أثار بدء العمل بالتوقيت الصيفي في مصر، فجر اليوم الجمعة 26 أبريل، موجة قلق بين ملايين المتعاملين مع البنوك وشركات تحويل الأموال، وسط تحذيرات من إجراء أي معاملات مالية في اللحظات الفاصلة بين تغيير التوقيت، خشية تعرضهم لخسائر مالية أو أعطال فنية في أنظمة الدفع. ورغم أن حكومة الانقلاب أعادت العمل بالتوقيت الصيفي خلال العامين الماضيين، فإن هذا النظام لم يعد معمولاً به في معظم الدول المتقدمة، التي تخلت عنه بسبب آثاره السلبية على الأنظمة الرقمية وتغير نمط حياة السكان، ما يجعله – بحسب خبراء – نظاماً "متخلفاً" يتسبب في اضطرابات أكثر من الفوائد المزعومة التي يسوقها المسؤولون.
تحذيرات من "الفجوة الزمنية": لا تعاملات من 11:00 إلى 12:00 ليلاً في الساعات التي سبقت بدء تطبيق التوقيت الصيفي، انتشرت تحذيرات على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تدعو المواطنين إلى تجنب إجراء أي تعاملات بنكية أو دفع إلكتروني بين الساعة 11:00 مساء أمس الخميس وحتى فجر اليوم الجمعة. وشملت التحذيرات تطبيقات "فوري" و"إنستاباي" وخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول، إضافة إلى ماكينات الصرف الآلي.
وأشار رواد هذه التحذيرات إلى احتمالية خصم الأموال من الحسابات دون إتمام المعاملات بسبب اضطراب أنظمة التشغيل عند انتقال الوقت من الساعة 11:59 إلى 1:00 فجراً مباشرة.
مخاطر فنية حقيقية وأكد محمد عبد المطلب، محلل العملات المشفرة وخبير نظم الدفع، في تصريحات صحفية أن هذه المخاوف لها ما يبررها من الناحية التقنية، حيث أن أنظمة الحواسيب وشبكات الدفع تكون عرضة للارتباك خلال لحظات تعديل التوقيت. وقال:
"الفترة بين 11:45 و12:15 هي الأخطر، وينصح بتجنب أي عمليات خلالها لإعطاء الوقت الكافي للأنظمة للانتقال السلس دون مشاكل."
وأضاف أن أي عملية مالية في هذا التوقيت قد تُسجل بشكل خاطئ أو تفشل تماماً دون تنبيه المستخدم، ما يوجب التأكد من طباعة "ختم الزمن" (Time Stamp) على إيصالات ماكينات الصرف، والإبلاغ فوراً عن أي خلل لضمان استرداد الأموال لاحقاً.
ضغوط على الشبكات ومخاوف من الأعطال وشدد عبد المطلب على أن الضغط اللحظي من ملايين المستخدمين في توقيت واحد قد يتسبب في اختناقات بأنظمة السحب والدفع الإلكتروني، خاصة أن نهاية الشهر تتزامن مع صرف رواتب موظفي الدولة.
"يفضل تجنب التعاملات إلا للضرورة القصوى، خاصة أن البنوك في مثل هذا التوقيت تجري المقاصة بين الحسابات الدولية، وهو وقت حساس لأي خلل تقني."
البنوك تستعد للطوارئ من جهته، قال مسؤول في أحد البنوك الحكومية الكبرى إن مؤسسته، إلى جانب معظم البنوك المحلية، أجرت تحديثات موسعة لشبكاتها خلال عطلة عيد الربيع استعداداً لهذا التحول الزمني، كما وفرت فرق دعم فني تعمل على مدار الساعة لتلقي الشكاوى، وروابط إلكترونية خاصة بالعملاء المقيمين خارج مصر.
34 مليون متعامل تحت الضغط يتعامل أكثر من 34 مليون مواطن مع أنظمة الدفع والسحب البنكي في مصر، وقد ازداد الاعتماد على هذه الأنظمة خلال العامين الماضيين نتيجة إدماج العاملين بالحكومة في برامج "الشمول المالي". ويميل كثير من الموظفين إلى سحب رواتبهم نقداً من ماكينات الصراف في المساء لتفادي الزحام أو التحايل على حدود السحب القصوى، ما يفاقم الضغط على الشبكات البنكية في توقيت حساس.
هل يوفر "الصيفي" طاقة فعلاً؟ تعتمد الحكومة المصرية على التوقيت الصيفي بزعم تخفيف الضغط على محطات الكهرباء، ودفع المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك، خاصة في المؤسسات الحكومية. إلا أن خبراء الطاقة يشككون في جدوى ذلك، مشيرين إلى أن ذروة استهلاك الكهرباء لم تعد مسائية كما في العقود الماضية، بل تحولت إلى فترة الظهيرة، بسبب الاعتماد المتزايد على مكيفات الهواء.
مصر تطبق نظاماً تجاوزته الدول المتقدمة وتعد مصر من بين قلة من الدول التي لا تزال تطبق التوقيت الصيفي، بينما تخلت عنه الغالبية العظمى من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا، بعد أن أثبتت الدراسات عدم جدواه اقتصادياً أو بيئياً، وتسببه بارتباك في حركة الطيران والنقل والمعاملات الإلكترونية.
اضطرابات في الطيران والمواعيد الإدارية في السياق نفسه، أبلغت شركة "مصر للطيران" عملاءها بتغيير مواعيد الرحلات، فيما سارعت بعض الجهات الإدارية إلى إخطار الموظفين بالمواعيد الجديدة. ويواجه المصريون هذه التغييرات غالباً في اللحظات الأخيرة، مما يزيد من احتمالات الوقوع في أخطاء تنظيمية أو غياب عن المواعيد الرسمية.