مع تواصل تكرار الزلازل في إثيوبيا، تتزايد المخاطر على سد النهضة يومًا بعد يوم في ظل عجز حكومة الانقلاب عن وضع شروط لحماية مصالح المصريين، في حين يُعاني الطرف السوداني المتضرر أيضًا من حرب أهلية أبعدته عن حماية أمنه القومي. ولا تتوقف مخاطر اكتمال بناء السد الإثيوبي عند الشح المائي، فبناء السد في منطقة زلزالية نشطة وعلى أرض طينية، ودون رقابة دولية، يزيد من مخاطر انهياره في ظل عدم قدرة المتضررين على المشاركة في إدارته. أثار تكرار الزلازل في إثيوبيا مخاوف بشأن أمان «سد النهضة»، خاصة مع ما اعتبره خبراء «تزايدًا كبيرًا في الزلازل بأديس أبابا خلال العام الجاري عن المعدلات المعتادة»، كما «أبدوا تخوفات وقلقًا بشأن المستقبل». وشهدت إثيوبيا، مساء الأربعاء وظهر الخميس، زلزالين بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر، على عمق 10 كم في وسط إثيوبيا (منطقة الأخدود الأفريقي) ويبعد عن سد النهضة حوالي 570 كم، وفقًا لأستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي. وأوضح شراقي عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أن النشاط الزلزالي ازداد في السنوات الثلاث الأخيرة بصورة غير مسبوقة في إثيوبيا، حيث كان المتوسط حوالي 6 زلازل سنويًا، لكن وصل عدد الزلازل في 2022 إلى 12، وفي 2023 إلى 38، وحتى الآن 23 في 2024، ووصل عدد الزلازل خلال العشرين يومًا الأخيرة فقط إلى 8 زلازل. وبحسب شراقي، فقد بدأت سلسلة الزلازل الأخيرة يوم 27 سبتمبر الماضي بقوة 4.9 درجة، وبعده بنحو 8 ساعات وقع زلزالان بقوة 4.5 درجة، وزلزال رابع في 30 سبتمبر، وزلزال خامس بقوة 4.9 درجة في 6 أكتوبر الجاري، ووقع الزلزال السادس يوم 13 أكتوبر بقوة 4.6 درجة. ولفت شراقي إلى أن تصميم سد النهضة تطور من 11.1 مليار متر مكعب إلى 64 مليار متر مكعب لأسباب سياسية، حيث أراد رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق زيناوي أن يكون عبد الناصر الثاني عن طريق بناء أكبر سد في إفريقيا، وزاد السعة حتى وصلت إلى 64 مليار متر مكعب. وانتهى البناء على ذلك، وأصبح السد يحتوي الآن على 60 مليار متر مكعب. وأضاف أن الحل الآن هو عدم الوصول بالتخزين إلى السعة القصوى، والتفريغ للوصول إلى 40 مليار متر مكعب، رغم أنها ليست بالقليلة أيضًا، ولكنها أخف من 64 مليار متر مكعب. وأشار شراقي إلى أن هذه الزلازل بتلك القوة والمسافة لها تأثير ضعيف على سد النهضة، لكن قد يكون الزلزال القادم أقوى وأقرب، وحينئذ سيكون الخطر كبيرًا، خاصة أن سد النهضة يحتوي حاليًا على 60 مليار متر مكعب. وحذر د. عباس شراقي من أن الزلازل المستقبلية قد تكون أقوى، مما قد يشكل تهديدًا كبيرًا على استقرار السد. وأضاف شراقي أن استمرار إثيوبيا في تنفيذ مشاريع مائية دون التنسيق مع دول حوض النيل يتعارض مع القوانين الدولية، ويزيد من مخاطر وقوع كوارث مائية في ظل التغيرات الجيولوجية التي تشهدها المنطقة، مشيرًا إلى أن "سد النهضة بهذا الحجم يشكل قنبلة مائية قابلة للانفجار في أي وقت." وفي وقت سابق، أعرب السودان عن مخاوفه من انهيار سد النهضة، محذرًا من كارثة مدمرة في حال انهياره أو تفجيره. ووفقًا للخبير السوداني د. أحمد المفتي، فإن إثيوبيا تستغل السد سياسيًا بشكلٍ غير دقيق، مما يزيد من مخاطر التهديدات البيئية والإنسانية المحتملة. وفيما يتعلق بالتوربينات، أكد الدكتور شراقي قبل أيام أن إثيوبيا لم تعترف حتى الآن بتوقف التوربينات الأربعة لسد النهضة منذ أكثر من 40 يومًا، حتى لا تصدم الشعب الإثيوبي الذي يتطلع يوميًا إلى الحصول على الكهرباء. وأضاف في منشور على "فيسبوك": "يوجد أكثر من 70 مليون إثيوبي بدون كهرباء، وللأسف سيظلون بدون كهرباء حتى بعد تركيب جميع توربينات سد النهضة ال13، لعدم وجود شبكة جيدة لنقل الكهرباء وتوزيعها عليهم، حيث يعيش أكثر من 130 مليون إثيوبي في معظم أنحاء البلاد." يُذكر أن سد النهضة ما زال يثير أزمة كبيرة بين مصر وإثيوبيا بسبب تعنت أديس أبابا في المفاوضات، وتجاهلها رغبة مصر والسودان في التوصل لحل أو التوقيع على اتفاق قانوني ملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد، مما أدى إلى تجمد المفاوضات. وكان الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات السد بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي أُطلق العام الماضي للإسراع في الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد خلال أربعة أشهر، قد انتهى بالفشل ولم يسفر عن أي نتيجة. وتُعاني مصر من عجز مائي يبلغ 55%، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98%، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، وتقع حاليًا تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنويًا، حسب بيانات وزارة الري المصرية.