قرار جمهوري بالموافقة على إنشاء كليات خاصة جديدة    رئيس جامعة أسيوط يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بحلول العام الهجري الجديد 1447    الفريق أحمد خليفة يشهد تخرج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا (تفاصيل)    اللجنة الرئاسية لشئون الكنائس بفلسطين تُعزي بطريركية أنطاكية في ضحايا الاعتداء على كنيسة مار إلياس بدمشق    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    مصر وأنجولا تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك بمجالات النقل والطاقة    26.6 مليار جنيه ميزانية الدولة على أرض بورسعيد    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي بعزبة الناموس    الرقابة المالية تصدر 7 موافقات لقيد متعاملين جدد في الأوراق المالية الحكومية    "معا بالوعى نحميها".. ندوة بالقليوبية لتعزيز الوعى المجتمعى ومحاربة الشائعات    الشاعر: تحسين تجربة السائح بمفهومها الشامل هدف رئيسي للاتحاد لتحقيق 30 مليون سائح    الجامعة العبرية: مقتل 29 إسرائيليا وإصابة 3491 في الهجمات الإيرانية    وزير قطاع الأعمال يجتمع مع الرئيسة التنفيذية لوكالة تنمية الاتحاد الأفريقي «أودا-نيباد»    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    محمد صلاح يتفوق على لامين يامال في سباق التتويج بجائزة الكرة الذهبية    تقارير تكشف مستحقات بيولي قبل رحيله من النصر    عاجل.. بيراميدز يقترب من تدعيم خط الهجوم بثنائي أجنبي استعدادًا للموسم الجديد    ميسي يواجه باريس سان جيرمان بذكريات سيئة    منتخب الطائرة الشاطئية يطير إلى المغرب للمشاركة في البطولة الأفريقية    "عبد الغني" يجتمع بقطاع الكرة النسائية بالمقاولون العرب بعد اعتماد التشكيل    النيابة تطلب تحريات مصرع سائق بحادث تفحم سيارتين في الإسكندرية    النيابة العامة تأمر بضبط ناشري الأخبار الكاذبة حول قضية سارة خليفة    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    حقهم مهدور.. 5 أبراج غير مقدرة تعرف عليهم    قافلة طبية لجامعة جنوب الوادي بقرية السمطا بحري في دشنا    البنك الدولي يوافق على منحة 146 مليون دولار لدعم كهرباء سوريا    بيان عاجل أمام «النواب» بسبب استمرار أزمة الرسوم القضائية    في أسبوعين..تامر حسني يكسر حاجز ال 12 مليون مشاهدة ب حلال فيك    مصرع طفل غرقا أثناء الصيد بترعة في سمالوط.. والنيابة تصرح بالدفن لعدم وجود شبهة جنائية    إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسبب خلافات على أرض زراعية بسوهاج    محمد شريف: أتفاوض مع 3 أندية من بينها الزمالك وبيراميدز    «صفعة للمؤسسة الديمقراطية».. شاب مسلم يقترب من منصب عمدة نيويورك    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    نانسي عجرم ومارسيل خليفة يشاركان في مهرجان صيدا الدولي أغسطس المقبل    عبلة كامل تتصدر التريند بعد أحدث ظهور لها    «حمى القراءة.. دوار الكتابة».. جديد الروائي الأردني جلال برجس    التقويم الهجري: من الهجرة إلى الحساب القمري.. قصة زمنية من عهد عمر بن الخطاب حتى اليوم    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    هيئة التأمين الصحي توقع بروتوكول تعاون لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    عاجل- مدبولي يستعرض نتائج تعاون جامعة أكسفورد ومستشفى 500500 لتطوير العلاج الجيني للسرطان    اليوم.. محمد ثروت ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    المؤتمر الطبى الأفريقى .. عبدالغفار يشيد بجهود"الرعاية الصحية" في السياحة العلاجية والتحول الرقمي    توريد 3 أجهزة طبية لمعامل مستشفى الأطفال بأبو حمص بتكلفة 4 ملايين جنيه    الحكمة من جعل الهجرة النبوية بداية التقويم الإسلامي    تحرير 145 محضرًا للمحال المخالفة لقرارات ترشيد الكهرباء    بحكم القانون.. كيف يمكنك الغياب عن العمل وتقاضي أجرك كاملًا؟    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    وزير الرياضة: منتخب اليد يستحق جهازا فنيا على أعلى مستوى    «دعاء السنة الهجرية».. ماذا يقال في بداية العام الهجري؟    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطب العربي يكتب/ هل تفقد مصر ما تبقى لها من مكانة؟!

