أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي الإرهابي دونالد ترامب التي طالب فيها بمرور السفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة عبر قناة السويس دون دفع أي رسوم انتقادات الخبراء، مؤكدين أن هذه التصريحات مستفزة وبمثابة تدخل في السيادة الوطنية . وطالب الخبراء حكومة الانقلاب باتخاذ موقف حاسم والرد على هذه الاستفزازات وعدم تجاهلها، متوقعين صدور تصريحات مماثلة لترامب ومسئولين أمريكيين خاصة بعد حصولهم على امتيازات في قناة بنما.
كان ترامب قد طالب بالسماح للسفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة بالمرور عبر قناتي السويسوبنما، دون دفع أي رسوم. وقال ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال: "ينبغي السماح للسفن الأمريكية بالمرور عبر قناتي السويسوبنما دون دفع أي رسوم". وكشف أنه طلب من وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، التحرك فورا لتحقيق هذا الهدف، معتبرا أن القناتين ما كان لهما أن توجدا لولا الولاياتالمتحدة، حسب تعبيره.
لجنة الشحن البحري
في نفس السياق، أعلنت لجنة الشحن البحري الفيدرالية الأمريكية فتح تحقيق حول نقاط الاختناق البحرية العالمية، والتي تشمل قناة السويس. وقالت اللجنة: إن "الهدف من التحقيق، تقييم الظروف غير المواتية للتجارة الأمريكية، التي قد تتسبب فيها دول أو شركات شحن في الممرات الملاحية". ويرى مراقبون أن هذه التحركات، تشير إلى محاولة ترامب الضغط على الدول المالكة للممرات الملاحية العالمية، بما في ذلك قناة السويس، لتخفيض رسوم المرور للسفن الأمريكية.
تصريحات استفزازية
من جانبها اعتبرت الباحثة في الشؤون العربية، أميرة الشريف، التصريحات التي أطلقها ترامب استفزازية، مشيرة إلى أن هذه محاولة منه لتعظيم مكاسب بلاده، وللأسف تلقى هذه التصريحات ترحيبا لدى شريحة في المجتمع الأمريكي، ممن لا يزالون مهووسين بالأفكار الاستعلائية الاستعمارية . وقالت أميرة الشريف في تصريحات صحفية : "بموجب تفاهمات تحظى السفن الأمريكية سواء التجارية أو العسكرية بأولوية عن غيرها في العبور من قناة السويس، موضحة أن هذه ميزة كبيرة تتمتع بها، لكن في ذات الوقت تدفع هذه السفن رسوما للمرور". وأضافت: قناة السويس دأبت على طرح مميزات للعبور وتخفيضات يتمتع بها كل العابرين من القنال، بما فيها السفن الأمريكية، أما أن تتميز هذه السفن بميزة تعفيها من سداد الرسوم فلا أظن ذلك يمكن تحقيقه . وطالبت أميرة الشريف حكومة الانقلاب بالتعامل مع تلك التصريحات بهدوء وعدم الانجرار إلى تلاسن، مشددة على ضرورة التركيز على شرح المميزات الدائمة التي تطرحها القناة لتشجيع المرور من خلالها.
إعلان حرب
وأكد أستاذ القانون الدولي الدكتور رجب عبد المنعم، أن تدخل ترامب في قناة السويس، يمثل انتهاكا لقانون الملاحة، والسيادة المصرية، وإعلان حرب ضد مصر بشكل مباشر، متوقعا أن يكون ترامب يريد الحصول على امتيازات مالية من وراء تصريحاته من خلال فرض بلطجة سياسية على مصر. وقال عبدالمنعم في تصريحات صحفية: إن "ترامب كل اهتمامه اقتصادي وتوفير عملة لبلاده، موضحا أن من المبادئ المنظمة للملاحة في قناة السويس وفق اتفاقية القسطنطينية، حرية الملاحة في القناة لجميع السفن التجارية والحربية في وقت السلم ووقت الحرب، مع مراعاة التزام السفن العسكرية عند مرورها بعدم التوقف أو الإقامة بها، وعدم إنزال قوات أو مواد عسكرية". وأضاف: أن من بين تلك المبادئ كذلك حياد القناة، بما يعني امتناع الدول عن القيام بأي عمل عسكري في القناة أو موانيها، وعدم جواز مهاجمة القناة أو محاصرتها بحريا، فضلا عن عدم جواز مباشرة أي إجراء من شأنه عرقلة الملاحة في القناة أو إحدى مداخلها، موضحا أن قناة السويس جزء من مصر وتخضع للسيادة المصرية، ومصر هي صاحبة الاختصاص الخالص في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنظيم المرور في القناة ومداخلها وحمايتها. وشدد عبد المنعم على أنه ليس لأي دولة الحق في أن تفرض موقفا خاصا يمس السيادة المصرية وحقوق مصر القانونية في تنظيم المرور في القناة، حيث يعتبر ذلك مخالفا للقانون الدولي وتدخلا في شؤونها الداخلية، مشيرا إلى أن لمصر الحق في فرض ما يلائم من رسوم على المرور في قناة السويس، مقابل ما يقدم من خدمات ملاحية وإرشادية، تكفل سلامة وأمان السفن أثناء المرور، وهذا هو ما قامت مصر بتطبيقه منذ عام 1888 حتى الآن.
محكمة العدل الدولية
وأشار إلى أن قناة السويس ستظل تحت السيادة المصرية الكاملة، وأن عبور السفن سيستمر وفقًا للقانون المصري والقواعد الدولية المنظمة للملاحة، وأنه لا يمكن لأي تصريحات أو مطالب غير قانونية أن تنتقص من هذا الحق السيادي أو تفرض استثناءات غير مبررة، موضحا أنه اذا كانت مصر أكدت مرارًا وتكرارًا التزامها بضمان حرية الملاحة في القناة لجميع الدول وفقًا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888، فان هذا لا يعني التنازل عن حقها السيادي في القناة. وأوضح عبد المنعم أنه إعمالا للتصريح الذي أصدرته مصر في عام 1957 بقبول اختصاص محكمة العدل الدولية في حال منازعة أي دولة في تطبيق اتفاقية العام 1888، يمكن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للنظر في ذلك قانونا.