كشفت تسريبات عسكرية ودبلوماسية عن وجود نية صهيونية لتقسيم قطاع غزة إلى قسمين، قسم تحتله دولة الاحتلال وأخر تسيطر عليه حركة حماس . وأكدت التسريبات أن دولة الاحتلال تريد تثبيت هذا الوضع العسكري المؤقت، وتحويل الخط الأصفر إلى "جدار برلين" القرن الحادي والعشرين. كما أحيت تلك التسريبات مخاوف دولية من أن يكون هذا الخط نقطة بداية لتحويل القطاع إلى كيانين منفصلين، مما يهدد مسار اتفاق الهدنة الشامل الذي وُقع في شرم الشيخ. كانت تقارير صحفية عدة قد كشفت أن مسألة تقسيم القطاع الفلسطيني بحكم الأمر الواقع بين حماس ودولة الاحتلال أصبحت مرجحة بشكل متزايد، مع تعثر الجهود الرامية إلى دفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة إلى ما بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
الخط الأصفر
في هذا السياق أكدت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أن الجيش الأمريكي يخطط لتقسيم غزة إلى "منطقة حمراء" و"منطقة خضراء" تحرسها قوات دولية وصهيونية. وأشارت الصحيفة إلى أن قوات أجنبية ستنتشر في البداية جنبا إلى جنب مع الجنود الصهاينة في شرق غزة. وكشف 6 مسؤولين أوروبيين مطلعين على جهود تنفيذ المرحلة التالية أن الخطة توقفت فعليًا، وأنه من المرجح الآن أن تقتصر إعادة الإعمار على المنطقة الخاضعة لسيطرة الاحتلال، محذرين من أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم يستمر لسنوات. وتوقعوا أن يصبح الخط الأصفر الحدود الفعلية التي تقسم غزة إلى أجل غير مسمى، قي ظل غياب أي جهد كبير من جانب الولاياتالمتحدة لكسر الجمود.
قوة دولية
من جانبه أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أنه لا يتصور تقسيمًا دائمًا لقطاع غزة، فيما يسيطر جيش الاحتلال على نحو نصف القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال روبيو إنه سيتم نشر قوة دولية، تسعى الولاياتالمتحدة إلى تشكيلها، لضمان الأمن في كل أنحاء قطاع غزة. وأكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس وصهر ترمب جاريد كوشنر أن أموال إعادة الإعمار قد تبدأ في التدفق بسرعة إلى المنطقة التي تسيطر عليها دولة الاحتلال حتى من دون الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة، بناء على فكرة إنشاء مناطق نموذجية لبعض سكان غزة للعيش فيها.
مأزق ترامب
وكشف موقع "بوليتيكو"، أن بعض مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشعرون بقلق عميق من احتمالية انهيار اتفاق السلام بين حماس ودولة الاحتلال، بسبب صعوبة تنفيذ بعض بنوده الأساسية. وأكدت وثائق حصل عليها "بوليتيكو"عدم وجود أي مسار واضح للمضي قدما للمرحلة الثانية، لإتمام تطبيق خطة ترامب ذات البنود العشرين لإحلال السلام في غزة. وأشارت الوثائق إلى صعوبات تعيق نشر قوات دولية لحفظ السلام مثل التفويض القانوني، وقواعد الاشتباك، وكيفية تشكيلها، ومكان انتشارها، وكيفية تنسيقها. وأوضح "بوليتيكو" أن بعض الوثائق رسمت صورة للعقبات التي تواجهها إدارة ترامب وحلفاؤها في المنطقة لاستتباب السلام الدائم في غزة. وأكّد أن الوثائق، لا تحتوي على أي مواد سرية، خاصة أن إدارة ترامب ملتزمة باتفاق السلام رغم تعقيداته، إلى جانب مخططات تنظيمية لإشراف واشنطن على إعادة الإعمار. وذكر "بوليتيكو" أن هذه الوثائق تشير إلى احتمالية أن يقع ترامب في المأزق الذي وقع فيه العديد من أسلافه، أي التوسط في صراع مستعص بالشرق الأوسط دون صبر، أو موارد، أو الشراكات اللازمة لإنجاح الخطة .
حلول سياسية
ولفت إلى أن الوثائق عرضت في أكتوبر الماضي خلال ندوة استمرت يومين لقوات القيادة المركزية الأمريكية وأعضاء مركز التنسيق المدني العسكري الجديد الذي أُنشئ في دولة الاحتلال، كجزء من اتفاق السلام الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضى . وأكد "بوليتيكو" أن العرض التقديمي لم يقترح أي حلول سياسية ملموسة، وأوضح بدلا من ذلك العقبات التي تواجه واشنطن، وشركاءها في محاولة تحويل وقف إطلاق النار بين حماس ودولة الاحتلال إلى خطة سلام دائم تمهّد لإعادة الإعمار. وشدد على أن الجيش الأمريكي يمتلك بعض الخطط لدعم هذا الانتقال، لكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تلعب دورا كبيرا في تطوير هذه الخطط موضحا أن من ضمن العقبات الكبرى التي تعيق مسار إتمام تطبيق خطة ترامب، تردد دولة الاحتلال في الانسحاب من غزة، ومواصلة حماس استعراض قوتها، إلى جانب وظائف مجلس السلام الذي سيشرف على الخطة.
حركة حماس
وقال "بوليتيكو" ان الإدارة الأمريكية تواجه أيضا رغبة السلطة الفلسطينية في المشاركة في مستقبل غزة، رغم معارضة دولة الاحتلال مشددا على أن التزام الحلفاء بتوفير القيادة، والموارد لإتمام الخطة من بين الأسئلة المحورية التي قد تعيق مسار السلام في غزة. وقالت إحدى الوثائق بعنوان "تقرير حالة غزة"، أعدها معهد بيلر إن الهيئة الفلسطينية التي ستحكم غزة ستحتاج إلى دعم أمريكي ودولي طويل الأمد، وقد تحتاج قوات الأمن والشرطة إلى تمويل واستشارة خارجية لعقود. وأشارت إلى الدمار الهائل الذى خلفته الحرب، يطرح عدة أسئلة من بينها مدى سرعة أي انتقال، وإلى أي مدى ستتعاون حماس. وأكدت الوثيقة أن حماس تعيد فرض السلطة وتملأ الفراغ الأمني من المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال، زاعمة أن حماس تكسب الوقت لإعادة فرض السيطرة على غزة، وأن أي تأخير يصب في مصلحتها.