تحول رحيل القاضي شعبان الشامي، الذي وافته المنية الأحد عن عمر ناهز 72 عاماً، إلى مناسبة لتجدد الغضب والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أعاد ناشطون تسليط الضوء على تاريخه القضائي المثير للجدل، ووصفوه بأنه "أحد رموز العدالة المسيسة" بزمن المنقلب عبد الفتاح السيسي، وواحد من "أسوأ من تولوا منصة القضاء في التاريخ الحديث لمصر"، على حد تعبيرهم. رغم وفاة القاضي شعبان الشامي، يرى كثير من الناشطين أن الحساب لم ينته، بل بدأ الآن في ذاكرة الشعب، وفي أرشيف العدالة المنتظرة، وفق تعبير البعض. ويقول مغرد: "أراح الله الناس من أحكامه، وبقيت المظالم شاهدة عليه، في الدنيا والآخرة".
قاضي الإعدامات… سجل من القسوة
نال الشامي شهرة واسعة، وربما غير مسبوقة، في أوساط القضاة المصريين، بعد أن ارتبط اسمه بأحكام إعدام جماعية بحق مئات من رافضي الانقلاب العسكري عام 2013، وخاصة قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين. ومن أبرز هذه القضايا:
قضية "اقتحام السجون"، التي أصدر فيها في يونيو/حزيران 2015 حكماً بإعدام الرئيس الراحل محمد مرسي وخمسة من قيادات الإخوان حضورياً، إلى جانب 94 آخرين غيابياً، بينهم الشيخ يوسف القرضاوي ووزير الإعلام الأسبق صلاح عبد المقصود.
قضية "التخابر مع حماس"، التي قضى فيها بإعدام 16 متهماً، بدعوى التعاون مع حركة المقاومة الإسلامية.
قضية "استهداف المجرى الملاحي لقناة السويس"، والتي حكم فيها بإعدام 26 متهماً، من دون السماح لمحاميهم بتقديم مرافعات الدفاع.
انتقادات حقوقية دولية
قوبلت هذه الأحكام بإدانات من منظمات حقوقية دولية، من بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي وصفت المحاكمات بأنها "جائرة" وتفتقر إلى الحد الأدنى من معايير العدالة، مشيرة إلى "الطابع السياسي" لأغلب القضايا، واعتماد المحكمة على تحريات أمنية دون أدلة موثقة أو إجراءات عادلة. كما أدانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة في حينه إصدار أحكام إعدام جماعية في وقت وجيز، واعتبرته "مثالاً مروعاً على ما بات عليه القضاء المصري من انحدار خطير".
سخرية واسعة وشتائم على المنصات
مع إعلان وفاته، عجّت منصات فيسبوك وتويتر بوسوم مثل "#قاضي_الإعدامات" و"#شعبان_الشامي"، وانهالت التعليقات التي حمّلته مسؤولية "إزهاق أرواح المئات ظلماً"، بحسب وصف بعض المغردين. بينما تداول آخرون مقاطع من جلساته، ساخرين من أخطائه اللغوية، وتهكموا على ظهوره المتكرر كممثل للعدالة، في وقت رأوا أنه يمثل "أداة قمع لا قاضياً مستقلاً".
شهادات ضحايا وأسرهم، والناشطين، ذهبت إلى تحميله دوراً محورياً في استخدام القضاء لتصفية الخصوم السياسيين، وتشريع القمع تحت غطاء "أحكام قضائية". وقد صرح أحد المحامين المدافعين عن المعتقلين السياسيين بأن الشامي "كان جزءاً من منظومة هدفها الرئيسي القضاء على أي معارضة سلمية، لا تطبيق القانون".
تدرج قضائي مثير للجدل
تخرج الشامي في كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1975، وبدأ مسيرته في النيابة العامة عام 1976، وتولى قضايا رأي منذ البداية، مثل انتفاضة الخبز عام 1977. ثم تنقل في عدة مواقع إلى أن عُين بمحكمة جنايات القاهرة عام 2002، ومنها أصدر أحكاماً في عدد من القضايا السياسية والدينية، كرّست صورته كأحد أكثر القضاة تشدداً وقرباً من أجهزة الأمن.
كما ارتبط اسمه بقرارات مثيرة للجدل، مثل إخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسني مبارك في قضايا الكسب غير المشروع، ورفض الطعن على براءته، ما زاد من الاتهامات له بالكيل بمكيالين.
في عام 2015، عُيّن مساعداً لوزير العدل لشؤون الطب الشرعي، لكنه ظل حاضراً في الأذهان كرمز من رموز ما يسميه حقوقيون "القضاء المُسخّر".