لم تسلم زكائب الدولارات التي انهمرت على مصر مؤخرا من أطراف دولية وإقليمية؛ من شكوك المصريين وتساؤلاتهم عن المقابل المدفوع أو الذي سيدفع نظير هذه المليارات التي هي ليست عملا خيريا بالتأكيد. لم تكن الإجابة عويصة عليهم بعد خبرة عشر سنوات مع النظام الذي يحكمهم، وأصبحوا يعرفون جيدا أولوياته ومحاذيره، وعلى الفور كانت الإجابة جاهزة، "إنها غزة" و"المهاجرون الأفارقة".
من يمد يده لا يستطيع أن يمد قدمه، وحين كانت مصر قوية عفية ذات مهابة في منطقتها، كانت توصف بالشقيقة الكبرى، صاحبة الكلمة المسموعة. لن نذهب بعيدا إلى الخمسينيات وحتى التسعينيات من القرن المنصرم بحثا عن تلك المكانة المفقودة، بل وجدنا هذه المكانة والهيبة عقب ثورة يناير، فحين هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي غزة أواخر 2012 إبان حكم الرئيس المدني محمد مرسي رحمه الله، تدخلت مصر على الفور فأوقفت العدوان بكلمة من رئيسها، وبزيارة لرئيس حكومتها إلى غزة، وبفتح معبر رفح بشكل كامل أمام دخول المساعدات دون إذن أو تنسيق مع الكيان.. لقد حسب الكيان لمصر وقتها حسابا فلم يجرؤ على تعطيل أي قافلة مساعدات، وحسبت الإدارة الأمريكية لمصر حسابا فقطعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رحلتها الآسيوية عائدة إلى القاهرة بحثا عن حل سريع، وقبلت الصياغة المصرية لوقف إطلاق النار..
الهيبة تبعثرت في حرب غزة الأخيرة، ووقفت عاجزة عن فتح معبر رفح بشكل كامل خشية الضربات الإسرائيلية لقوافل المساعدات، ثم هي نقف الآن متفرجة على إنشاء ميناء بحري في غزة سيكون بديلا لمعبر رفح؛ ما يفقد مصر آخر أوراقها التي تمنحها دورا مهما في غزة، وينتقص من مكانتها عموما
لكن تلك الهيبة تبعثرت في حرب غزة الأخيرة، ووقفت عاجزة عن فتح معبر رفح بشكل كامل خشية الضربات الإسرائيلية لقوافل المساعدات، ثم هي تقف الآن متفرجة على إنشاء ميناء بحري في غزة سيكون بديلا لمعبر رفح؛ ما يفقد مصر آخر أوراقها التي تمنحها دورا مهما في غزة، وينتقص من مكانتها عموما.
كانت مصر في مرحلة "الغرغرة" اقتصاديا قبل أيام من طوفان الأقصى، ديون خارجية تجاوزت 165 مليار دولار، وأقساط وفوائد حل أجل دفعها خلال العام 2024 بقيمة 34 مليار دولار، بخلاف ما يستحق للأعوام التالية، بينما كان احتياط النقد الأجنبي في البنك المركزي 33 مليار دولار فقط. وهناك العديد من المشروعات الكبرى التي عجزت السلطات عن استكمالها فقررت تجميدها عند مراحلها الأولى، وكميات ضخمة من الواردات السلعية محتجزة في الموانئ المصرية بسبب نقص العملة الصعبة لسداد مستحقاتها، أضف إلى ذلك فاتورة واردات سنوية تبلغ حوالي مائة مليار دولار، فيما تراجعت الصادرات بنسبة 25 في المئة في الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حيث سجلت حوالي 31.5 مليار دولار، بانخفاض نحو 7.8 مليار دولار وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
زاد من صعوبة الموقف تشدد صندوق النقد الدولي في مطالبه المرتبطة بقرض بسيط قيمته 3 مليارات دولار فقط لعلاج بعض الخلل في الميزانية، حيث كان يلح على تعويم الجنيه بشكل عاجل، وعلى خصخصة القطاع الاقتصادي العسكري، وفي الوقت نفسه (قبل طوفان الأقصى) أعلنت الدول الخليجية التي اعتمدت عليها مصر من قبل كثيرا؛ توقفها عن تقديم مساعدات جديدة.. وكل هذا تغير تماما بعد الطوفان.
