· خبراء: الحراك الثوري الحاشد دليل على عمق واتساع رقعة رافضي الانقلاب · توقيت المظاهرات وأماكنها وتوزيعها أربك حسابات الانقلابيين · الاعتقالات والقوة المفرطة والقتل لم يفُتَّ في عضد المتظاهرين الصامدين · الشباب الثائر أبدع في احتجاجه وسرعة تنقله وحركته وأنهكوا شرطة الانقلاب · أحمد فودة: 3 يوليو يوم فارق في تاريخ الحشد الثوري الضخم ضد الانقلاب · أحمد التهامي: الشباب أثبت خبرات في تجديد الآليات المستخدمة والقيادة ميدانيًا · أحمد خلف: التظاهرات أظهرت براعة الثوار في التغلب على القبضة الأمنية
كشف 3 يوليو الذكرى الأولى للانقلاب العسكري الدموي عن حراك جماهيري وثوري أثبت عمق وكثافة الرفض الشعبي للانقلاب في كل أرجاء مصر التي انتفضت بكثافة، واستطاع تعرية الانقلابيين مجددا، وإصابتهم بحالة من التشنج واستخدام القوة المفرطة، واستطاع الحراك الثوري الشبابي الإبداع في طرق التغلب على القبضة الأمنية وتشتيت الداخلية. ورصد "خبراء" ل"الحرية والعدالة" أن يوم 3 يوليو علامة فارقة في الحراك الجماهيري من حيث الحشود الضخمة بأغلب المحافظات وبخاصة القاهرة والإسكندرية، وتبنيه لأساليب وتكتيكات جديدة من حيث توقيت وتوزيع التظاهرات، والجرأة في المواجهة من قبل الشباب وسرعة الاحتجاج والتنقل، واستمرار السلمية الناجزة التي تضعف الخصم وتنهكه. جرأة في المواجهة أكد المحلل السياسي أحمد فودة-مدير مركز النخبة للدراسات- أن يوم 3 يوليو يوم مختلف ومتميز عن الأيام الثورية السابقة من عدة نواحي أهمها "الحشد الثوري" و"الآليات المستخدمة" و"جرأة الشباب في المواجهة"، فمن ناحية "الحشد الثواري" يعد هذا اليوم من الأيام المهمة والفارقة في التصعيد فقد تميزت بالحشد الثوري الضخم في معظم محافظات الجمهورية بالتركيز بخاصة في محافظتي القاهرة والإسكندرية وذلك لطبيعة الكثافة السكانية فيهما والوعي الفكري، والزخم الثوري ممتد بغيرها من المحافظات والمدن ولكن الإعلام لم يغط جيدا الحشود فيها ومنها سوهاج والمنيا وبني سويف والمنصورة والمحلة. وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" أن 3 يوليو تميز أيضا بآليات جديدة للمواجهة تعتمد على قطع الطرق وبعض وسائل النقل بشكل كبير وجديد بما يمثل نوع من الضغط على النظام السياسي بخلق أزمات مرورية وحياتية بوجه النظام. وتميز أيضا بجرأة الشباب في المواجهة وصمود وثبات، في المسيرات وأمام قوات الانقلاب، مثل مسيرات الهرم تم فضها أكثر من 3 مرات وتعود كل مرة بعد فضها بالقوة للتجمع وتغير مسارها، وسقط فيها شهداء ومصابين، وكذلك مسيرات أخرى ثبتوا فيها، حيث التحمت مسيرات الجيزة والهرم، والشيء نفسه بشرق القاهرة والقاهرة بمناطق المطرية والألف مسكن، وعبرت جميعها على إصرار على الصمود والبقاء في الشارع. ونبه "المحلل السياسي" إلى أن الثورة لن تنجح إلا بالمواجهة واستخدام القوة، وليست القوة هنا بمعنى المسلحة ولكنها قوة تؤدي لإنهاك العدو والخصم وزيادة نقاط ضعفه وهذا معلوم بمفهوم الثورات.