، لأنها لا تصب في النهاية في مصلحة النقاش الموضوعي، ولن تفيد أحداً يريد أن يفهم حقيقة ما يجري، سواء بالنسبة لمشروعات القناة من توسعات وأعمال حفر، أو غيرها من المشروعات التي تم الإعلان عنها».
ويذكر الخبير الاقتصادي 5 أسباب تدفع إلى التحفظ على مشروع التفريعة الجديدة فى هذا التوقيت بالذات، أولها «التكلفة الضخمة التي يتحملها الاقتصاد الضعيف جراء تنفيذ المشروع والبالغة أكثر من 102 مليار جنيه ( 13.07 مليار دولار) مقابل العائد المتوقع منه، فقد تم جمع 64 مليار جنيه من المواطنين بسعر فائدة 12% سنوياً، وإذا ما أضفنا الأموال التي تم جمعها ( 64 مليار جنيه) والعائد على هذه الأموال (%12 سنوياً في 5 سنوات هي مدة القرض، وبما يعادل 38.4 مليار جنيه)، وهنا يصبح المجموع أمامنا 102.4 مليار جنيه حصيلة 64 + 38.4 مليار، وهذا المبلغ سيتم ردّه من خزانة الدولة، وكلنا نعرف أوضاع الموازنة العامة المتردية التي بلغ العجز بها نحو 270 مليار جنيه في العام المالي الأخير».
ويشير رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة "العربي الجديد" إلى أن هذا «المبلغ الضخم الذي يمثل تكلفة إجمالية للقناة كان من الممكن توجيهه إلى أنشطة أخرى ملحة، كالمشروعات الصغيرة التي يمكن أن توفر فرص عمل لملايين الشباب، كما كان من الممكن توجيهه إلى أنشطة تتعلق بتيسير الحياة المعيشية للمواطنين، وتقديم خدمات ضرورية لهم مثل الصحة والتعليم والإسكان.
ويفند الكاتب التصريحات الانقلابية التى بالغت فى الإيراد المتوقع للتفريعة الجديدة بقوله «دعنا هنا من التصريحات التى خرج علينا بها بعضهم، والتي تقول، إن إيرادات قناة السويس سترتفع إلى 100 مليار دولار، وفي روايات أخرى 200 مليار دولار، مع افتتاح مشروع قناة السويس الجديد، فإيرادات القناة الحالية تبلغ نحو 5.6 مليارات دولار، وقد تتضاعف خلال 8 سنوات، حسب تقديرات رسمية أيضاً، أما أن تصل إلى 100 مليار دولار أو 50، فهو الوهم بعينه، وحتى لو وصلت إلى 13 ملياراً، حسب تقديرات، فإنها لن تغطي التكلفة الإجمالية للمشروع الحالي».
أما السبب الثاني للتحفظ على مشروع التفريعة الجديدة فيؤكد عبدالسلام أنه «ليس من المقبول إقامة مشروع بهذا الحجم وبتكلفة تفوق 100 مليار جنيه بلا دراسات جدوى تحدد بدقة التكلفة الاستثمارية والعائد المتوقع ومستقبل التجارة العالمية، وما إذا كانت هناك توقعات بانتعاشها خلال السنوات المقبلة أم لا».
وعن السبب الثالث لتحفظه يضيف الكاتب «اختزال المشروع من تنمية شاملة لضفتي القناة وإقامة مشروعات في مجالات الصناعة والنقل واللوجستيات، والطاقة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والعقارات، إلى مجرد حفر وتعميق 72 كم، يقلل أهميته، بالطبع لا يمكن تقليل المجهود الذي تم نشره في تنفيذ المشروع بصورته الحالية، ولكن لنسم الأمور بأسمائها دون مبالغة أو نفخ».
وينتقل الكاتب بعد ذلك إلى السبب الرابع والذي يتعلق بالتوقيت فبحسب المقال «فهو غير مناسب لأنه لا توجد قفزة في التجارة الدولية تؤكد زيادة الإقبال على القناة والمرور بها، وبالتالي زيادة إيراداتها».
وفي السبب الخامس ينتقد الكاتب المبالغة فى الدعاية الضخمة للمشروع بقوله «الأسلوب الفج والمبالغ فيه في الدعاية للمشروع، والذي تم تصويره على أنه "قناة سويس جديدة " وممر موازٍ للمر الحالي، وهذا غير صحيح، لأن طول القناة في حدود 200 كيلومتر، أما عمليات الحفر والتعميق فتبلغ 72 كيلومتراً، والدعاية التي تتم هذه الأيام لا تختلف عن الدعاية التي تمت لمشروع العاصمة الجديدة والمليون وحدة سكنية وجهاز الكفتة وغيره من المشروعات القومية التي لم تر أغلبها النور حتى اللحظة».
ويختم بقوله «كما أن أسلوب الدعاية، للمشروع الجديد، لا يختلف كثيراً عن الأسلوب الفج الذي تم استخدامه في الحديث عن نتائج مؤتمر شرم الشيخ، والذي قالت الحكومة ساعتها إنه حقق نجاحاً باهراً، حيث جذب استثمارات قاربت 300 مليار دولار، وانتظر المصريون تدفق المليارات عليهم إلا أنها لم تأت حتى الآن».
يشار إلى أن قناة السويس واحدة من 5 موارد رئيسية مدرّة للنقد الأجنبي في مصر، توجه الدولة حصيلة هذه الموارد لسداد فاتورة واردات خارجية تفوق 60 مليار دولار سنوياً، أو سداد الديون الخارجية المستحقة على البلاد والبالغة، حالياً، نحو 45.5 مليار دولار. والموارد الخمسة هي: الصادرات البالغ إيراداتها نحو 24 مليار دولار في عام 2014، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج 18 مليار دولار، والسياحة 7.3 مليارات دولار، والاستثمارات الأجنبية 3-4 مليارات دولار، ودخل قناة السويس 5.6 مليارات دولار.
وقناة السويس تعد أهم ممر بحري في العالم، حيث يمر عبرها ما بين %8 إلى 12% من حجم التجارة العالمية، التي تقدر بنحو 22 تريليون دولار، أي أنه يمر، من خلال القناة، بضائع وسلع تقدر قيمتها بنحو 2.6 ترليون دولار، أي 2600 مليار دولار سنويا.