الأزمة الاقتصادية الجديدة جاءت حرب غزة بردا وسلاما على النظام رغم أنها تسببت في تراجع إيرادات قناة السويس مؤخرا بحدود 50 في المئة بعد ضربات الحوثيين للسفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الكيان عبر البحر الأحمر، فجأة اكتشف الغرب وتابعوه من العرب أهمية مصر في المعركة، فهي الدولة المجاورة مباشرة لقطاع غزة، وهي التي تملك السيادة على معبر رفح شريان الحياة للقطاع، وهي تملك في الوقت نفسه علاقات طبيعية مع الكيان الصهيونيأصبح السيسي أكثر استعدادا لفعل أي شيء لإنقاذ نظامه، خاصة أن لديه سابق خبرة حين تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ثمنا لدعمها الكبير له عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وقد استطاع قمع الاحتجاجات الشعبية، كما أهدر حكما قضائيا باتا صادرا من المحكمة الإدارية العليا ببطلان ذلك التنازل، كما أنه سكت عن الممارسات الإماراتية الماسة بالأمن القومي المصري في أفريقيا خاصة في إثيوبيا والسودان، وقبِل تمدد دورها على حساب مصر فيما يخص القضية الفلسطينية والتطبيع الإبراهيمي.
في الأزمة الاقتصادية الجديدة جاءت حرب غزة بردا وسلاما على النظام رغم أنها تسببت في تراجع إيرادات قناة السويس مؤخرا بحدود 50 في المئة بعد ضربات الحوثيين للسفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الكيان عبر البحر الأحمر، فجأة اكتشف الغرب وتابعوه من العرب أهمية مصر في المعركة، فهي الدولة المجاورة مباشرة لقطاع غزة، وهي التي تملك السيادة على معبر رفح شريان الحياة للقطاع، وهي تملك في الوقت نفسه علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني.
مع الاجتياح الإسرائيلي للقطاع ورفعه شعار التهجير، اتجهت عيون الكيان وداعميه إلى مصر كمكان مناسب لهذا التهجير، وبدأ التلويح بورقة المساعدات المالية الضخمة لإنقاذ الاقتصاد المصري ثمنا لذلك، وعلى الرغم من الموقف الرسمي المصري المعلن الرافض للتهجير إلى سيناء واعتبار ذلك خطا أحمر، إلا أن محاولات الالتفاف على هذا الموقف المصري من قبل الكيان الصهيوني وداعميه لا تزال قائمة، وهذه المحاولات لا تنطلق من فراغ بل لقناعتها بإمكانية تحقيق ذلك عبر حوافز أكثر تشجيعا، مستغلة الحالة المتردية للاقتصاد المصري وحاجة النظام للمزيد من المليارات لسداد ديونه واستكمال مشروعاته، والإنفاق على أساسيات الحياة.
بناء ميناء بحري في غزة بحجة تسهيل وصول المساعدات إلى سكان القطاع يمثل خطورة كبيرة ليس فقط على الوضع في غزة، بل على الأمن القومي المصري وعلى الدور المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، فهذا الميناء الذي يتم تأسيسه دون موافقة من الجانب الفلسطيني، والذي سيفتح الباب لدخول قوات أمريكية وغربية دون موافقة فلسطينية أيضا، سيكون أيضا ثغرة لتنفيذ مخطط التهجير بطريقة التفافية، فمع تزايد القصف الجوي والبري،ليس خافيا أن هذا التغير المفاجئ في مواقفها يرتبط بشكل أساسي بحرب غزة والدور المصري الراهن، والمستقبلي حيالها، وأيضا الدور المصري في مكافحة الهجرة إلى أوروبا ومع احتمال وقوع الاجتياح الشامل لمدينة رفح التي تحتضن أكثر من مليون لاجئ ستكون الفرصة سانحة أمام آلاف الفلسطينيين الذين يريدون النجاة من الموت، وستقدم الولايات المتحدة والدول الأوربية تسهيلات كبيرة لمن يرغب في الخروج، واستضافتهم في دول أوروبية وعربية وستكون مصر من تلك الدول، حتى لو لم يكن التوطين في سيناء بل في محافظات مصرية أخرى، وسيبرر النظام المصري الأمر ساعتها بأنه جزء من تسوية دولية مؤقتة للأزمة.
بالإضافة إلى صفقة رأس الحكمة التي بلغت 35 مليار دولار، أبرمت مصر اتفاقات برقم مماثل تقريبا مع الاتحاد الأوربي، ومع صندوق النقد، والبنك الدولي، وبعض المؤسسات الدولية، بعد أن كانت هذه الأطراف متشددة أو رافضة لتقديم المساعدات من قبل، وليس خافيا أن هذا التغير المفاجئ في مواقفها يرتبط بشكل أساسي بحرب غزة والدور المصري الراهن، والمستقبلي حيالها، وأيضا الدور المصري في مكافحة الهجرة إلى أوروبا.
هذه المليارات يمكن أن تسهم في حلول ولو جزئية للأزمة الاقتصادية، لكنها تنتقص حتما من هيبة مصر ودورها ومكانتها، فمن يمد يده لا يستطيع مد رجله كما ذكرنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.