في مشهد يعكس استمرار سياسة القمع التي ينتهجها نظام الانقلاب في مصر تجاه التحركات التضامنية مع غزة، أقدمت السلطات المصرية أمس على اعتقال المتحدث باسم "المسيرة العالمية إلى غزة"، سيف أبو كشك، إلى جانب عدد من أعضاء اللجنة التنظيمية للقافلة، وفق ما أفادت به مصادر صحفية مطلعة. وأكدت المصادر انقطاع التواصل بشكل كامل مع المعتقلين، في وقتٍ وصفت فيه اللجنة المنظمة ما حدث بأنه "تصعيد خطير" ضد العمل التضامني والحقوقي، وطالبت اللجنة كافة المشاركين في المسيرة، الذين قدموا من دول متعددة، بالعودة الفورية إلى بلدانهم، وإنهاء أي تجمعات، حفاظاً على سلامتهم بعد موجة من الانتهاكات والمضايقات الأمنية. مضايقات واعتقالات واسعة وتعرض مئات النشطاء من جنسيات عربية وأجنبية للاحتجاز على يد الأمن المصري، بينما أفادت تقارير بقيام مجموعات من "البلطجية" بالاعتداء على المتضامنين خلال تواجدهم في محيط أماكن الإقامة أو التجمع. السلطات الأمنية المصرية نفذت حملات مداهمة طالت فنادق ومقاهي وسط القاهرة، حيث تم توقيف عشرات المتضامنين بطريقة تعسفية، قبل الشروع في ترحيلهم قسرياً إلى خارج البلاد. شهادات صادمة عن سوء المعاملة الناشط إلياس صالحي كشف أن شقيقه يونس صالحي، وهو مواطن نرويجي، جرى اعتقاله من داخل مقهى بالقاهرة دون مذكرة قانونية، لمجرد مشاركته في المسيرة التضامنية، وأوضح، عبر رسالة بثها على حسابه في "إنستغرام"، أن شقيقه نُقل إلى المطار تمهيداً لترحيله، مضيفاً: "يُرجى المشاركة حتى يعلم الخاطفون أننا نتابع وضعهم، على العالم أن يستيقظ من هذا الوضع المُزرِي". وأشار صالحي إلى أن شقيقه أبلغ العائلة خلال اتصال قصير بأنه تعرض لسوء معاملة على يد أفراد من "الشرطة السرية" المصرية. ردود أفعال ومراقبة دولية مراقبون ومؤسسات حقوقية عبّروا عن قلقهم البالغ إزاء ما وصفوه ب"النهج القمعي" الذي تنتهجه السلطات المصرية في التعامل مع الأنشطة السلمية والداعمة للقضية الفلسطينية، واعتبروا أن ما حدث يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وحرية التعبير والتنقل، ويضع النظام المصري في مواجهة انتقادات دولية متزايدة. مغزى الحصار يتجدد ويأتي هذا التصعيد في وقت تتعرض فيه غزة لحصار خانق، وسط مطالبات متزايدة بكسر العزلة المفروضة على القطاع، وكان من المقرر أن تنطلق "المسيرة العالمية إلى غزة" بمشاركة وفود من مختلف دول العالم، في خطوة رمزية للفت الأنظار إلى معاناة الفلسطينيين في القطاع، إلا أن مصر، التي تسيطر على المعبر الوحيد غير الإسرائيلي مع غزة، أغلقت الأبواب أمام هذه المبادرة السلمية. ويؤكد نشطاء أن ما حدث لا يعكس فقط تعنت السلطات المصرية تجاه العمل التضامني، بل يشير أيضاً إلى محاولة إسكات أي صوت دولي مناصر لغزة، حتى لو كان يحمل جواز سفر أجنبياً ورسالة سلام.