قدرات إيران النووية وتأثير الهجوم الأمريكي على مفاعلات فوردو وأصفهان ونطنز مازالت تثير جدلا حادا فى الأوساط العالمية خاصة عقب قرار إيران بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنع مراقبى الوكالة من دخول الأراضى الإيرانية . البعض يذهب إلى أن الضربات الأمريكية والصهيونية استنزفت إيران إلا أن طهران لم توقف برنامجها النووي بشكل كامل . واكد خبراء ومراقبون، أن طابع هذه الهجمات، دون تغطية استراتيجية أو دبلوماسية معمقة، يجعلها مؤثرة لكنها غير حاسمة وليس لها خطط متابعة دولية وهذا يجعل البرنامج الإيراني قابلا للاستئناف كانت القناة ال12 الصهيونية قد بثت مؤخراً صورا من الأقمار الصناعية تُظهر نشاطًا إيرانيًا واضحًا في موقع نطنز النووي، عقب الهجمات الأمريكية التى استهدفت منشآت إيرانية في إطار الحرب بين إيران والكيان الصهيونى .
قنبلة نووية
فى هذا السياق رجحت صحيفة "مترو" البريطانية أن إيران أصبحت على مقربة من امتلاك قنبلة نووية، مشيرة إلى أن طهران تتحدث عن برنامجها النووي وتتفاوض بشأنه بشكل علني دون الاعتراف بتطوير أسلحة نووية فعلية. وأضافت الصحيفة: وفقًا لمعلومات حديثة، تعزز إيران إنتاجها للمواد المشعة منذ انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاقية عدم الانتشار النووي عام 2018، ووصلت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية عند 60%، وهو ما يتجاوز الحدود المسموح بها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي كان يقتصر على 3.67%. وأوضحت أنه وفقًا لوكالة الطاقة الذرية الدولية، تمتلك إيران حوالي 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بهذا المستوى، وهو كمية كافية لإنتاج حوالي 10 رؤوس حربية إذا تم تخصيبها إلى 90%. وأشارت الصحيفة إلى أن إيران لا تزال تواجه تحديات كبيرة، وتحتاج إلى تطوير رأس حربي وصاروخ قادر على حمله، بالإضافة إلى التأثيرات الناتجة عن الهجمات الأخيرة التي شنتها الولاياتالمتحدة والكيان الصهيونى على منشآتها النووية مثل نطنز وفوردو وأصفهان. وأوضحت أن هذه الهجمات، التي وصفها الرئيس ترامب بأنها دمرت تمامًا المنشآت، قد تؤخر خطط إيران، خاصة مع تعليقها التعاون مع وكالة الطاقة الدولية، مما يجعل تقييم الضرر أكثر صعوبة لافتة إلى أنه وفقًا لمراقبين، قد تستغرق إيران أربعة أشهر لتخصيب كمية كافية لرأس حربي واحد، لكن هذا الوضع يمكن أن يتغير بسرعة إذا استمرت التوترات الإقليمية.
بنية معرفية
وقال الدكتور هادي دلول، مستشار القانون الدولي والفيزياء النووية، إن الحديث عن تدمير قدرات إيران النووية بالكامل غير دقيق، لأن امتلاك طهران للمعرفة التقنية "النو-هاو" يجعل من الصعب إنهاء البرنامج بالقوة العسكرية وحدها. وأكد دلول فى تصريحات صحفية أن ضرب المنشآت قد يُعطّل البنية التحتية مؤقتًا، لكن المعرفة المتعلقة بتصنيع أجهزة الطرد المركزي والأنظمة المرتبطة بها متجذرة في العقول وليست محفوظة في منشآت يمكن استهدافها. وأضاف أن إيران تتبع نظامًا علميًا لا يعتمد على احتكار المعلومة، بل توزع المهام على لجان تقنية تضم نخبة من الكفاءات، وهو ما يمنع تعطل البرنامج النووي حتى في حال غياب أو فقدان أحد أفراده. وأشار دلول إلى أن إيران طورت بنيتها التقنية بما يتيح لها الاستمرار في أنشطتها النووية دون الاعتماد على مستوردات خارجية، وهو ما يجعل مشروعها أكثر صلابة أمام الضغوط والهجمات. وشدد على أن ما جرى من استهداف لمنشأة "فوردو" لم يكن مبنيًا على معلومات دقيقة، بل على استنتاجات استخباراتية أمريكية رصدت انخفاض الحركة حول المنشأة بعد تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. واعتبر دلول أن هذا دليل على أن البرنامج النووي الإيراني يستند إلى بنية معرفية يصعب قصفها، مشددًا على أن محاربة فكرة لا يمكن أن تُحسم بالصواريخ .
أجهزة الطرد المركزي
واعتبر خبير العلاقات الدولية الدكتور مصطفى موسى: إن ما بثته القناة 12 الصهيونية مستفز مشيرا إلى أن هذه القناة كعادتها تؤجج البينيات وبالتالى أعلنت نقلا عن الاستخبارات العسكرية الصهيونية، إن الإيرانيين بدأوا فوراً إعادة تشغيل نظام الطرد المركزي في نطنز، مع تهديدات باستئناف جهود التخصيب وقال موسى فى تصريحات صحفية : أما عن وكالة الطاقة الذرية (IAEA) فقد قال رئيس الوكالة ماريو جروسي إن سبل الوصول إلى تقييم دقيق داخل الأنفاق تحت الأرض معدومة حاليًا، وأشار إلى أن انقطاع الكهرباء قد يؤدي إلى أضرار جسيمة لأجهزة الطرد المركزي. وأضاف: وكالات مثل "وايرد" المتخصصة فى المجال النووى قالت عقب الضربات بساعات قليلة أن ضرب الأنفاق ربما أحدث فجوات كبيرة في القاع، ولكن احتمال أن الأصناف الحرجة في المفاعل أو آليات الطرد المركزي بُعدت من الموقع قبل الهجمات وارد جدًا. واشار موسى إلى أن دراسات لاحقة أكدت أن إيران غالبًا نقّلت المواد المخصّبة والمعدات قبل الهجمات.
الأقمار الصناعية
فى المقابل قال رافائيل ماريانو جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان البرنامج النووي الإيراني تعرض لأضرار هائلة جراء الهجمات الأمريكية والصهيونية التي استهدفت مواقع حيوية هي "نطنز وأصفهان وفوردو"، مؤكدًا أن هذه المواقع لم تعد قيد التشغيل . وأضاف جروسى فى تصريحات صحفية : أن ما جرى ليس تدميرًا كاملًا لكنه ضرر بالغ لا يمكن إنكاره . ورداً على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي زعم أن البرنامج النووي الإيراني تراجع عقوداً إلى الوراء، أعرب عن تحفظه، قائلاً إن مثل هذه التقديرات الزمنية غالبًا ما تكون مبالغًا فيها . وشدد جروسى على أن قدرة إيران على استئناف نشاطها النووي ترتبط بالنوايا السياسية أكثر من المعطيات التقنية. وزعم أن الوكالة تمتلك معرفة دقيقة بالبنية التحتية النووية الإيرانية، وأجرت تقييمًا أوليًا استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية، موضحا أن الأضرار في موقع فوردو، على سبيل المثال، شملت تدمير أجهزة الطرد المركزي بسبب استخدام قنابل خارقة للتحصينات، مما أدى إلى تعطيل النشاط تمامًا في قاعات التخصيب.