عقب التوصل إلى اتفاق لوقف حرب الإبادة الصهيونية على جنوبلبنان تثور تساؤلات بين المراقبين حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مشابه لإنهاء المأساة في قطاع غزة، وإنقاذ الأهالي من المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال على مدار الساعة . بعض المراقبين يرى أن وقف القتال في غزة أمر مطروح الآن، خاصة عقب إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب أن وقف المعارك في الشرق الأوسط يأتي على قائمة أولوياته عقب توليه منصب الرئاسة في 20 يناير المقبل . في المقابل يستبعد مراقبون التوصل لاتفاق مشابه لما تم التوصل إليه مع حزب الله والحكومة اللبنانية، مؤكدين اختلاف الأوضاع في غزة عن لبنان، حيث ترى قوات الاحتلال أن استمرار وجود حماس يمثل تهديدا للوجود الصهيونى على أراضي فلسطين . وقال المراقبون: إن "مسألة الأسرى الصهاينة لا تحظى بأولوية لدى الحكومة المتطرفة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، موضحين أن الهدف هو احتلال شمال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين". كان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قد قال: إن "ظروف التوصل إلى اتفاق محتمل لإطلاق سراح الرهائن الصهاينة في قطاع غزة باتت أفضل بقدر كبير". وأضاف : أعتقد أن الظروف تغيرت كثيرا للأفضل، وذلك عند سؤاله عن اتفاق محتمل للرهائن خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية لكنه لم يذكر تفاصيل محددة. قرار مجلس الأمن حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الدكتور حسام الدجني: إنه "إذا توفرت نفس الإرادة الدولية في الضغط على إسرائيل لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 الخاص بوقف إطلاق النار في غزة، ورؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن فرص التوصل لاتفاق في غزة أمر مرجح". وأرجع الدجني في تصريحات صحفية ذلك لعدة أسباب منها أن المقاومة الفلسطينية تقبل بهذه المقاربة التي ستجلب لسنوات طوال هدنة تمنح المجتمع الدولي مساحة للبحث في جذور المشكلة وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. واشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي بات أكثر تقبلا لإتمام صفقة يراها مهمة للغاية للإفراج عن 101 أسير إسرائيلي في غزة، بعد توقيع نتنياهو صفقة مع لبنان . وأكد الدجني أن بايدن وترامب لديهما رغبة في إتمام صفقة،محذرا من أنه إذا تركت الأمور كما كان في السابق فإن المرجح أن يمارس نتنياهو تصعيدا أكبر في غزة لتنفيذ مخططات ورؤى حلفائه المتطرفين في الائتلاف الحاكم . ملف الأسرى وقال الكاتب والمحلل السياسي فتحي صباح: إن من بين العوامل التي ساعدت في خروج اتفاق لبنان إلى النور أن حزب الله لم يبادر بالهجوم على إسرائيل، وإنما كانت حماس هي من بدأ تلك الحرب بعد أن بادرت بشن هجوم كبير ضد إسرائيل، مؤكدا أن إسرائيل تعتبر أن المعركة الأساسية هي غزة وليست لبنان". وأضاف صباح في تصريحات صحفية أن ضربات حزب الله كانت إسنادا لغزة كما أعلن، وإسرائيل لم تكن معنية بالهجوم على لبنان لولا أنها اعتقدت أنها قضت على كل قدرات حماس في غزة، وبالتالي شعرت بوجود فرصة مهمه للقضاء على حزب الله أيضا وعلى الحوثيين وعلى كل من يحاربها. وأوضح أن هناك عاملا آخر يتمثل في حجم المواجهة، فقدرات حزب الله أكبر بكثير من قدرات حماس إذ أن قدرة حماس على إطلاق صواريخ تجاه مدن إسرائيلية كبرى كتل أبيب تضاءلت في الشهر الثاني من الحرب، بينما ترك حزب الله آثارا صعبة على الإسرائيليين وأوجعهم بقصف مدن المركز كتل أبيب وحيفا، وأعلن أن بيروت يقابلها تل أبيب، كما تسبب الحزب في نزوح الآلاف من الإسرائيليين عن مناطق سكناهم في شمالي إسرائيل . وأشار صباح إلى أن من العوامل أيضا أن دولا كبيرة وقفت إلى جانب لبنان، ورفضت ما وصفته بالعدوان الإسرائيلي على بيروت مع أنها غير قادرة على إيقاف ذلك، لكنها أصرت على إيجاد اتفاق لوقف تلك الحرب. وشدد على أن هناك عاملا مهم أيضا، هو أن لبنان ليس لديه أسرى صهاينة كما في غزة ونتنياهو نفسه استغل ملف الأسرى في المماطلة والتسويف والهروب إلى الأمام من قضايا الفساد التي تلاحقه لا سيما قضايا التسريبات الأخيرة التي خرجت من مكتبه وهو فقط يستخدم ملف الأسرى للمراوغة والهروب وهو غير معني بإتمام صفقة في غزة وغير معني بالأسرى الإسرائيليين . وأكد صباح أن حزب الله أبدى مرونة كبيرة أكثر من حماس التي تتشدد أكثر في مواقفها في محاولة لتحقيق صفقة مهمة بما يضمن وقف معاناة الناس في غزة، لافتا إلى أن حزب الله قدم تنازلات، حيث وافق على فك الارتباط مع غزة، ووقف ربط التوصل لاتفاق في لبنان بوقف الحرب في غزة أولا كما كان يعلن دائما. خطوط عريضة وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدوليّة وعضو مركز الدراسات الإسرائيليّة بجامعة الزقازيق: إن "أي تحرك راهن أو محتمل في ملف وقف إطلاق النار في غزة عقب توقيع الاتفاق بين حزب الله وإسرائيل يتطلب إعادة ترتيب مسارات التحرك تجاه ملف صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، مشيرا إلى ضرورة التوافق بين كل الأطراف المعنية على خطوط عريضة بشأن تصورات الرئيس الأمريكي المنتخب لوقف الحرب في القطاع وضرورة إقدام الوسطاء على التنسيق المباشر مع الحكومة الإسرائيلية في ملف وقف إطلاق النار". وأكد فهمى في تصريحات صحفية أن حركة حماس باتت مهيأة تماماً لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، وهو ما يجب التحرك عليه، حيث باتت الظروف مناسبة للضغط على شخص نتنياهو للقبول بتنفيذ الصفقة، ووجود توافقات بشأن حالة الرأي العام في إسرائيل التي تطالب باتفاق مشابه لما تم مع حزب الله. وأشار إلى أن استطلاعات الرأي تكشف استمرار الانقسام ما بين مؤيد ومعارض لاستمرار الحرب في غزة، مع وجود توجه للحكومة الصهيونية للعمل مع إدارة الرئيس ترامب وفق دعوته لوقف إطلاق النار على جبهتي لبنان – غزة وتصفير صراعات الإقليم.