خبراء يحذرون من أحزاب الفلول.. ويتوقعون اندثار "الكيانات الشخصية" حمدى: أحزاب الفلول فقاعة إعلامية.. وخطرهم فى التحرك ضد مصلحة الوطن كاسب: متخصصون فى شراء التوكيلات وهوجة على تأسيس الكيانات عبد الشافى: "شخصنة الحزب" يدفعه للاندثار.. ويجب تنقية صحيفة البعض جنائيا كشفت مرحلة التحول الديمقراطى التى شهدتها مصر فى أعقاب ثورة يناير ودخول العديد من الكيانات والأشخاص فى المنافسة على المعترك السياسى عن بزوغ العديد من الظواهر، ومنها ما يعرف بوكلاء تأسيس الأحزاب ومتخصصى شراء التوكيلات من الجمهور، فضلا عن خروج أحزاب تعتمد فى كيانها على شخص واحد، الأمر الذى وصفه خبراء سياسيون ب"الهوجة السياسية". وأكد الخبراء السياسيون أن أغلب الأحزاب القائمة على هذه النوعية من الممارسات غالبا ما ستتوراى وتتلاشى فى أول اختبار تتعرض له، لأنها لا تحمل أفكارا حقيقية وجادة تستطيع بها المنافسة. وقال الدكتور ياسر كاسب -خبير الشئون البرلمانية-: إنه رصد ما وصفه ب"هوجة إنشاء الأحزاب" فى الفترة الأخيرة، مشيرا إلى تفتت التيار الفكرى الواحد لعدة أحزاب وتشتتها، ما أضاع هيبة هذه الكيانات السياسية؛ لأنها لم تتوحد حول خط فكرى مقنع للجمهور سواء ليبرالى أو وسطى أو محافظ. وأشار كاسب إلى أن الأمر أصبح فى بعض الأحزاب أشبه بشراء التوكيلات من الجمهور بأثمان باهظة وبطريقة غير شرعية، بسبب غياب القاعدة العريضة، فيضطر لشرائها. ورأى أن بعض هذه الأحزاب تتعلق بالفلول، رغم أن أحزاب هؤلاء فقدت وجودها على الساحة السياسية، وأنا بلا قواعد شعبية، ويستخدمها الإعلام فقط كفزاعات للجمهور، بينما هى مرفوضة مجتمعيا لارتفاع الوعى السياسى لدى الجمهور بأنهم فلول. وأضاف كاسب أن بعض الأحزاب الجديدة المحسوبة على النظام السابق ابتعدت عن المنهجية فى الفكرة، وارتكزت أكثر على شخصية بعينها، لكن هذه النوعية من الأحزاب غالبا ما تكون مرفوضة من المجتمع؛ لأنها محسوبة بشكل أو بآخر على النظام السابق الذى أصبح وجوده على الساحة السياسية مرفوضا. وتابع بأن أى حزب قادم سيعمل على محورين لا ثالث لهما، وهما التيار الدينى والمدنى، أما الأشخاص المعارضون بتشدد لمجرد معاداة النظام وحزبه فلا ننتظر بقاءهم لفترة ولو قصيرة. وشدد على أهمية وجود معارضة متزنة تختلف لتحقيق مصلحة المواطن لا لإثبات مبادئها الشخصية وأهدافها الفردية. باحثون عن الكمّ وفى هذا السياق، قال عماد حمدى باحث شئون سياسية: إن القانون يشترط على الحزب أن يكون له 5000 عضو بمعدل 100 فى كل محافظة، مما يجعل الحزب يبحث عن الكمّ أكثر من بحثه عن الكيف، ويصبح هم الحزب الحشد والتجميع بدلا من تربية الكوادر. وأوضح حمدى أن بعض الأحزاب تضم أشخاصا مختلفة لا تجمعهم فلسفة واحدة أو رؤية أو تيار فكرى واضح ومشترك يجمعهم، وبعد تكوينه يطالبون باستحقاقات حزبية ورؤى مختلفة، مما أدى