لم يكتفِ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإلغاء أوامر تنفيذية سابقة لسلفه بايدن بلغت 78 أمراً تنفيذياً خلال الساعات الأولى من دخوله البيت الأبيض لبدء ولايته الرئاسية الثانية، حيث كشفت تقارير عن اعتزام إدارته إغلاق مركز وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) المسؤول عن تعزيز سلامة المدنيين والحد من مقتلهم خلال العمليات التي تنفذها قوات أمريكية خارج حدود البلاد. ففي الأيام التي سبقت تنصيب ترامب، قدّم فريقه الانتقالي لمسؤولي البنتاغون مجموعة من الأوامر التي تحدد الأولويات المبكرة لفترة ولايته الثانية، بما في ذلك الرغبة في إغلاق مركز التميز لحماية المدنيين، حسبما نقل تقرير حصري لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسؤولين دفاعيين. يذكر أن المركز، الذي يقع داخل وزارة الدفاع، مسؤول عن الحد من الوفيات غير المقصودة بين المدنيين خلال العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمريكية خارج الحدود، والتي يتم البعض منها في منطقة الشرق الأوسط. في أعقاب الأوامر التي تلقاها البنتاغون من فريق ترامب الانتقالي، بدأ الجيش الأمريكي في صياغة اقتراح لسحب تمويل وإغلاق مركز التميز لحماية المدنيين، وفقاً لخمسة أشخاص مطلعين على المناقشات ووثيقة داخلية استعرضتها صحيفة واشنطن بوست. وتتطلب الوثيقة، التي صدرت، الاثنين، ووقعها رئيس أركان الجيش، الفريق أول لورا أ. بوتر، مراجعة من قِبل كبار قادة الجيش في موعد لا يتجاوز 21 فبراير/شباط. كما يتطلب إغلاق المركز، الذي أنشئ بموجب قانون صدر عام 2023، موافقة الكونغرس. ولم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترامب ستسعى إلى إعادة تخصيص بعض وظائف المركز في مكان آخر. وقالت المتحدثة باسم الجيش، سينثيا سميث، في بيان: "كما هو معتاد في الإدارة الجديدة، كلف فريق المراجعة التابع للبنتاغون الجيش بمراجعة برامجه ومسؤولياته. ويواصل الجيش تمويل ودعم مركز التميز لحماية المدنيين باعتباره مركزاً تابعاً للبنتاغون". فيما أفاد النائب جيسون كرو (ديمقراطي من ولاية كولورادو)، وهو من قدامى المحاربين في الجيش وشارك في تقديم التشريع الذي تم بموجبه إنشاء المركز، في بيان: "إذا أردنا حماية قواتنا، فيجب أن نستمر في التركيز على هذه الجهود بدلاً من إضعافها. إن حماية المدنيين في الصراعات ضرورة أخلاقية وضرورية للأمن القومي. أنا مستعد للتحدث والعمل مع أي شخص حول سبب أهمية هذه الجهود للأمن القومي وسلامة قواتنا". وقال مسؤول سابق في البنتاغون عمل بشكل وثيق مع المركز، إنه فوجئ بسماع نبأ إغلاق المركز، والذي لاقى ترحيباً من قيادة الجيش. وقال أشخاص مطلعون على الجهود المبذولة لإغلاق المركز إنه حتى لو لم يقر الكونغرس إغلاقه، فإن المسؤولين العسكريين والإداريين سيبذلون الجهود لإلغاء ميزانيته، أو طرد الموظفين أو إعادة تعيينهم في مناصب أخرى، أو اتخاذ خطوات أخرى لجعل المركز فعالاً على الورق ولكن غير فعالاً من الناحية العملية. ماذا يعني اقتراح إدارة ترامب بإغلاق مركز التميز لحماية المدنيين؟ تشير التحركات المبكرة لإدارة ترامب لإغلاق المركز إلى أن البنتاغون قد ينأى بنفسه عن مجموعة من التدابير التي تم وضعها في عهد الرئيس السابق جو بايدن لإعطاء الأولوية لسلامة غير المقاتلين في مناطق الصراع، وفق تقرير واشنطن بوست. وكان مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع، بيت هيغسيث، الذي حصل على موافقة الكونغرس لتوليه المنصب، والذي وعد بجعل الجيش الأمريكي أكثر فتكاً، اشتكى من قواعد الاشتباك التي اعتبرها "مقيِّدة بشكل مفرط"، وقال إن الجنود "يقاتلون المحامين بقدر ما يقاتلون الأشرار". وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ لتأكيد تعيينه الأسبوع الماضي، قال هيغسيث إن "قواعد الاشتباك التقييدية" جعلت هزيمة الأعداء أكثر صعوبة. واستخدم هيغسيث، وهو جندي سابق في الحرس الوطني خدم في العراق وأفغانستان، منصبه كإعلامي في قناة فوكس نيوز للدفاع خلال فترة ولاية ترامب الرئاسية الأولى عن "معاملة متساهلة للجنود المتهمين في قضايا جرائم حرب". ونجح هيغسيث في الضغط على ترامب لإصدار عفو في عام 2019 عن عدد من أفراد الخدمة الذين اتُهموا أو أدينوا بارتكاب جرائم حرب، بحسب ما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. كما أفاد هيغسيث قبل وقت قصير من اختياره لتولي وزارة الدفاع في نوفمبر/تشرين الثاني، أنه أبلغ القوات التي كانت تخدم تحت قيادته في العراق أن يتجاهلوا قواعد الاشتباك الصادرة لهم. وعلق تقرير نيويورك تايمز على مقترح إدارة ترامب إغلاق المركز قائلاً إن احترام مبادئ الجيش الأمريكي، التي طالما اعتبرت حجر الأساس للثقافة العسكرية الأمريكية، ستكون مهددة في ظل إدارة ترامب الثانية.