والقوة ليست رفع السلاح. وأشار "فودة" إلى أن 3 يوليو والحراك فيه بداية جيدة ولو استمر الزخم الثوري بهذه القوة نتوقع قرب انهيار النظام العسكري خلال شهور قليلة، بما يتطلب المزيد من تطوير آليات المواجهة، وتحمل المزيد من التضحيات المتوقعة من سقوط شهداء وقتل منظم جماعي في مواجهة حكم عسكري متجذر يمثل 200 سنة، وخلعه يحتاج تضحيات وصبر وسياسة النفس الطويل. ويرى "فودة" أن الشباب هم من يقود الحراك الثوري ميدانيا، وهذا أفضل وبالفعل هو حاصل فالانقلابوون بغبائهم قبضوا على ما تبقى من قيادات بالتحالف، ولم يبق إلا الشباب، والشباب بطبعه ثوري وليس لديه حالة التأني عند الكبار، وهذا كله في صالح الثورة، فالشباب يجب أن يقود الثورة لتصل لهدفها بينما الكبار قد يعيقوا الثورة. سرعة الاحتجاج والتنقل في إطار تحليله لانتفاضة 3 يوليو يرى د.أحمد التهامي – أستاذ علم الاجتماع السياسي- أنه من الواضح أن هناك حالة تصاعد من الحراك الشعبي بالشارع من ناحية التنوع والأساليب الجديدة واللجوء أحيانا لأعمال شغب، بديلا عن القمع في الميادين الكبرى، وهذا واضح في التوزيع حسب التطورات وأفكار جديدة من حيث توقيت المظاهرات وأماكنها وتوزيعها، وأن المظاهرات على مدار اليوم. وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" أيضا اللجوء لأحداث شغب وقطع طرق ومواصلات وسكة حديد تعد تغيرات في الوسائل، أي أحيانا تأخذ منحى المواجهات من خلال أحداث الشغب وليس المظاهرات الكبيرة والاعتصامات بالميادين لصعوبة ذلك. ووصف "التهامي" أن ذلك يعد تغير تكتيكي بعدم الاعتصام في ميادين كرابعة والتحرير فهو يبدو صعبا وليس على أولوية الحراك على الأقل هذا اليوم 3 يوليو. ونبه "الخبير السياسي" إلى أن الاحتجاج اتسم في 3 يوليو بكونه احتجاج سريع، وبسرعة الحركة والانتقال من مكان لآخر، مما يؤدي لنوع من إجهاد الشرطة وتشتيت تركيزها. ولفت "التهامي" إلى أن الحراك الجماهيري بالشارع هم من لديهم القدرة على التغيير في التكتيكات والأساليب، وهو القادر على تطور نفسه وآلياته نتيجة اكتسابه خبرات ميدانية متراكمة مع الوقت، ولديه مرونة وتكيف مع المستجدات بعد خبرة الاحتكاكات بالشارع، وبناء عليها الحراك يفرز ويجدد خططه على الأرض. عمق الرفض الشعبي أكد أحمد خلف -الباحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية– أنه لا شك في أن تظاهرات 3 يوليو أثبتت وجود رافضي الانقلاب بكثافة في كل أرجاء مصر، وأن صوتهم لا يمكن تجاهله، ومطالبهم لا يجوز الإعراض عنها، وأن من يفعل ذلك فلن يهنأ له بال ولن تستقيم له حال، فمظاهرات الخامس من رمضان / الثالث من يوليو، جابت مختلف المحافظات والمدن، برغم حرارة الجو المرتفعة والصيام ومواجهات قوات الشرطة، وشهدت تفاعلا كبيرًا من الأهالي الذين حيوا المتظاهرين وأشاروا لهم بشارة رابعة، كما أنها أظهرت مدى تشنج الانقلاب