إلى ظواهر حزبية منها أن الحزب يصبح قابلا للانشقاق أو التفتت من الداخل وانقسامه لاحقا. وأضاف: "نجد حاليا بالحزب الواحد أعضاء تتجه نحو اليمين وأخرى نحو اليسار وهكذا، فينشأ حزب جديد منسحب ويدخل ذات الدائرة والبيئة". ولفت الخبير السياسى إلى وجود أحزاب قائمة تأسست رسميا ولكنها تنطوى على بذور انشقاقها وسوف ينكشف عدم وجود تناغم داخلها عند ما تمر بلحظات اختبار سياسى مثل الانتخابات والقضايا السياسية. ورأى أن من أهم أسباب ضعف بنية الهيكل الإدارى للأحزاب بمصر قيامها على المركزية من حيث اللائحة وقنوات اتخاذ القرار وآليات عملها مما يؤدى لتمركزها بالعاصمة وتهميش وهشاشة وجودها بالأقاليم، ويُستثنى من ذلك حزب النور والحرية والعدالة لقيامهما على قواعد اجتماعية فى الأقاليم. ونبه حمدى إلى أن أى دولة تشهد مرحلة تحول ديمقراطى وانفتاح سياسى مثل مصر يحدث فيها إنشاء عدد كبير جدا من الأحزاب، بلغ فى بعض الدول 4000 حزب، ولكن هذه الأحزاب ستمر باختبار سياسى ومجتمعى مثل الانتخابات واللحظات القومية الفارقة، كما أن انقطاع دعم الدولة للأحزاب يعد أيضا تحديا آخر لقدرتها على البقاء. أحزاب الفلول فقاعة إعلامية وأشار الباحث السياسى إلى أن الأحزاب التى يؤسسها الفلول ستختبر بقوة بمحطات سياسية أهمها الانتخابات، وإن فشلت فستتجه للركود والنوام ثم الانتهاء بحيث تظل مجرد لافتات وأسماء. وقال: إن الخطر ليس فى منافسة هذه الأحزاب للوصول للسلطة، ولكن للتحرك ضد مصلحة الوطن. وأضاف أن الكثير من أحزاب الفلول فشلت حتى الآن فى حصد مقاعد انتخابية وقام الناخبون بعزلهم شعبيا، مشيرا إلى أنها مجرد كيانات تأثيرها محدود وبلا امتداد جغرافى بالأقاليم. وشدد على ضرورة الأخذ فى الاعتبار وزن أحزاب الفلول إعلاميا، وألا نغتر مما تحدثه من فقاعة إعلامية، ولكن المهم وزنها النسبى بالشارع. من جانبه قال الدكتور عصام عبد الشافى- أستاذ الفلسفة فى العلوم السياسية-: إنه لاحظ بعد الثورة أن أغلب الأحزاب التى أخذت طريقها للتأسيس ولم تنجح حتى الآن ترتبط باسم شخصية بعينها، بمعنى أنه إذا غابت تلك الشخصية فإن الحزب يختفى معها فيما يعرف "بشخصنة الأحزاب". وقال عبد الشافى: وبالحديث عن تلك الأحزاب بشىء من التفصيل نجد دعوة "حزب مصر القوية" للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، معربا عن اعتقاده أن تستمر تلك الأحزاب لما يكتسبه أصحابها من تأييد شعبى عريض، يهدف للمصلحة العامة وهى شخصيات يحبها ويحترمها الجمهور. وأضاف: "فى المقابل توجد دعوات من جانب البعض الآخر أمثال محمد أبو حامد وتوفيق عكاشة وأحمد شفيق لإنشاء أحزاب، وهم محسوبون على الفلول، وتأسيسهم أحزاب يتطلب من البداية تنقية الصفحة الجنائية لأصحابها قبل الدعوة لإنشاء الحزب، محذرا من أن الأحزاب التى تقوم على شخص غالبا ما تتوارى بغياب المؤسس".