تنصل الجانب الإثيوبي من كل الاتفاقيات التي أبرمها مع قائد الانقلاب المصري، وعلى رأسها "وثيقة الخرطوم"، والتي لم يمضِ على توقيعها سوى أسبوع واحد، مما جعل موقف قائد الانقلاب العسكري بمصر في موقف "محرج". نظام الرئيس "ديسالين" راوغ السيسي وحكومته فيما يخص اختيار الشركة الفنية، وأبرم اتفاقا للدفاع العسكري مع تركيا، التي تحظى بعلاقة عداء مع السيسي. يري وزير الري الأسبق الدكتور محمد نصر علام، أن ما تفعله إثيوبيا هو إعلان واضح أنها خرجت من وثيقة الخرطوم رابحة، في عدم إلزامها بأي بند يخص حقوق مصر التاريخية بجانب عدم إلزامية المكتب الاستشاري، وهو ما يجعلها تتحكم في اللجنة الثلاثية كما تشاء. وأضاف "علام" أن الهدف من المراوغة فيما يخص المكتب الاستشاري هو أن إثيوبيا لن تقبل بتقرير فني مكتوب يدينها؛ لأن بناء السد يعني وقوع أضرار على مصر، وهو ما يعرفه الجانب الإثيوبي، لذلك لا يريد إقامة أي دراسات فنية يحرجها أمام المجتمع الدولي بحسب رصد. وتابع: إن وثيقة الخرطوم حققت الاعتراف السياسي للسد، وهو ما كانت تحتاج إليه إثيوبيا، أما فيما عدا ذلك فإنها ستلجأ للمراوغة حتى يتم الانتهاء من بناء السد، ليصبح بعد ذلك أمرًا واقعا، لافتا إلى أن المفاوضات الفنية ضعيفة. فيما أشار الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه الدولي، إلى أن وثيقة الخرطوم كان فخًا لمصر من السودان وأثيوبيا بانتزاع اعتراف بشرعية سد النهضة وهو ما حدث، ولذلك فإن أي سلوك «استعراضي» من إثيوبيا أمر طبيعي. وأضاف نور الدين أن المفاوضات الفنية التي ننتظر نتائجها بعد سنة على الأقل -وفقًا لدراسات المكتب الاستشاري- هي دراسات موجودة للسد منذ عام 2012 ورفضتها إثيوبيا، وبدأت في الترويح لفكرة مكتب استشاري محايد عطلنا حتى الآن عامين، مشيرًا إلى أن علاقات أثيوبيا مع تركيا والاحتلال الإسرائيلي وأمريكا تشهد تحسنا واضحًا، وهو ما يعني أن على مصر تغيير الاستراتيجية وعدم اللهث الذي لا يزيدنا إلا ضعفًا. صرح زير الري في حكومة محلب الدكتور حسام مغازي، من قبل، بأنه من المفترض أن يجتمع أعضاء اللجنة الثلاثية «مصر والسودان وإثيوبيا» في الخرطوم الثلاثاء الماضي، للاتفاق على المكتب الفائز، وهو أمر لم يتم بسبب انشغال وزير الموارد المائية الإثيوبي "اليماهو تيجنو" -حسب تصريحات مصدر داخل اللجنة الثلاثية لسد النهضة. والفاجعة الكبرى لنظام السيسي كان الاتفاق العسكري الذي أعلن عنه من أيام قليلة، بإبرام إثيوبيا اتفاقًا للدفاع المشترك بينها وبين تركيا، والتي تجمعها علاقات سيئة بنظام ما بعد ال3 من يوليو في مصر. ووفقًا لما أعلن، فإن الاتفاقية تتضمن منظومة الدفاع الجوى والتكنولوجيا، وهو جزء من تعاون تركي إثيوبي وصل إلى 500 مليون دولار، وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي ديسالين.