رغم المصافحة الحارة بين السيسي وآبي أحمد رئيس وزراء إثيويبا والإعلانات الدبلوماسية الأخيرة عن قرب التوصل لاتفاق نهائي لسد النهضة، إلا أن أثيوبيا تستمر في ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع، دون اكتراث بمطالب مصر أو حاجياتها وأزماتها، ضاربة عر الحائط بمقولات السيسي، "العفي محدش يأكل أكله"، حيث تبرهن تحركات أثيوبيا المنفردة في ملف سد النهضة على أن السيسي مجرد قطة سيامي خانعة، لا تستطيع الدفاع عن نفسها، سواء بالمواء والانكماش فقط. وفي هذا الإطار، كشف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، عن كارثة جديدة تضرب مصر، خلال الأيام الجارية، وهي فقدان مصر 12 مليار متر مكعب من مياه النيل هذا العام بسبب الملء الرابع لسد النهضة الإثيوبي. وقال شراقي: إن "المخزون المتوقع للمياه بسد النهضة مع نهاية الملء الرابع سيبلغ 41 مليار متر مكعب، مرجحا أن تفقد مصر في هذه المرحلة ما يقرب من 12 مليار متر مكعب من المياه" حسبما أورد موقع مصراوي. وكان شراقي نفسه قد قدر خسارة مصر لنحو مليار دولار عجزا في المنتجات الزراعية، مع كل عجز مائي بمقدار مليار متر مكعب، وهو ما يعني أن تفقد مصر 12 مليار دولار، خلال الصيف الجاري. وأوضح أن مصدر الأزمة في قضية سد النهضة يتمثل في سياسة فرض الأمر الواقع والنظر من مصلحة الجانب الأوحد، في إشارة إلى قيام إثيوبيا بملء خزان النهضة دون التنسيق مع دولتي المصب، وتعنتها في مفاوضات إدارة السد. وكانت عدة تقارير تحدثت مؤخرا عن إعلان أثيوبيا عن استعدادها لبيع كميات من المياه لإسرائيل، ولمن يريد من دول حوض النيل، ودول خارج حوض النيل، وهو ما يعد كارثة مائية تضرب مصر، التي قد تضطر لشراء المياه من أثيوبيا، للنجاة من بوار أكثر من نصف مساحة الأراضي الزراعية، التي قد تتسبب في هجرة أكثر من 40 مليون مواطن من أراضي الدلتا، إلى المدن والخارج مصر، بنص شكوى وزير الخارجية سامح شكري إلى مجلس الأمن، وفي 14 يوليو الماضي أعلنت القارة عن اتفاق السيسي وآبي أحمد على الانتهاء خلال أربعة أشهر من صياغة اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا. وأفاد بيان مشترك نشرته رئاسة الانقلاب في مصر بأنه "ناقش الطرفان سبل تجاوز الجمود الحالي في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي". واتفقا، بحسب البيان، على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان، لملء سد النهضة وقواعد تشغيله خلال أربعة أشهر". وأتى لقاء الطرفين على هامش اجتماع الدول المجاورة للسودان في محاولة لحل الأزمة التي يشهدها إثر الصراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق حول ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن اتفاقا. ورغم أن مصر والسودان حضتا مرارا إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد إلى حين التوصل لاتفاق شامل، فقد أعلنت أديس أبابا، في 22 يونيو، استعدادها لإطلاق المرحلة الرابعة من ملء خزان السد الذي تبلغ سعته نحو 74 مليار متر مكعب من المياه. وفي هذا الصدد، بحسب بيان الخميس، "أوضحت إثيوبيا التزامها، أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024، بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين، تعتمد مصر على نهر النيل لتأمين 97 % من احتياجاتها المائية". ودشنت إثيوبيا رسميا، في فبراير من عام 2022، إنتاج الكهرباء من السد الذي تُقدمه على أنه من بين الأكبر في أفريقيا، وتم تعديل هدف إنتاجه من 6500 إلى 5000 ميغاواط، أي ضعف إنتاج إثيوبيا الحالي، ويتوقع أن يبلغ كامل طاقته الإنتاجية، عام 2024.