واضطرابه من هذه التظاهرات، الأمر الذي دفعه إلى استخدام القوة المفرطة، وارتقى بسبب هذا العنف عدد من الشهداء، وأغلقت قوات الانقلاب أهم الميادين المتوقع وصول المتظاهرين إليها، واستبقت احتجاجات الشعب باعتقال عدد من قيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية وقيادات في أحزاب الاستقلال والوسط والبناء والتنمية، إلا أن كل هذا التشنج لم يفُتَّ في عضد المتظاهرين الذين أبدعوا في احتجاجهم في هذا اليوم أكثر من غيره، وأظهروا عمق الرفض الشعبي لهذا الانقلاب البائس. وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" لقد مثلت تظاهرات الذكرى الأولى للانقلاب ردًّا قويًّا على ادعاءات سلطات الانقلاب بقدرتها على إدارة شئون الدولة، إذ إن كل هذا الحجم من التظاهرات بطول البلاد وعرضها يثبت تهافت هذه الادعاءات وتساقطها، فكيف يتأتَّى لحكومة تواجه هذا الحجم من التظاهرات وتقابل بهذا الرفض وتكون قادرة على مجرد إدارة شئون الدولة والمجتمع، ناهيك عن تحقيق أي تقدم أو إنجاز على مختلف المستويات. لافتا إلى أن هذه التظاهرات أظهرت مدى براعة الشباب في استحداث طرق ووسائل يتغلبون بها على القبضة الأمنية دون أن يتأثروا بها بشكل صارخ كما كان يحدث من قبل، حيث استطاعوا دخول ميدان رابعة العدوية، ومن قبل دخلوا التحرير وطلعت حرب ومصطفى محمود وغيرها، وأربكوا حسابات الانقلاب الأمنية، فكل قوة أمنية تظل قدرتها محدودة أمام تنوع وتعدد مظاهر الاحتجاج ضد السلطة الباطشة. لكن "خلف" يبدي تحفظه على توجيه التحالف أو أحزابه ورموزه المتظاهرين لميدان معين، سواء كان التحرير أو غيره، ففي هذا التوجيه، نوع من تقديم صيد سمين لقوات الأمن يسقط من خلاله ضحايا أبرياء بأعداد كبيرة، والحمد لله أن هذا لم يحدث يوم 3 يوليو، وإن كانت بعض التظاهرات اقتربت من التحرير نوعًا ما، فالذي سيسقط الانقلاب هو هذا الاحتضان الشعبي الذي سيحمل المتظاهرين في لحظة حرجة لكل الميادين بإذن الله. ورصد "الباحث السياسي" أن هذا التصعيد الثوري في ذكرى الانقلاب ليثبت لأنفسنا قبل العالم أجمع أن الانقلاب هزيل شعبيا وسياسيا، وأنه لا يملك مواجهة هذا الحراك الثوري إلا عن طريق الصمت المخزي والاتهامات الجوفاء التي لا يقبلها منطق أو عقل سليم، وأن مآله إلى الفشل والسقوط قريبًا بإذن الله، وسيظل الانقلاب يخسر أرضًا في مواجهة هذا الحراك، لا سيما بعد قيامه ببدء سداد فاتورة داعمي الانقلاب من القوى الأجنبية، التي تهدف بالأساس لا لدعم أحد من قادة الانقلاب بقدر ما تهدف إلى إفشال الدولة المصرية، وجعلها دولة هشة فاشلة، بعد أن بدأت في السير نحو الديمقراطية وحكم القانون والعدالة والحرية والكرامة، فها هو الانقلاب يرفع الأسعار ويتجه لرفع الدعم كليًّا خلال السنوات القليلة المقبلة، ويقمع وينهب وينتهك الحرمات ويقسم المجتمع، وهذا سلوك الفاشلين الذين لا يملكون رؤية ولا يحملون على عاتقهم رسالة أو هدفًا نبيلا.