نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تحليلا للإجابة عن سؤال مهم وهو: كيف هزمت حماس أقوى تكنولوجيا في العالم؟ وهو السؤال الذي يتردد منذ انطلاق "طوفان الأقصى" في وجه إسرائيل والذين معهم. وأشارت المجلة إلى " تردد أصداء عملية "طوفان الأقصى" في قاعات البنتاجون والمؤسسات العسكرية في العديد من البلدان، ويشعر الخبراء العسكريون بالقلق بشأن ما يعتبره البعض اعتماداً مفرطاً على الأمن عالي التقنية للحفاظ على المنشآت والأوطان آمنة من الهجوم، فإذا كان الأمن الإسرائيلي غير قادر على توفير الحماية ضد منظمة ذات تكنولوجيا بسيطة نسبياً مثل حماس، فما هو الدمار الذي يمكن أن تحدثه روسيا أو الصين أو أي خصم متقدم آخر؟ ونستعرض في السطور التالية تحليل المجلة الأمريكية الشهيرة:
إن الدروس التي يتعلمها البنتاجون هائلة، منها أن الدول التي تتمتع بأعلى وسائل الدفاع التكنولوجية والجيوش الأكثر حداثة لن تفوز بالمعركة بالضرورة.
بالنسبة للولايات المتحدة، ربما يكون الدرس الأكبر هو أن الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة ليس دائما بديلا جيدا، ولهذا السبب، يدرس المسؤولون العسكريون والأمنيون أداء إسرائيل الكارثي في ثلاثة مجالات أساسية هي: صد المتسللين، وردع الصواريخ، والتنصت على أعدائها.
الجيش الإسرائيلي هو القوة الأكثر قدرة من الناحية التكنولوجية في الشرق الأوسط، يحاول الآن أن يفهم كيف تمكن خصم بدائي من قتل عدد أكبر من اليهود في يوم واحد أكثر من أي وقت مضى منذ المحرقة.
أنفقت إسرائيل أكثر من مليار دولار على حاجزها الحدودي عالي التقنية على طول غزة، والذي اكتمل في عام 2021.
يتكون ما يسمى بالجدار الحديدي من جدران وسياج لا يرتفع حتى 20 قدمًا فوق سطح الأرض فحسب، بل أيضًا تغوص فيه بعمق، لتجعل من الصعب حفر الأنفاق تحتها. تتميز الحدود بمجموعة مذهلة من المعدات المتطورة، بما في ذلك مئات من كاميرات الرؤية الليلية، وأجهزة استشعار الزلازل لالتقاط أصوات الأنفاق من الأعماق، وأجهزة استشعار حرارية للكشف عن حرارة الجسم أو السيارة والرادار لاكتشاف تهديدات الطيران، كما تقوم الروبوتات المتنقلة أحيانًا بدوريات في المحيط. غالبًا ما تنظر المناطيد الصغيرة والطائرات بدون طيار إلى الأسفل من الأعلى كما يمكن إطلاق المدافع الرشاشة الآلية الموجودة أعلى الجدران من منشآت بعيدة أو تشغيلها بواسطة تنبيهات أجهزة الاستشعار لإطلاق النار من تلقاء نفسها، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بالتصويب.
إن فكرة أن الآلاف من المهاجمين سيكونون قادرين على استخدام المتفجرات والمعدات الثقيلة لاقتحام هذه الدفاعات بعنف دون إثارة حالة تأهب واسعة النطاق، كانت تبدو فكرة سخيفة قبل بضعة أسابيع فقط، وكان من المفترض أن ينبه هذا النظام الجيش على الفور إلى أي توغلات صغيرة، ويمنع حتى مهاجمًا واحدًا من اختراق الجدار بهدوء، ناهيك عن مئات المسلحين. كما استعرضت المجلة الأمريكية "خطة هجوم حماس" يوم 7 أكتوبر، ولخصتها في السطور التالية:
1-استهداف الكاميرات وأجهزة الاستشعار الأخرى والرشاشات الآلية، وتفجير أبراج القيادة والاتصالات البارزة المبنية في الجدار.
2-القيام بالتشويش على اتصالات الهواتف المحمولة القادمة من المنطقة الحدودية، ومن المحتمل أن المسلحين استخدموا أجهزة تشويش تجارية محمولة، متاحة على الإنترنت مقابل مبلغ يصل إلى 800 دولار أمريكي وهذه الأجهزة تستخدم تقنية بسيطة لتعطيل الإشارات، مثل إطلاق الضوضاء الإلكترونية على الترددات التي تستخدمها شركات الهاتف المحمول. "إنها إحدى القواعد الأولى للحرب: أخرج اتصالات العدو من الخدمة".
3-تغلبت حماس ببساطة على نظام القبة الحديدية الإسرائيلي من خلال إطلاق أعداد هائلة من الصواريخ حيث أطلقت حماس ما بين 3000 إلى 5000 صاروخ في يوم الهجوم. ولم يكن لدى إسرائيل سوى حوالي 1000 صاروخ اعتراضي في الميدان، ولم يتمكن الجيش من إعادة التعبئة بسرعة كافية لمواكبة وابل الصواريخ التي أطلقتها حماس.
4- التضليل: فشلت إسرائيل وعجزت عن مراقبة حماس والتنصت على مكالماتها الهاتفية، وكذلك فشلت في مراقبة كافة أشكال الاتصالات الإلكترونية الأخرى، حيث اعتمدت إسرائيل على هذا التنصت لتوفير إنذار مبكر لأي هجوم محتمل، على افتراض أنه سيكون هناك أحاديث بين المقاتلين إذا شرعوا أو فكروا في الهجوم، ومن الواضح أن حماس نجحت في تحويل هذه القدرة لتكون ضد الإسرائيليين ليس فقط من خلال الاعتماد بشكل صارم على الاتصالات المباشرة وجهاً لوجه خلال التخطيط للهجوم، ولكن من أيضا من خلال الإدلاء عمداً بتعليقات في مكالمات هاتفية تشير إلى قلة الرغبة في المواجهة من أجل تضليل الإسرائيليين .
مع اجتياح حماس للقواعد العسكرية الإسرائيلية القريبة، وطمس أعينها الإلكترونية، وقطع اتصالاتها المحلية والتشويش عليها، بقيت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أكثر من ساعتين وهي لا تعلم بالغزو الذي قامت به حماس، ومرت ست ساعات قبل إصدار إنذار بأن هناك أزمة كبيرة.
5-التغلب على الميركافا: تعد دبابة الميركافا واحدة من أكثر الدبابات تقدمًا في العالم، وهي مليئة بالمدافع القوية وإلكترونيات الاستهداف المتطورة وأحدث الدروع الدفاعية، لكن المهاجمين فجروا الدبابة بسرعة، مستخدمين نفس الحيلة التي استخدمتها القوات الأوكرانية ضد الدبابات الروسية: إسقاط قنابل يدوية من طائرات صغيرة بدون طيار (متاحة تجاريا). وسرعان ما واجهت الميركافا الثانية المهاجمين ولقيت نفس المصير.